السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما يخشاه المسلمون الأميركيون

1 يناير 2017 23:35
تنكب إدارة باراك أوباما حاليا على تفكيك برنامج تابع لوزارة الأمن الداخلي أنشئ بهدف رصد وتتبع المهاجرين من بلدان ذات أغلبية مسلمة في محاولة لمنع الرئيس المنتخب دونالد ترامب من إنجاز وعده الانتخابي بإنشاء سجل للمسلمين. وبوصفي مسلمة أميركية وناشطة مدافعة عن حقوق الإنسان، فإنني آمل ـ رغم ضآلة احتمالات تحقق هذا الأمل- ألا يقوم الجنرال المتقاعد جون كيلي، المرشح لمنصب وزير الأمن الداخلي، بإعادة إنشاء هذا البرنامج. كيلي ليس مشهورا بالانتصار لحقوق الإنسان. ذلك أنه حين كان قائدا للقيادة الأميركية الجنوبية، كان يشرف على معتقل جوانتانامو، وكان كثيرا ما يرفض التخوفات المتعلقة بحقوق الإنسان هناك، على الرغم من أن عشرات الأشخاص قضوا في الأسر من دون أن توجه إليهم أي تهم. كما أن الكثيرين كانوا يطعَمون قسرا بعد خوضهم إضرابات عن الطعام. ومع ذلك، فقد يصبح أفضل أملٍ لنا في إدارة ترامب. حين كان على رأس القيادة الجنوبية، كان كيلي يوجه دعوات لنقاده من منظمات حقوق الإنسان. وكل سنة، كان يدعو منظمةَ العفو الدولية ومنظمات أخرى إلى الانضمام إليه من أجل نقاش صريح حول طاولة مستديرة. وبعد أحد الاجتماعات، شرح لي وجهة نظره وأصغى إلي على انفراد. لقد بات الحوار والاحترام في المناخ السياسي الحالي المتسم بالاستقطاب الشديد شيئين نادرين للغاية. ولكنهما مهمان جدا. ولو أتيحت لي فرصة التحدث مع كيلي اليوم، فأعتقد أنه كان سيصغي إلي. وكنتُ سأقول له إن النشطاء باتوا يخشون التعرض لانتقام الحكومة أو الخضوع للمراقبة إنْ هم رفعوا أصواتهم وعبّروا عن آرائهم. فتغريدات ترامب حول تجريد الأشخاص من الجنسية لقيامهم بتجاوزات معينة تذكّرنا جميعا بالمستبدين الأجانب الذين يهدّدون بسجن الناس بسبب معارضتهم السلمية. والحال أن الأشخاص مثلي – الأميركيين العاديين الذين لديهم أسماء وأصول من بلدان ذات أغلبيات مسلمة – يخشون أن يوضعوا على قوائم مراقبة، ويُمنعوا من دخول الولايات المتحدة بسبب هوياتهم. والواقع أن كثيرا من الناس – أميركيون- أفارقة، وأميركيون يهود، وأميركيون مسلمون، ومهاجرون ممن عاشوا معظم حياتهم كراشدين هنا في أميركا – قضوا موسم أعياد الميلاد يتبادلون قصصا حول تهديدات وتحرشات، بل وحتى هجمات عنيفة تعرضوا لها على أيدي مواطنين لهم يعتقدون أن الانتخابات تمنحهم ترخيصا لارتكاب جرائم تحركها الكراهية. وأعتقد أن «كيلي» قد يصغي لي، ليس لأنه يتفق معي، وإنما لأنه يرغب في التحدث. وغني عن البيان أن مسؤول أمن قومي يثمّن الحوار ويؤثِره على السجالات هو ما نحتاجه لكبح أفكار ومقترحات ترامب المخيفة بخصوص محاربة الإرهاب. يجب على كيلي«ألا يعيد إحياء نظام تسجيل الدخول والخروج التابع للأمن القومي. إنه رجل ذكي يدرك أن تخصيص سجل للمسلمين يمثل وسيلة خاطئة لمحاربة الإرهاب. فمسؤولو إنفاذ القانون يحتاجون لأشخاص يثقون فيهم ويمدّونهم بالمعلومات، لا أن يهابوهم ويتجنبوهم. والحال أن من شأن سجل خاص أن يترك تأثيرات سلبية بين المهاجرين، ما سيخلق مخاوف وحالة من عدم اليقين، مخاوف أكثر من إنفاذ القانون وأمنا أقل. بيد أنه خلافاً لبعض مستشاري ترامب الآخرين في الأمن القومي، يبدو أن كيلي لا يعاني من أحكام مسبقة سامة ضد المسلمين. والحال أن مقترحات حظر دخول المسلمين وتسجيلهم لها علاقة بالأحكام الجاهزة والمسبقة - وليس الأمن والسلامة. إنها تستجيب للتعصب والخوف اللذين يتنافيان مع قيم بلدنا الغالية. كما أنها تمزق نسيج وحدتنا كمجتمع عبر التلميح إلى أن بعض الأشخاص فقط مشمولون بقيمتي الحرية والعدالة. وعلاوة على ذلك، فإنها تقسّم بين الناس أكثر، بعد انتخابات تركتنا أصلا منقسمين ومشرذمين. وقد يكون من السذاجة الاعتقاد أن كيلي – أو أي أحد آخر ضمن إدارة ترامب – سيجازف بحياته المهنية من أجل معارضة مقترحات مناوئة لحقوق الإنسان. والحال أن كثيرا من هذه المقترحات كان سيُعتبر، قبل لحظات قليلة فقط، أمرا لا يمكن تخيله. ذلك أنها تهدّد بإعادة هذه البلاد إلى أقتم فصول في تاريخنا، مثل الاعتقال الجماعي لمواطنين أميركيين وغير مواطنين من أصل ياباني أثناء الحرب العالمية الثانية. إنها مادة لروايات بئيسة، بل لكوابيس. بيد أنه بوسع كيلي رفض تعصّب وعدم عقلانية هذه المقترحات، وينبغي على أعضاء مجلس الشيوخ أثناء جلسة الاستماع التي ستعقد من أجل تثبيته في منصبه أن يحثوه على ذلك. فالوزير المقبل للأمن الداخلي يستطيع رفض تطبيق سياسات ترامب المعادية للمسلمين، ورفض التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي أو أي وكالة أخرى حول مراقبة النشطاء أو المهاجرين جاليات معينة. ولعل الأهم هو أن الجنرال يستطيع أن يوظّف منصبه لإحداث وزن مضاد لمستشارين قد يقولون لترامب إنه ليس في حاجة للإصغاء إلى ملايين الأميركيين الذين يرغبون في حقوق الإنسان والحريات المدنية. لقد كان كيلي دائما مستعدا للإصغاء لمنظمات حقوق الإنسان. واليوم، أتمنى أن يصغي إليه الرئيسُ المنتخب. *مديرة «الأمن وحقوق الإنسان» في فرع منظمة «العفو الدولية» بالولايات المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©