الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فرط النشاط وقلة الانتباه» متلازمة مرضية قابلة للعلاج

«فرط النشاط وقلة الانتباه» متلازمة مرضية قابلة للعلاج
4 ابريل 2010 21:12
يلتبس على كثير من الأمهات اكتشاف أو التعرف إلى العديد من الأعراض أو الظواهر السلوكية لأطفالهن، والتي تأخذ منحى الاضطراب أو الخلل في كثير من الأحيان، ولا سيما في سنوات عمر الطفل الأولى، حيث يصعب التعرف الدقيق إلى الحالة نتيجة نقص الخبرة والمعرفة أوالإلمام بالمشكلة، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص الدقيق والعلاج المناسب. ومن بين أبرز الصور الشائعة لهذا اللبس، أنهن يخلطن بين زيادة حركة الطفل كنوع من النشاط والحيوية في المرحلة الثانية من طفولته ما بين الثانية والرابعة من عمره، أو كاضطراب سلوكي مرضي، فالحركة الزائدة قد تشير إلى انخفاض مستوى الذكاء عند بعض الأطفال، أو أنها تكون عرضاً عند بعض الأطفال الذين يعانون من نقص في السمع أو تأخر النمو اللغوي لسبب من الأسباب، ومن ثم تكثر شكاوى الأمهات من حركة أطفالهن الزائدة عن الحد المقبول عادة، وحينما يتم تقييم هؤلاء الأطفال يتضح أن حالتهم طبيعية، لكن لا يتحملن ذلك برحابة صدر، وأحياناً يعبر الأطفال عن إحساسهم بالكآبة والإحباط أو عدم التوافق الدراسي بالحركة الزائدة. إذن.. متى تصبح الحركة الزائدة أو الإفراط فيها نوعاً من الاضطراب أو إفراطاً في الحركة مع تشتت في الانتباه بصورة غير طبيعية بشكل يؤثر سلباً على سلوكه وسلامته؟. هل تعاني هذه الفئة من اضطراب سلوكي حقاً؟ هل هم في حاجة ماسة إلى التقييم الطبي والنفسي والاجتماعي المتكامل؟ وهل هناك برامج سلوكية وتوجيهية تحد من حركتهم الزائدة وتقلل تشتت الانتباه لديهم بما يخفف من سلوكياتهم العدوانية؟ هل هم في حاجة لعلاج ببعض الأدوية أو العقاقير لضبط حركتهم وتحسين تركيزهم، وبالتالي رفع مستوى استيعابهم ومهاراتهم الاجتماعية والشخصية؟ نموذج شائع تقول زينة بارودي»42 سنة، موظفة»: «لديَّ ثلاثة أطفال غير ولدي الأخير، لم أشعر بالتعب في تربيتهم جميعا بقدر ما أشعر به مع الأخير لعشرات من المرات، عمره أربع سنوات. لقد أنهكني تماماً منذ أن تعلم المشي والحركة، وتسبب في عصبيتي الزائدة، لدرجة أنني فكرت في ترك العمل أكثر من مرة للتفرغ لرعايته ومراقبته، يده تصل إلى أي شيء في أي مكان، لا يتردد في قذف أي شيء أمامه، أو ركل كل ما تصل إليه قدماه، أتلف الكثير من الأشياء بالبيت، لا يتعب ولا يكل، ولا يعبأ بكل ما يقال، فشلت في اتباع كل السبل من زجر وضرب وتهديد ووعيد تارة، وبالتحايل والمكافأة تارة أخرى، لكنه لا يتغير، ويسبب لي كثيراً من المشاكل، وأشعر بالخوف والتوتر ما دام يقظاً، ولا أرتاح إلا عندما ينام». وتقول فاطمة سند» معلمة 35 سنة»: «إننا نعاني في الفصول الدراسية من الأطفال الذين تتسم سلوكياتهم بالحركة المفرطة، ونفشل عادة في السيطرة عليهم بسهولة، ونادراً ما نفرق بين زيادة الحركة كنشاط طبيعي أو كنشاط مرضي، يفهم على أنه اضطراب، وأعرف حالات عديدة فسرت خطأ من المرة الأولى، منها طفل كثيراً ما سبب لوالدته وأسرته العديد من المشاكل لدرجة أنها كانت تتجنب زيارة أي من الأقارب أو الأصدقاء وهو معها، فلا يتوقف عن الشغب وتحطيم ما يقابله من أشياء، والمشاغبة مع أقرانه من الأطفال بعنف أحياناً، وإيذاء الأطفال الذين يصغرونه، حتى الكبار لم يكونوا يسلمون منه أحيانا، في الوقت الذي يتعامل مع النصائح أو التوجيهات بلا مبالاة وعدم اهتمام». التعريف والتشخيص تعرِّف الدكتورة موزة المالكي أستاذ علم النفسي الاكلينيكي في جامعة الدوحة، فرط النشاط وضعف التركيز المرضي عند الأطفال بأنَّه اضطراب عصبي سلوكي ناتج عن خلل في بنية ووظائف الدماغ، يؤثر على السلوك والأفكار والعواطف، وتتسم حركته بما يفوق الحد الطبيعي أو المقبول، ويطلق عليها تسمية متلازمة من مجموعة اضطرابات سلوكية تنشأ نتيجة أسباب متعددة نفسية وعضوية معاً، وتكون مصحوبة عادة بضعف في التركيز، وكثيراً ما يترافق اضطراب الانتباه مع النشاط الزائد أو فرط