الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتحاد الأوروبي... تجربة تنبض بالحياة

الاتحاد الأوروبي... تجربة تنبض بالحياة
2 يونيو 2009 02:51
الأخبار التي تفيد بموت الاتحاد الأوروبي فيها كثير من المبالغة والتهويل. وعلى الرغم من التوقعات التي ترجح نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي تجرى هذا الأسبوع - وبالتالي، «هزيمة قاتلة للديمقراطية» – فإن الاتحاد الأوروبي مازال موجوداً ينبض بالحياة، ومازال ديمقراطياً، بل ديمقراطياً جداً. صحيح أن نسبة المشاركة المنخفضة التي بلغت 46 في المئة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة لعام 2004 يُتوقع أن تزداد انخفاضًا لتصل إلى نسبة محرجة في حدود منتصف الثلاثينيات هذه المرة. غير أن ذلك تقابله نقطتان إيجابيان تغطيان على مشكلة نقص المشاركة. أما النقطة الأولى، فتتمثل في حقيقة أن الديمقراطية التمثيلية تمنح البرلمانات الوطنية وحكوماتها دوراً كبيراً جداً في الاتحاد الأوروبي. فالناخبون يقومون بانتخاب هذه الحكومات ويمنحونها السلطة من أجل «جمع وحشد» السيادة الوطنية ونقل التمثيل الاقتصادي الخارجي، على سبيل المثال، إلى المفوضية الأوروبية. وبعد ذلك، تتحدث المفوضية باسم جميع أعضاء الاتحاد السبعة والعشرين، وتحصل لهم في مفاوضات التجارة العالمية على اتفاقات وصفقات أفضل مما كانوا سيستطيعون الحصول عليه بشكل منفرد؛ على أن المستفيد الأكبر في نهاية المطاف هو المستهلك الأوروبي. أما النقطة الثانية، فهي أكثر تعقيداً وغير متوقعة. وفي هذا الإطار، يقول «بيدرو مجاليس»، منظم ومحلل استطلاعات الرأي بمعهد العلوم الاجتماعية التابع لجامعة لشبونة، إن استطلاعات الرأي تشير إلى ظاهرة على مستوى البلدان الأعضاء الجنوبية بالخصوص، وتتمثل في كون المواطنين هناك يثقون في الاتحاد الأوروبي أكثر بكثير مما يثقون في حكوماتهم الوطنية. فعلى سبيل المثال، ينظر المواطنون في البرتغال وإيطاليا ورومانيا إلى الاتحاد الأوروبي على اعتبار أنه أقل فسادا وعشوائية مقارنة مع سياسييهم. كما يقدِّرون التنمية الاقتصادية التي جلبها لهم الاتحاد وتراجعَ الفساد أثناء تنفيذ هذه البلدان المتوسطية للإصلاحات التي تشترطها مؤسسات الاتحاد من أجل التأهل لمنحات ومساعدات الاتحاد الأوروبي والاستفادة منها. ولنأخذ البرتغال على سبيل المثال. فقد كانت واحدة من أفقر البلدان في أوروبا حين انضمت إلى المجموعة الأوروبية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. ولم تساعد العضوية البلدَ على تثبيت الديمقراطية في أعقاب نصف قرن من ديكتاتورية «أنتونيو دي أوليفيرا سالزار» فحسب، وإنما جلبت له أيضاً شبكة متطورة من الطرق التي مولها الاتحاد الأوروبي، وساعدت على توحيد البلاد وأوربته، إضافة إلى القوانين والتنظيمات المصرفية والاقتصادية التي جعلته ذا قوة تنافسية في عالم معولم. وعلاوة على ذلك، فقد منحت العضوية الكثير من البرتغاليين الشباب فرصة غير مسبوقة للدراسة في المعاهد والجامعات في باريس وبرلين ولندن؛ وسرَّعت انتقال البرتغال من بلد يشبه بلدان القرن التاسع عشر إلى بلد آخر يعيش في القرن الحادي والعشرين. وهو ما يفسر حقيقة أنه لا يوجد أي حزب برتغالي كبير اليوم يتجرأ على معارضة عضوية لشبونة للاتحاد الأوروبي، كما يقول «مجاليس». والحقيقة بوسع المرء أن يذهب إلى حد القول إن الاتحاد الأوروبي اليوم يتحكم في السياسة الوطنية. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن إحدى اللوحات الإعلانية التي نُصبت بمناسبة حملة الانتخابات البرلمانية الأوروبية هنا تقول «غيِّر أوروبا، غيِّر البرتغال» – بهذا الترتيب - وتعارض الائتلاف الاشتراكي الحاكم. وفي هذه الأثناء، يخوض الاتحاد الأوروبي أخيراً حملة شرسة وقوية خاصة به، حيث تشجع الملصقات الكبيرة هنا الناخبين على اختيار أي نوع من الطاقة يريدون – الطاقة النووية أو الشمسية أو تلك المستخرجة من الوقود الأحفوري أو من الرياح – وذلك عبر التصويت لممثليهم الأوروبيين بشكل مباشر. في حين تدعو قافلة إعلانية مزودة بكاميرا إنترنت الناخبين إلى نقل رسائلهم إلى جمهور على شاشة كمبيوتر عملاقة في العاصمة البلجيكية بروكسل. وفي هذا السياق يقول «كلوديو روبيلو»، وهو محلل تأمينات «إن نتائج عضوية الاتحاد الأوروبي إيجابية؛ وإذا لم تكن أكثر إيجابية، فينبغي أن نلوم أنفسنا». وسيدلي «روبيلو» بصوته في هذه الانتخابات في السابع من يونيو الجاري. ومع الوقت، فإن جيله يفترض أن يسد ذلك العجز الديمقراطي الآخر للأوروبيين الذين لا يستغلون عضويتهم في الاتحاد الأوروبي على أكمل وجه. إيليزابيث بوند – لشبونة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©