الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأثير الأبوين على المراهقين يتراجع أمام تعدد أقطاب التربية

تأثير الأبوين على المراهقين يتراجع أمام تعدد أقطاب التربية
24 فبراير 2011 19:56
مساعدة المراهقين على أن يصبحوا أكثر اهتماماً بالآخرين واستقلاليةً ومسؤوليةً ليس مهمةً سهلةً ولا أمراً يسيراً. فالكثير من الآباء في أيامنا هذه يعربون عن حيرتهم في كيفية تنشئة أبنائهم. وتطالعنا المجلات المتخصصة كل يوم بنظريات تربوية جديدة يثور أغلبها على النظريات التربوية القديمة، بينما يُزاوج بعضها الآخر بين مناهج التنشئة الكلاسيكية ومزايا التقنيات التربوية الحديثة. أبوظبي (الاتحاد) - إذا اطلعت على هذه النظريات وقارنت بينها، فإنك تلاحظ أنها مختلفة من حيث المنطلق بالأساس، فالتربية في السابق كانت تتناغم إلى حد كبير مع مقولة "ذاك الشبل من ذاك الأسد"، أي أن غالبية الأبناء ينشؤون كما شاء لهما أبواهما ويكون تأثيرهما عليهم كبيراً وحاسماً في رسم ملامح شخصياتهم، أما النظريات التربوية الحالية، فهي تنطلق من منطلق مختلف وهو اتساع قاعدة المربين وتراجع دور الأبوين وتأثيرهما، إذ أصبحت العوالم الافتراضية والتقينات الحديثة من منتديات اجتماعية إلكترونية وأجهزة آفون وآي باد وألعاب فيديو وأفلام سينمائية وقنوات أطفال وتلفزيونات الواقع تُزاحم الأبوين على تربية أبنائهما، بل وسحبت البساط من تحت أرجل الكثيرين منهم، فلم يجدوا بداً من الرضوخ لأمر الواقع وترك رياح التأثير متعدد الأقطاب تهيج وتموج بأولادهم دون أن يعلم أحد على أي المرافئ سترسو بهم، أو بالأحرى تلقي بهم. وأضحت بذلك أكثر انسجاماً مع مقولات “تلك الوردة من تلك الشوكة" أو "تلك الشوكة من تلك الوردة"، أو "تلك الوردة الشوكة لغز غامض". مرحلة مُرهقة تحمل كلمة "مراهقة" معناها في حروفها، فلم تُطلق هذه الصفة على مرحلة ما بعد البلوغ إلا لأنها مرحلة عمرية حساسة جداً وسنوات عصيبة تُرهق الأبناء والآباء على حد سواء وتُتعب أعصابهم. ولذلك فإنها تستدعي من الأبوين اهتماماً مضاعفاً ومُصادقة صدوقةً وتفهماً حقيقياً. ويملك كل أبوين الكثير مما يمكن القيام به لمساعدة الابن أو البنت على عيش هذه المرحلة بشكل صحي سليم، وتخطي عقباتها وتشجيعهم على التعاطي مع أعراضها بقدر من النضج والمسؤولية. ومن أهم مهارات تنشئة الأبناء في مرحلة يفاعتهم هو الانتباه الإيجابي. إذ ينبغي أن يقضي كل أب وكل أم وقتاً مع الابن أو البنت، فالمراهق يكون في هذه المرحلة في أمس الحاجة إلى دعم عاطفي ورعاية حانية. فاحرص على الإصغاء إلى ما يقوله ابنك وابنتك، وعبر عن احترامك لمشاعره ومشاعرها. واعلم أن مقابلة ابنك بالتأنيب والتقريع دون أي إطراء ولا ثناء يُضعف معنوياته ويخلق لديه حالةً من الإحباط النفسي تضره ولا تفيده. ومن ثم وجب على الأبوين ألا ينسيا مدح الابن أو البنت مرة أو مرتين بعد نُصح أو توجيه أو تصحيح لسلوك ما. تقريب المعرضين إذا لمست نفوراً من ابنك وعدم تجاوب مع محاولاتك التقارب والتحادث والتصادق، فلا تتركه لحال سبيله، بل حاول المرة تلو الأخرى. ولا ريب أن تناول الأبوين الوجبات الرئيسية الثلاث مع أبنائهما أو وجبة العشاء على الأقل هو ممارسة يومية فعالة تحفظ خيط التواصل بين الأبوين والأبناء وتقوي علاقة الأبوة والبنوة. فيمكن للأم أن تدعو بنتها للمشاركة معها في طبخ وجبة العشاء مثلاً أو إعداد مائدة الطعام أو غيرها من الأنشطة المنزلية التي تتيح لهما فرصة التحادث عن قرب وتسمح للأم بجس ما يخالج صدر ابنتها من مشاغل أو مشاكل. ويمكن للأب بدوره أن يصطحب ابنه إلى مقهى لاحتساء فنجان قهوة أو