الحركة». وتضيف المالكي: «هو اضطراب يمكن التعامل معه وتخفيف حدة أعراضه بهدف مساعدة الطفل على التعلم، وضبط النفس مما يساهم برفع مستوى ثقته بنفسه ومواجهة قسوة الأطفال الآخرين. وفرط الحركة وعدم الانتباه قد يظهران معاً، أو قد يكون كل منهما ظاهراً على حدة، لكن هناك من يعتقد بخطأ هذا الاعتقاد، ويعتبر فرط النشاط عنواناً لكثير من الاضطرابات المختلفة، وهذه الحال لا تعتبر من معيقات التعلم، لكنها مشكلة سلوكية عند الطفل، ويكون هؤلاء الأطفال عادة مفرطي النشاط واندفاعيين، ولا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق معدودة. ويلاحظ أن ثلاثة إلى خمسة بالمائة من طلاب المدارس يعانون من هذه الحال، وهي أكثر شيوعاً بين الذكور منها بين الإناث، و يشكل وجود طفل مصاب بهذه الحال مشكلة حقيقية أحياناً للأهل، حتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته، لكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته، ويجب على الوالدين معرفة ذلك ومنح الطفل المزيد من الحب والحنان والدعم، وعلى الأهل كذلك التعاون مع طبيب الأطفال والمدرسين من اجل تعامل مدروس مع الطفل. وقد يستمر الأمر خلال سنوات المراهقة، وحتى بلوغ سن الرشد، مما يتطلب معالجة طبية ونفسية متخصصة، وعادة فالطفل بين سن ثلاث إلى خمس سنوات نراه في حالة حركة مستمرة، ولا يهدأ أبدا، ويجد صعوبة بالغة في البقاء جالسا، وينتقل بسرعة من عمل إلى آخر، يجد صعوبة في الاستجابة للطلبات البسيطة، يلعب بطريقة مزعجة أكثر من بقية الأطفال، ولا يتوقف عن الكلام و يقاطع الآخر، يجد صعوبة كبيرة في انتظار دوره في أمر ما، يأخذ الأشياء من بقية الأطفال دون الاكتراث لمشاعرهم، ويصفه المحيطون به بأنه صعب التعامل، وما بين 6-12 سنة، يقبل هؤلاء الأطفال عادة على الأعمال الخطرة من دون حساب النتائج، ويجدون صعوبة في اتباع التعليمات المعطاة لهم، ويلعبون بطريقة عدوانية فظة، ويتكلمون في أوقات غير ملائمة، ويجيبون على الأسئلة بسرعة من دون تفكير، هم مشوشون دائماً وغير ناضجين اجتماعياً.» برامج علاجية تشير الدكتورة المالكي إلى أن السبب وراء هذه المتلازمة إلى ربما يعود إلى عوامل بيولوجية تتمثَّل في وجود خلل في وظائف المخ المسؤولة عن الانتباه، أو لاختلال التوازن الكيميائي للناقلات العصبية، ولنظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ، فضلا عن العوامل البيئية قبل وأثناء الولادة، فقد تتعرض الأم أثناء الحمل للإشعاع، أو تناول المخدرات أو الكحوليات، أو بعض العقاقير الطبية، أو تتعرض إلى بعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية، أو الزهري أو الجدري، أو غيرها، أو إصابة مخ الجنين أثناء الولادة أو بعد الميلاد، أو في السنوات المبكرة في طفولته بارتجاج نتيجة لحادث ما، كذلك تعرضه لأمراض معدية كالعدوى الميكروبية، أوالفيروسية، كالحمى الشوكية أو الالتهاب السحائي، أو الحمى القرمزية، أوالحصبة الألمانية، ويؤدي هذا إلى إصابة المراكز العصبية في المخ المسؤولة عن الانتباه، خاصة الفص الجبهي، والفصوص الخلفية للمخ. كذلك التسمم بالتوكسينات «الرصاص» التي تدخل في طلاء لعب الأطفال الخشبية وأقلام الرصاص، ومحسنات الطعام الصناعية. أما بالنسبة إلى العلاج فهناك الجانب الدوائي الذي يقوم به الطبيب المعالج، إلى جانب العلاج السلوكي والأسري الذي يشرف عليه اختصاصي متخصص، يعتمد على الصبر والابتعاد عن العنف، حتى لا يتحول إلى عناد، ثم إلى عدوان مضاعف، ولهذا يجب أن يكون القائم بهذا التدريب مع الطفل على علاقة جيدة به، ويتصف بدرجة عالية من الصبر، والتحمل، والتفهم لحاله، فإذا لم تجد الأم ذلك في نفسها، يمكنها الاستعانة بمدرس لذوي الاحتياجات الخاصة لتعديل سلوك الطفل، والتركيز على التدعيم الإيجابي واللفظي للسلوك المناسب، والتدريب المتكرر على القيام بنشاطات تزيد من التركيز والمثابرة، مع أهمية التواصل مع المدرِّسة والتعاون نحو تحفيز الطفل على أن يخرج أحسن ما عنده، وإدماجه في برامج تعديل السلوك مع مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©