الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قاوم ما تحب..

30 مارس 2017 01:15
 في فلسفة قيادة النفس، لاتزال كلمات الدكتور مصطفى محمود، «قاوم ما تحبّ وتحمّل ما تكره»، تلقى صداها في شغاف الروح، وتشقّ طريقها في غياهب النفس لتستقر في الأعماق، لتدلّك على خلاصة الرحلة. فحين يتوّجك الله مع أهل الصفوة ويصطفيك في ركب القليل، تكون قد فزت فوزاً عظيماً؛ فدرب المحن الذي يختبر تجلّدك وتحمّلك في طيّاته المنح، فإن أقبلت على الحياة بكل تقلباتها، دبّت فيك الإرادة كخيولٍ تصهل في الروح لتصل في النهاية إلى جوهرك العذب، إنه الصفاء الداخلي والحكمة البالغة والحالة الملكية بسموها.   يقول تعالى: «فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي، وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ». [البقرة:249]. هنالك ابتُليَ المؤمنون، وهنا يتجلّى الدرس المستفاد، «قاوم ما تحب وتحمّل ما تكره»، فقد خضع من خضع لنداء الأهواء، وابتلّت الأرواح الظمآى بخرير الماء، أمّا من امتثل فقليل، وكذا تطحننا رحى الحياة، والامتحان التحلّي بالصلابة والمقاومة. «قاوم ما تحبّ وتحمّل ما تكره»، فيها خلاصة حكاية الحياة، نخوضها بسلاح الصبر واليقين بما هو آت، والتعالي عن الهفوات، لنحقق العبور الآمن.  قاوم ما يعصف بك من أهواء، واستفد من تجاربك، وتأمّل من أصبح نجماً ساطعاً في صفحة التاريخ لأنه فهم فلسفة الحياة، وفي سيرة أولي العزم ما يعزّز قيمة الوجود، ممّن قاوموا الراحة، واستنهضوا الهمّة، ونثروا في الكون معاني الخيريّة وجمال الإنسانيّة. تعج الحياة بالمسؤوليات والتحدّيات، والسنّة الكونيّة أننا خلقنا في كبد، ونذوق الكمد، إلّا أنّ السعادة في المقاومة والتحمّل، ولذّة الصبر الجميل. قاوم ما يغرقك في درك الهلاك، ويشغلك عن النجاة، قاوم الزلل فيك والخلل، فإنسانيتك في الخير والعطاء والتسامح والاستكفاء والاستغناء. قاوم بريق كلّ جميلٍ لامعٍ في ظاهره، صدئ في داخله، فجوهرك بين ثنايا روحك. تحرر من سجنك الداخليّ وتمسك بالعروة الوثقى، فعلى درب النجاح تحصد التميّز والفلاح، وعش الحياة بما تحب وما تكره. د. عماد الدين حسين Emad.Hussein@alittihad.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©