مشاهدة مباراة كروية معاً، إذ يتسنى للأب في أنشطة مشتركة كهذه التقرب إلى ابنه وتقوية صداقته به وتشجيعه على التحدث إليه عندما يكون في حاجة إلى ذلك. أما في حال الإعراض التام والمتكرر للابن أو البنت ومجابهة رغبة الأب أو الأم في التقرب بالصد، فيمكن الاستعانة بأحد الأقارب ممن له علاقة جيدة مع ابنك أو ابنتك لتقديم الدعم العاطفي والتوجيه المناسب عند اللزوم، أو المساعدة في حل مشكلة شخصية. تقليل الضغوط تجنب ممارسة أي نوع من الضغوط على ابنك أو ابنتك أو دفعه لأن يكون مثلما كنت، أو ما كنت تتمنى أن تكون في سنه. دعه يعيش سنه بما تقتضيه ثقافة عصره وجيله، اترك له حريةً نسبيةً في اختيار طريقة ملبسه وممشطه، وتقبل اختلافه أو اختلافها معك ما دام في الأمر مراعاة للذوق العام واحتراماً للغير. اتبع معه طريقة الإقناع الهادئ وبالتي هي أحسن إذا رأيت فيه إصراراً على القيام بشيء قد يضره. فإذا كان يريد اتباع الموضة ووشم ذراعه أو جزء آخر من جسده مثلاً، فأوضح له المخاطر الصحية لهذه الممارسة وأضرارها على البشرة مثل تسببها في الحساسية وبعض الأمراض الخطيرة مثل التهاب الكبد الوبائي "بي" و"سي" وغيرهما. أتح له حرية التعبير عن أفكاره وعن شخصيته داخل البيت وخارجه وشجعه على أن يكون نفسه وليس ما يريده الآخرون، وأن يسعى لتحقيق ذاته، لا رغبات الآخرين. لا للإنذارات النهائية لتشجيع ابنك أو ابنتك على التصرف بشكل حسن ومسؤول داخل البيت وخارجه، يُفضل الحديث عما هو مقبول وغير مقبول في كل وسط، سواءً كان البيت أو المدرسة أو مكان آخر. وعند تصرف ابنك أو ابنتك بما يخالف ذلك، تحدث عن نوع السلوك البديل الذي تتوقعه واشرح لهما النتائج التي تترتب عنه بالمقارنة مع السلوك الأول، وأيضاً انعكاس مدى الالتزام به أو مخالفته على فاعله والمحيطين به. وعند وضعك لمثل هذه القواعد، احرص على أن: - تتجنب استخدام مبدأ "الإنذار النهائي". فتعامل أحد الأبوين مع الابن المراهق بلغة الإنذارات النهائية والفرص الأخيرة يعطيه انطباعاً بمحاولة الأبوين ممارسة نوع من القهر والسلطوية ويفسره على أنه تحد له. - تكون محدداً ودقيقاً. فبدل أن تطلب من ابنك ألا يتأخر خارج البيت ليلاً، قل له يجب أن يكون في البيت قبل الساعة كذا. - تكون موجزاً. عند تذكيرك الابن أو البنت بقاعدة ما، كن موجزاً وادخل في صميم الموضوع ولا تكن مُطنباً أو مفصلاً دون داع. - تكتب القواعد في ورقة. فهذه التقنية تساعد على التعامل مع القواعد الموضوعة بجدية وتذكرها بكاملها، أما عدم كتابتها فيؤدي إلى تعامل الابن معها بانتقائية وحسب ما تريد ذاكرته حفظه فقط. - تكون مرناً. فالتشدد مع الابن أو البنت لا يأتي بخير، بل بنتائج عكسية. ولذلك حاول أن تتحلى بالرفق مع أبنائك، خاصةً إذا كان الابن شخصاً مسؤولاً في سلوكاته وتصرفاته، وامنحه قدراً أكبر من الحرية. أما إذا كان الابن يتعامل حتى مع المرونة بالتجاهل أو عدم الاكتراث، ففي هذه الحالة يُنصح بصرامة زائدة وبفرض نوع من القيود. - تكون جاهزاً لشرح قراراتك ودوافعها. فأبناء اليوم يميلون بطبعهم إلى عدم تقبل أي قاعدة أو قرار ما والالتزام به إلا إذا فهموا الغرض منه. - تكون منطقياً. فاحرص على أن تكون أفعالك منسجمة مع أقوالك وأن تكون توجيهاتك معقولة. ابتعد عن اجترار إعطاء النصائح أو التوجيهات غير القابلة للتطبيق أو التي تعرف أنه لن يستطيع تنفيذها. أما إذا كان الأبوان لا يُدركان ما إذا كانت الحدود التي يضعانها معقولةً بالنسبة للابن أو البنت، فيُفضل مناقشة الأمر مع الابن أو أحد الأصدقاء أو الأقرباء من الآباء أو مع طبيب خاص. ولا تنسى إشراك ابنك أو ابنتك