الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية أميركا الجديدة··· لبناء الأمم

استراتيجية أميركا الجديدة··· لبناء الأمم
26 ابريل 2008 02:41
لطالما قاوم الرئيس ''جورج بوش'' كافة النداءات التي وجهت إليه بشأن تبني استراتيجية محددة لبناء الأمم، خلال حملته الانتخابية الرئاسية لعام ،2000 إلا أن مجلس وزراء حكومته أجرى تغييراً جوهرياً بعد ثماني سنوات لاحقة لتلك الانتخابات، في الطريقة التي يمكن بواسطتها للولايات المتحدة أن تساهم في بناء الدول والشعوب الأخرى، وبما أن حجم الإنفاق الحكومي في ظل الإدارة الحالية قد بلغ مليارات الدولارات المخصصة لإعادة بناء كل من أفغانستان والعراق، فقد أصبح لا مناص للإدارة من أن تواصل دعمها لجهود مماثلة تُجرى في عدة دول أخرى في العالم، خاصة الناهضة منها للتوٍ من ويلات الحروب الأهلية والنزاعات ونير الأنظمة الديكتاتورية المستبدة· غير أن المحللين السياسيين، وكذلك أعضاء الكونجرس الأميركي اتفقوا على تحذير الإدارة من مغبة الإفراط في التعويل على جهود وزارة الدفاع وحدها، التي تتولى تنظيم برامج التدريب والتسليح الحربيين للقوات النظامية للدول المعنية بهذا العون، وسبب تحذير هؤلاء هو أن من شأن التعويل الزائد على الجانب الحربي والدفاعي من عملية بناء الأمم أن يضعف المؤسسات والوكالات الأميركية الأخرى الناشطة في مجال القوة الناعمة غير العسكرية، هذا ما أكدته ''كاثلين هيكس'' -زميلة رئيسية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن- بقولها: ''من رأيي أن الإدارة لن تفعل شيئاً لتغيير السياسات المتبعة حالياً، وهي السياسات المؤدية إلى تقويض الدور المدني الذي تقوم به المؤسسات الناشطة في مجال القوة الناعمة، ولهذا السبب فإنه لن يكون في مقدور وزارة الخارجية مطلقاً المنافسة مع البنتاجون سواء من ناحية التمويل أم الطاقم البشري، في جهود إعادة بناء الأمم هذه، طالما اقتصرت هذه الجهود على الجانب العسكري وحده''· يذكر أن وزير الدفاع ''روبرت جيتس'' ووزيرة الخارجية ''كوندوليزا رايس'' قد حضرا جلسة استماع عقدتها في الأسبوع الماضي إحدى اللجان التابعة لمجلس النواب، وطالبا خلالها بتحديد سقف تشريعي ثابت لتمويل خطط الإنفاق على البرامج الخاصة بتدريب وتسليح القوات الأمنية للدول المستهدفة ببرامج إعادة البناء، على أن تعمد وزارة الخارجية إلى التعاون أو العمل المستقل من أجل دعم هذه البرامج والخطط الدفاعية، أو أي خطط أخرى لها صلة بالبرامج المذكورة، وقد طالب كلا الوزيرين بزيادات كبيرة في حجم الإنفاق الحالي، إذ قفز المبلغ المقترح من 300 مليون دولار سنوياً بالنسبة للجيش، كي يتمكن من تنفيذ خططه الخاصة بتدريب القوات الأمنية للدول المعنية، إلى 750 مليون دولار سنوياً، وفي الوقت نفسه تم تقديم طلب تشريعي مستقل، يقضي بتحويل مبلغ 100 مليون دولار سنوياً من البنتاجون إلى وزارة الخارجية، كي تتمكن هذه الأخيرة من تقديم الدعم المدني اللازم للدول التي تجري عملية إعادة بنائها· إيجازاً يمكن القول إن هذه المقترحات التي تندرج تحت نصوص ''قانون بناء الشراكات الدولية'' إنما ترمي مباشرة إلى تمديد الجهود العسكرية التي يبذلها الجيش الأميركي سلفاً في عدة دول حول العالم، من بينها جورجيا والصومال وهاييتي، وعلى حد قول بعض المحللين والاستراتيجيين، فإن الولايات المتحدة تمر بمرحلة مستمرة من ''النزاعات الوقائية'' التي يسهم فيها بناء جيوش حكومات الدول الفاشلة وتمكينها عسكرياً من الحيلولة دون أن يكون للمتطرفين والإرهابيين موطئ قدم فيها· لكن وبسبب ضخامة الموارد المالية والبشرية الهائلة المخصصة للجيش، في مقابل هزال الموارد المخصصة لكل من وزارة الخارجية و''وكالة العون الأميركي'' فقد تحول الجيش عملياً إلى كونه المنفرد الوحيد بعملية إعادة بناء الأمم هذه، وفي هذا ما يثير قلق أعضاء الكونجرس الذين يجزعون للاستنزاف الذي حدث للجيش الأميركي وتحمله أعباءً تفوق طاقته كثيراً، ومما لا شك فيه أن الطلبات الجديدة التي تقدم بها كل من ''روبرت جيتس'' و''كوندوليزا رايس'' لن تزيد هذا الاستنزاف إلا استنزافاً إضافياً، نتيجة زيادتها للأعباء التي ينهض بها الجيش، لكن وبظهور ''رايس'' في الاجتماع المشار إليه مع لجنة مجلس النواب، جنباً إلى جنب مع وزير الدفاع ''روبرت جيتس'' يبدو أن صفحة الخلاف المستمر بين الوزارتين قد طويت، خاصة بعد أن أبدت ''رايس'' موافقتها على ما قاله ''جيتس'' وتأكيد عزمها على مواصلة ذات النهج في التعاون معه· بيد أن عملية بناء الأمم، ربما تتطلب من الموارد البشرية، أكثر مما يتمتع به الجيش حالياً، بقوته البالغة 1,4 مليون جندي في الخدمة، وهذا ما أكدته النائبة الجمهورية ''إلين تاوشر'' من ولاية كاليفورنيا -في جلسة الاستماع التي عقدت في الأسبوع الماضي- بقولها: ''لقد خرجنا من القرن العشرين ونحن أكثر قناعة بأننا مطالبون بالمزيد من الاستثمار في تكنولوجيا الحرب الذكية، والاستراتيجيات الذكية التي لا تتطلب جهداً بشرياً كبيراً، غير أن الحقيقة التي تكشفت لاحقاً أن الأمر كله يعتمد في المقام الأول على الطاقم البشري، وأنه ليس لنا ما يكفي من هذه الموارد في الوقت الحالي''، ومما يزيد من الحاجة للموارد البشرية -العسكرية منها والمدنية- هو ضمور الوكالات المعروفة تقليدياً بتوفيرها للطاقات البشرية المطلوبة في الدول النامية، ولعل أفضل مثال لهذا الضمور أن وكالة ''العون الأميركي'' -التي كانت تبلغ فروعها المنتشرة في شتى أنحاء العالم نحو 15 ألف فرع إبان حرب فيتنام- قد تقلصت اليوم إلى 1100 فرع فحسب· جوردون لوبولد كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©