الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تفاقم معدلات التضخم ظاهرة عالمية

26 ابريل 2008 23:00
منذ فترة ليست بالقصيرة والأخبار الاقتصادية المحلية تحفل بالإعلان عن الزيادات المتواصلة في أسعار مختلف المواد والسلع، غذائية كانت أم وسيطة أم استهلاكية، ولا تكاد تخلو ولو ليوم واحد من الحديث عن ظاهرة التضخم في الإمارات باعتبارها تمثل المشكلة الأكبر التي تواجه الاقتصاد الوطني في الوقت الحاضر والتي يتعين وضع حلول سريعة لها تضع نهاية لآثارها وأضرارها الخطيرة على المستهلك والمستثمر وعلى عموم النشاط الاقتصادي· ولم يتردد البعض في اقتراح توصيات وحلول تنطوي على اتخاذ خيارات استراتيجية مهمة كتلك التي تتعلق بسياسة ربط العملة الوطنية بالدولار أو بتدخل الدولة بشكل مباشر في الاقتصاد· وغالبا ما يشار في هذا الصدد إلى أن انخفاض الدولار وما ترتب عليه من انخفاض للدرهم الإماراتي ساهم في إذكاء التضخم في الإمارات عبر زيادة تكاليف الواردات· كما ركزت العديد من التقارير على الارتفاع الحاد في حجم السيولة والطلب عليها داخل الاقتصاد الإماراتي باعتباره المصدر الأول للضغوط التضخمية في العديد من القطاعات وخصوصا قطاعي الإسكان والتشييد· وبالرغم من أهمية العوامل المحلية التي ساهمت في إذكاء التضخم فأنه يتعين النظر إلى ظاهرة التضخم في الإمارات من منظور أوسع وذلك من خلال وضعه في سياق عالمي لنكتشف بأن مشكلة التضخم لا تقتصر على الإمارات أو حتى على منطقة الخليج بل هي ظاهرة عالمية تعاني منها غالبية البلدان وباتت تمثل مصدرا خطيرا لاضطرابات اجتماعية وسياسية في عدد من الدول· فثمة أدلة وشواهد عديدة تؤكد أن غالبية اقتصادات العالم بما فيها اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا تعاني من صعود معدلات التضخم· فحتى ظهور بوادر أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة في بداية أغسطس ،2007 كانت سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) قد انصبت بالدرجة الأولى على الحد من الضغوط التضخمية وهو ما انعكس بسلسلة متواصلة من قرارات رفع سعر الفائدة الأميركي من 1% في عام 2005 إلى 5,25% في منتصف سبتمبر 2007 عندما اضطر المجلس إلى عكس مجرى سياسته النقدية نحو خفض الفائدة بعد تزايد مخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي بسبب ركود قطاع الإسكان وأزمة الرهون العقارية· غير أن صعود معدلات التضخم والارتفاع في أسعار العديد من السلع وخصوصا الوقود والمواد الغذائية ما زال يمثل مصدرا مهما للمخاوف المحيطة بالاقتصاد الأميركي وعاملا يحد من التوجه نحو مزيد من الخفض في أسعار الفائدة· ولعل أخطر ما في التضخم العالمي في الوقت الحاضر هو بوادر صعوده في آسيا الأمر الذي يعني أن خطر انتشاره إلى عموم الاقتصاد العالمي أصبح قائما وذلك عبر الصادرات الآسيوية التي تهيمن على العديد من الأسواق· فعلى سبيل المثال، شهد معدل التضخم في الصين في بداية العام الحالي ارتفاعا إلى أعلى مستوى له منذ 11 عاما ليصل إلى 7,1% على الرغم من إقدام السلطات النقدية في العام الماضي على رفع أسعار الفائدة ست مرات· كما شهدت الفترة الماضية صعودا كبيرا في أسعار المواد الغذائية العالمية الأمر الذي انعكس بسلسلة من الاضطرابات ودفع بالبنك الدولي إلى إصدار تحذيرات من أزمة غذاء في العالم تهدد 33 دولة مهددة باضطرابات سياسية واجتماعية ويمكن لها أن تعود بجهود القضاء على الفقر بنحو سبع سنوات· إن التضخم ظاهرة عالمية مما يعني أن وضع ارتفاع الأسعار في الإمارات ضمن هذا السياق يساعدنا، أولاً، على الوقوف عن كثب على العوامل الحقيقية والأساسية التي أدت بمعدل التضخم في الإمارات إلى الارتفاع، وثانياً على معرفة حقيقة وجود مجموعة واسعة من العوامل التي ساهمت في ظهور وتفاقم تلك المشكلة، وثالثاً على إدراك ان أيا من تلك العوامل يمكن التخفيف والحد منه من خلال اتباع سياسات وإجراءات محددة· كما يساعدنا ذلك على التوصل إلى نظرة أكثر عقلانية إلى مشكلة التضخم في الإمارات، بعيداً عن بعض التصورات والمطالب غير المعقولة التي تنطوي ضمناً على افتراض وجود ''عصا سحرية'' من شأنها أن تستأصل تلك المشكلة بين ليلة وضحاها· مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©