في وضع القواعد المتوقع منه احترامها. ترتيب الأولويات على الرغم من أهمية وضع القواعد المتفق عليها وتعويد الأبناء على الالتزام بها حتى ينشؤوا أكثر مسؤولية ونُضجاً، لا بأس من كسر هذه القواعد في بعض الأحيان، لكن على سبيل الاستثناء، مثل غض الطرف عمداً أحياناً عن إنجاز كامل الواجبات المنزلية لسبب ما أو مشاهدة التلفزيون أو وقت الذهاب للنوم لظرف ما. فالقواعد ليست سيان، وإدراك الجميع لأولوية وأهمية هذه القاعدة على أخرى سينمي في الابن مهارة الحكم السديد ويمنحه فرصةً للتفاوض والوصول إلى تسوية. وقبل بدء التفاوض مع ابنك حول أمر ما، يجب أن تقرر مسبقاً إلى أي حد ستلين أو "تتنازل". ولكن لا تتح المجال لأي تفاوض أو تنازل حين يطلب الابن أو البنت السماح بالقيام بشيء فيه خطر على سلامتهما. وليكن الابن على وعي تام أنك تعتبر التبغ أو الكحول أو المخدرات من الخطوط الحمر. شدة ورفق إن تحليك بالرفق واللين لا يعني تخليك عن دور الأب أو الأم، بل إرسال رسائل صحيحة والتدخل بما يُناسب كل مقام، ولتكن ردود أفعالك متناسبةً تماماً مع أفعال الابن. فإذا قام الابن بفعل سيئ جداً، فليكن ردك صارماً ومتناسباً مع مدى سوء فعلته، أما إذا كان سلوكه فيه قدر بسيط فقط من السوء، فليكن استياؤك من فعلته خفيفاً. وفيما يلي بعض استراتيجيات العقاب المساعدة في هذا الإطار: - التجاهل الإيجابي. أخبره أنك ستتحدث إليه فقط عندما يتوقف عن التأوه والتجهم والتذمر، وتجاهله إذا لم يكف عن ذلك. - العقاب. احرص على أن توجه عتابك لفعلته وسلوكه وليس لشخصه، حتى لو تمادى في سلوكاته الرعناء. تجنب استخدام عبارات التأنيب التي تحمل فحوى ساخراً أو تحقيرياً أو تصغيرياً، واحفظ كرامة ابنك حتى عند تقريعه أو لومه. وابتعد تماماً عن انتقاده بحضور أصدقائه أو أقربائه. - فرض قيود إضافية. انزع من ابنك أو ابنتك بعض الامتيازات التي تعني له الكثير مثل حرمانه من هاتفه الخلوي أو حاسوبه الشخصي. ويبقى أهم ما ينبغي تذكير الآباء به هو أن تكون أفعالهم منسجمةً مع أقوالهم سواءً عند الثناء أو العقاب، أو عند وضع القواعد أو خرقها. ومهما يكن التكتيك التربوي المتبع، احرص على ألا يكون العقاب غايةً بحد ذاتها، بل وسيلةً تربويةً تكتسب فعاليتها فقط عند حسن استخدامها، ولا تعاقبي أبناءك أبداً عندما تكونين غاضبةً، ولا تستعملي العنف الجسدي أبداً. واعلمي أن الابن المراهق والبنت المراهقة بأبويهما معجبين ومقتديين، لا سيما إذا عاملاهما بحب وود واحترام، ولذلك فإن تصرفات الأبوين وردود أفعالهما تترك أثراً أصدق وأبلغ بكثير مما يتركه الكلام. عن موقع "mayoclinic.com” ترجمة: هشام أحناش السلامة الإلكترونية حاول معرفة الوسائل التكنولوجية التي يستخدمها ابنك أو ابنتك وقنوات تواصله مع الآخرين، وأيضاً معرفة نوع المواقع الإلكترونية التي يزورها. ويُفضل أن تضع جهاز الكومبيوتر الأساسي ذا الشاشة الكبيرة في مكان مكشوف في البيت. واعمل على تذكير ابنك بضرورة تطبيق الحد الأدنى من قواعد السلامة عند إبحاره في العوالم الافتراضية، وذلك من قبيل: - عدم مشاطرة الآخرين معلوماته الشخصية، عدم الكشف عن كلمة سر بريده الإلكتروني أو أي حساب رقمي لأي شخص، عدم الوثوق في ترتيب موعد مع أي شخص بعد لقاءات ومحادثات افتراضية، عدم إرسال أي رسالة إلا إذا كان قادراً على قولها للمرسل إليه وجهاً لوجه، عدم استخدام الهاتف المحمول أثناء السياقة، الابتعاد القطعي عن ممارسة السرقة الأدبية، والتحدث إلى أقرب الأبوين في حال توصل برسالة مزعجة أو فيها خطورة نفسية أو بدنية عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©