الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النّصّ الْمُغْلَق

النّصّ الْمُغْلَق
3 يونيو 2009 23:59
نحاول اليوم أن نلقي شيئاً من الضياء على إشكاليّة النّصّ المغلق الذي كأنّه النصّ المكْتمِل الذي لا تشبه نهايتُه بدايتَه، ولا تماثل بدايتُه نهايتَه. ولعلّ هذا النّصّ أن يكونَ أنزَعَ إلى التقليديّة منه إلى الجِدّة والحداثة... ولذلك فإنّ قضيّة الانفتاح والانغلاق تَخْلُصُ للنّصوص السرديّة، وكلّ ما هو قابلٌ لِلحَكْيِ، أكثر ممّا تتمحَّض للنّصّ التّأمّليّ، أو المجرّدِ الذي لا يتناول شريطاً حكائيّاً فلا يخضع لمبدَأ الاِنْفتاح أو الانغلاق. في حين أنّ النّصّ السرديّ، بحكم الضرورة، هو خاضع لهذا المبدأ؛ فهو إمّا مُغْلَق، وإمّا مفتوح، ولا يكون غيرَ ذلك شأناً. وعلى أنّ كثيراً من النصوص الشعريّة المعاصرة أمست توظّف السرد في تقديم موضوعاتها، فإذا كأنّك تقرأ قصّة شعريّة. وقد كنّا لاحظنا في كتابنا «ألِف ـ ياء» أنّ نصّ محمّدٍ العيد آل خليفة: «أين ليلاي؟ أينَها...»؟ هو نصّ مفتوح على الرغم من أنّه كُتب عام 1938؛ لأنّه ابتدأ بمثل ما انتهى عليه نسْجُ نصّه حيث إنّ مطلع القصيدة هو: أين ليلايَ؟ أينَهَا؟ حِيلَ بيني وبينَها وحيث البيتُ الأخيرُ من القصيدة هو: لم يُجِبْني سوى الصَّدَى: «أين ليلايَ؟ أينها؟». ولعلّ الذي ظاهر الشاعر على كتابة هذا النّصّ المفتوح أنّه عرض موضوعه في صورة حكايةِ شخصيّةٍ شعريّةٍ تبحث عن سيّدة تسمَّى «ليلى» فلم تهتدِ السبيلَ إليها على الرغم من أنّها بحثتْ عنها في الكون كلّه ممّا جعل الحكاية تنتهي بالسّؤال نفسِه الذي أُثِيرَ في مطلع النّصِّ الباحثِ عن ليلى/ القيمة، ومكان وجودها، وذلك بعد الاسْتِيقان من عدَم العثور عليها... ذلك، ولم يتناول هذا المفهومَ إلاّ قِلّةٌ من المنظّرين الفرنسيّين منهم جوليا كرسْتيفا، وميشال أريفي، مما يدلّ على أنّه لا يبرح يدرج في مهده، وذلك على الرغم من أنّ الحديث عنه انطلق منذ قريب من أربعين عاماً. والحق أنّ جوليا كرِسْتيفا كتبت عن النّصّ المغلق سنة 1967 زهاء ثلاثين صفحة. غير أنّ هذه الصفحات لم تكتبها كلَّها، في الحقيقة، عن مفهوم «النّصّ المغلق» وحدَه، بل كانت الكاتبة تتحدّث عن التناصّ، والنّتاجيّة، وغيرهما من المفاهيم النقديّة الجديدة داخل مضمون عنوان الفصل. وأمّا ميشال أريفي، وقد كتب مقالته بعد جوليا كرستيفا بزهاء خمسة عشر عاماً، فيما يبدو، فإنّه اصطنع المصطلحَين الاِثنينِ معاً في عنوان فرعيّ له وهو: «إشكاليّة النصّ المفتوح أو المغلق». فالنّصّ الأدبيّ، إذن، يتصنّف، من هذا المنظور، تحت هذين المفهومين: فهو إمّا مفتوح، وإمّا مغلق. وأوضحَ أريفي أنّ الانغلاق، أو بعض الانغلاق، ظلّ معدوداً على نحو متواتر من مظاهر المعنى. «والحقّ أنّ الانغلاق كثيراً ما تتطلّبه النصوص الأدبيّة، وهو يتّخذ الأشكال الأكثر اختلافاً: من أكثر النصوص وضوحاً إلى أشدّها غموضاً وانغلاقاً». ولقد يعني ذلك كلّه أنّ الحديث عن النّصّ المفتوح أو المغلق هو حديث لا يزال في غاية التعقيد بحيث إنّ كثيراً من الروائيّين الجدُد يرفضون وضْع نقطة الانتهاء فيتركون أعمالهم الروائيّةَ مفتوحةً على كلّ التّأويلات، من حيث ترى الآخرين يكلَفُون باتّخاذ ألفاظ النهاية انطلاقاً من ألفاظ البداية فيجعلون، ببعض ذلك، الخطاب مفتوحاً...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©