الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

روبير سوليه: عدت إلى مصر متقصياً آثار خطواتي

روبير سوليه: عدت إلى مصر متقصياً آثار خطواتي
6 مايو 2016 22:50
كينتان بواسار ترجمة - أحمد عثمان (فرنسا) روبير سوليه، صحافي وروائي مصري - فرنسي بارز، عمل في جريدة «لوموند» الذائعة الصيت منذ العام 1969 حتى بلغ منصب رئيس تحريرها، قبل أن يكون اليوم ما اصطلح عليه في عالم الصحافة الفرنسية «الوسيط». ولد في القاهرة، حيث أمضى طفولته وشبابه بين أوساط المجتمع القاهري الكوزموبوليتاني الذي ألهمه العديد من الكتابات والدراسات، من بينها «مزاج»، «المملوكة»، «سمافور الإسكندرية»، علاوة على العديد من الدراسات والروايات التاريخية: «حجر رشيد»، «الرحلة الكبيرة للمسلة»، «قاموس حب لمصر»، «مصر هوى فرنسي»، وغيرها من كتب ورد ذكرها في الحوار التالي. * أنت مراقب خبير بمصر، سواء من خلال هويتك أو نتاجك الأدبي. بالضبط، بعض الكلمات حولك وحول نتاجك: ولدت في هليوبوليس العام 1946، ومنذ صدور روايتك «الطربوش» في العام 1992، تستدعي دوماً طفولتك بمقارنتها بجنة عدن. في نوفمبر 2014، نشرت في مجلة «لو آن» مقالاً طويلاً يشعرنا بنوستالجيا تجاه «هليوبوليس» التي تنظر إليها كأنها طيف، هل تُعتبر مفتاح مسيرتك كلها؟ ** بالتأكيد. لم أكن لأشغل هذه المكانة الآن لو لم تواتني الفرصة للعيش في هليوبوليس حتى سن السابعة عشرة. كانت هذه (المدينة) جنة: هادئة، مخضوضرة، بعيدة عن الصخب ودخان القاهرة. أكثر رحابة من اليوم، مع قليل من السيارات. ليست مدينة إنسانية فقط، في مجتمع متميز ومديني راق، وإنما نموذج للتعايش بين مختلف الأشخاص: مصريين، أجانب أو متمصرين، مسلمين، مسيحيين أو يهود، أثرياء أو قليلي الثراء، ولكن من دون شك من الضروري حساب كل شيء: لدينا نزعة تزيين «العصر الجميل»، ذلك العصر الفائت، وتلك هي نوستالجيا بلد الأمس التي تمتزج بنوستالجيا الطفولة. * في عام 1992، كتبت عن مصر وتحولاتها. منذ «الطربوش» (جائزة البحر المتوسط) حتى «السادات» (2013)، هل أنت مجنون دوماً «بمصر»، «عاشق» إلى حد الوله لهذا البلد؟ هل ترى أنك ستنتهي من هذا «البازل» كما ذكرت في مجلة «ماغازين هيستوار، سبتمبر 2013»؟ ** مصر، بالنسبة لي، حب الطفولة. مع الوقت، بدأت تصبح موضوعاً للبحث، بعد عشرين عاماً من منفاي في فرنسا، حينما بدأت الاتصال بها من جديد، كنت في حاجة إلى إيجاد آثار خطواتي: أريد أن أفهم لماذا غادرتها عائلة مثل عائلتي تحيا بصورة جيدة. وهذا منحني رواية «الطربوش» الذي شجعني نجاحها إلى الذهاب بعيداً. بدأت أستكشف مصر تحت كل الزوايا، في كل العصور. وكلما تقدمت في بحثي، عرفت ما كنت أجهله. «عاشق»؟ بالتأكيد. الدارجة المصرية تسحرني. غير أنه ليس بالعشق الهادئ. هناك أشياء لا أتحملها في مصر، وكتبت عنها قبل خمسة عشر عاماً في «قاموسي، قاموس حب (عن مصر)»: سير السيارات، حقوق الإنسان، الختان... بالنسبة لي، لماذا عليَّ أن أصمت أمام كل ما يشوه، كل ما يضعف أو يقلل من قيمة مصر؟ هذا البلد يسحرني ويؤلمني. حينما يؤلمني أشعر بقوة ارتباطي به. * تذكر نزعة كبيرة هاوية لفرنسا في مصر طفولتك. اليوم، لم تزل فرنسا ملتزمة ديبلوماسياً، واقتصادياً، وثقافيا في مصر، عبر مجالات التعليم، الثقافة، الدفاع بالتأكيد، وبعض مشروعات البنى التحتية (إطالة خط المترو، مثلاً)، وهناك جوانب «عاطفية» بين فرنسا ومصر تبدت وقتما رحل عمر الشريف، غير أن الفرانكفونية في حالة تراجع؟ ** خلال فترة طويلة، قابل الهوى الفرنسي لمصر هوى كثير من المصريين لفرنسا: يحلمون بالفرنسية في بلد محتل من قبل الإنجليز طوال 70 عاماً... إنه هوى متبادل. العدوان الثلاثي في عام 1956 أضر كثيراً بهذا الهوى، وإعادة العلاقات بين البلدين بعد ذاك لم تكف لترميمها. مررنا إلى مرحلة أخرى، وهي مرحلة الشراكة – الاقتصادية، السياسية، الثقافية – حتى وإن لم تكن جذوة الهوى قد خمدت. الفرانكفونية تقهقرت، كما هو معروف، في مصر كما في دول أخرى. أتحسر عليها بقوة. لا يتعلق الأمر بمقاومة اللغة الإنجليزية، التي لا غنى عنها في الاتصال بالعالم بأسره، وإنما باختيار – علاوة على اللغة (العربية) – لغة ثقافية، التي ربما تكون اللغة الفرنسية، ولكن المستقبل للغات الثلاث!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©