الشقيقتان تسشوب ·· سيمفونية الأداء المتناغم

نادرا ما يجتمع عازفان في فرقة ثنائية ولا يطغى أحدهما على الآخر، هذا هو الحال مع الشقيقتين ''تسشوب''، اللتين ابتكرتا منذ نعومة أظافرهما شكلا جديدا من العزف المتناغم المبني على الانسجام الكلي· ''سيبلا ''بعزفها على الكمان و''ايزابيلا'' على البيانو، تعرفنا على فنهما من خلال مشاركتهما الأخيرة في مهرجان العين الثامن للموسيقى الكلاسيكية، حيث قدمتا خصيصا من سويسرا الى أبوظبي كأول زيارة لهما الى بلد عربي· فالشقيقتان اللتان تعزفان كفرقة رسمية سويسرية، تدرسان أيضا في المعاهد الموسيقية ومدارس العزف، اذ تعتبران الفن رسالة بكل بلغات العالم، ولا بد من تعميمها والسعي الى نشرها وجعلها هدفا ثقافيا تتوارثه الأجيال· تقول ايزابيلا: ''منذ صغري كنت أهوى سماع الموسيقى على أنواعها، وكانت تستهويني المعزوفات العريقة لموتزات فكنت أتحين الفرص لأضع المسجل وآخذ في دندنة ما يتاح لي من جمل موسيقية· ولما اكتشفت الموهبة نفسها عند شقيقتي، أصبحت الأمور أكثر سهولة ومتعة بحيث شكلنا معا ثنائيا بالفطرة''· وتضيف سيبلا: ''وهكذا شيئا فشيئا كبرت موهبتنا وشعرنا بحاجة الى اطلاقها للعلن، وكانت البداية في الحفلات التابعة للمدرسة، ثم انتقلنا الى المسرح· ومع الوقت شعرنا بحاجة ماسة الى اتخاذ هذه الموهبة على محمل الجد، وقررنا أن تتخصص كل منا بالعزف الذي تحبه ليتحول الأمر الى احتراف''· وعلى مدى أكثر من خمسة عشر عاما من ممارسة وعشق الموسيقى، كان الانسجام الروحي والمهني يتطور بينهما مما ساعد على ايجاد سيمفونية متناغمة في أدائهما· الأمر الذي دفع الكثير من فرق الأوركسترا في أوروبا للمطالبة بهما لتنضما اليها، لكنهما تفضلان العمل الثنائي تماما كما أرادتاه منذ انطلاقتهما الأولى· وللموازنة بين الرسالة الفنية والمهنة التي تعتاشان منها، تشارك أحيانا كل منهما منفصلة عن الأخرى في أمسيات موسيقية ضمن فرق متنوعة داخل سويسرا وخارجها· ومع أن المردود المالي الذي يتقاضاه العازف ليس عاليا، الا أنهما ترفضان مقولة إن الفن لا يكفي للعيش الكريم، معتبرتين الموسيقى من أشرف المهن وليس عيبا أن تأتي الى جانب عمل آخر يكملها ويرفع من مستوى معيشة الفنان تماما كما هو الحال معهما في رسالة التعليم· وعن الموسيقى العربية تقول ايزابيلا: ''لقد سمعت الكثير عنها لكن لم يتسن لي من قبل الاستماع اليها، وسوف أستغل زيارتي لأبوظبي لأحصل على مجموعة من الأعمال القيمة، وقد نصحني كثيرون بالتعرف على أعمال الأخوين رحباني من لبنان''· وتقاطعها شقيقتها سيبلا لتضيف: ''وكذلك نرغب في الاطلاع على المكتبة الموسيقية المصرية وموسيقى كبار الملحنين فيها''· وتتمنى كل منهما أن تتاح لها الفرصة لأخذ دروس في العزف على بعض الآلات الشرقية التي تنسجم مع الموسيقى الغربية، ولمعرفة أسرار وجمال الموسيقى الشرقية، وتتعاقب كل منهما على الحديث عن أهمية تعرف المجتمعات على ثقافات بعضها بعضا، ولا سيما الموسيقى· وتعتبر الأولى أن العزف دواء الروح، فيما تصفه الثانية بأكثر الفنون متعة· ومن هنا تحرصان يوميا على العزف والتمرين بما لا يقل عن ثماني ساعات، وذلك من باب التمرس والتحضير للأعمال التي تقدمانها في الحفلات· وتضم فرقة ''تسشوب'' في أرشيفها الكثير من المعزوفات الخاصة، علما أن الشقيقتين تتميزان بتجسيد أعمال عمالقة موسيقى الأوبرا ومنهم موتزات وآرنست بلوخ، وكاسبر ديتلم وجوهانس براهمس·