الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا مفر من القدر

3 يونيو 2009 01:16
«لا مفر من المكتوب». عبارة تمر علينا مروراً عابراً حينما نشاهد الأحداث الجارية حولنا في فلسطين والعراق وغيرها من مناطق العالم المليئة بالضحايا الأبرياء، لكن حينما يأخذنا القدر إلى قائمة المصابين، لنردد العبارة السابقة، وكأننا نعيشها للحظة الأولى. وهكذا تدور الأيام، وتعلن الأحداث في رسالة عملية مفادها أنه «لا مهرب من القدر»، فها هي أم زايد يرفرف داخلها حلم كل امرأة في الوجود، فتطير فرحاً فوق كل أحداث الحياة، عندما يخبرها الطبيب أنها حامل في شهرها الأول، لتبحر مع مستقبل تنتظره، وكأنَّ السعادة أمطار بدأت تنزف من سحب الخير والنماء. وتراقب أم زايد مراحل حملها بحذر حتى بلغ الجنين شهره الرابع، لندخل في حدث درامي صنعه واقع يجب تغييره حتى لا يغتال مستقبل الوطن، وتفقد بناتنا حلم الحياة. وها هي أم زايد تسافر لإحدى الدول الخليجية بطريق البر خوفاً على الحلم والأمل، معتقدة أنَّ ذلك أكثر أمناً، وهنا يقول القدر كلمته ليعلم كل كائن حي أنَّ المكتوب لا يلاحقنا، وإنما نحن الذين نسعى إليه، وإن اعتقدنا أننا يمكن أن نهرب منه، حيث شاءت الأقدار أن تمر عبر جهاز الكشف بالأشعة على السيارات، وهي لا تعلم أنَّ هذه الأشعة قد تضر بجنينها. وسافرت براً مطمئنة ورجعت إلى أرض الوطن، لكنَّها فوجئت بتوقف حركة الجنين داخلها، وتلك الحركة التي كانت تداعب حلم الأمومة في مزيج مختلط من الألم والفرح لا يمكن حدوثه سوى في تلك اللحظات. وبعد مرور ساعات من غياب حركة الجنين ذهبت ضحية أجهزة الأشعة إلى أحد المستشفيات، ليباغتها الطبيب بأنَّ جنينها المنتظر لا ينبض بالحياة. وباتت تلك العبارة تشكل ضجيجاً في أذنيها، وكأنَّها لم تسمع شيئاً، وراحت تردد ماذا؟ ماذا قلت؟ والطبيب يكرر نتائج الفحص بأنَّ الجنين لا ينبض بالحياة، نتيجة تعرضه لأشعة قوية أدت إلى تلف أعصاب المخ مما أدى إلى مفارقته الحياة. ولم تصدق أم زايد ما قاله الطبيب متمنية أن يكون التشخيص خاطئاً، وبدأت جولتها في العديد من المستشفيات، ليجمع الأطباء على أنَّ الجنين قد فارق الحياة بسبب الأشعة التي تعرضت لها الأم عند العبور براً. وهنا دارت الدنيا بأم زايد لتردد وبشكل عفوي: لا مهرب ولا مفر من قدر الله، وسلمت أمرها لربها معلنة لنا جميعا بأنَّ علينا الرضا بالقضاء والقدر، وألا نظن برهة أن أحداً قادر على الهروب من المكتوب. يا أم زايد اصبري واحتسبي فإن جنينك ذهب إلى جوار ربه فلا تحزني، فهو في الجنة لأنه لم يصل سن التكليف، وإذا احتسبته عند الله فسيكون طريقاً يدخلك الجنة، ادخلنا الله جميعا جنته ورحمته. وأقول للمسؤولين في بلدنا الطيب إنَّ مأساة أم زايد إنذار مبكر وعاجل لأن يراجعوا تأثيرات تلك الأجهزة من الناحية الصحية على الجميع، وإنني وغيري على يقين بأنَّ المسؤولين لا يتوانون لحظة واحدة من أجل الحفاظ على أبناء الوطن ومستقبلهم، فقد تكون هناك تداعيات أخرى في المستقبل وتصعب معرفة أسبابها. سميرة أحمد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©