الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كادت تنضم للجيش الجمهوري الأيرلندي السري ثم أصبحت خبيرة في شؤون الأمن

كادت تنضم للجيش الجمهوري الأيرلندي السري ثم أصبحت خبيرة في شؤون الأمن
4 يونيو 2009 00:02
ارتسمت في عقليّة الغربيين ومخيلاتهم صورة نمطيّة لمن يطلقون عليه «الإرهابي»، وقد ترسّخت هذه الصورة في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش حتى كادت أن تصبح حقيقة، وارتبطت هذه الصورة بالعربي والمسلم في تعميم مبسّط مقصود بنى عليه الإعلام، وخاصّة منه الموجّه من اللوبي اليهودي المتغلغل في الصّحف والمجلات ووكالات الأنباء والسينما جبالاً من الأباطيل والخلط المتعمّد بين الدين الإسلامي والإرهاب، وجاء كتاب لويز ريدشاردسون «ماذا يريد الإرهابيون؟» What Terrorist Want ليهدم هذه الصورة، فهي تقول: «أرفض الفكرة القائلة بأنّ كلّ الإرهابيين وحوش ومرضى نفسانيين» وهذه الجملة اختارتها لتجعلها في مقدمة كتابها وانتقتها لتكون ملخصاً لعصارة بحوثها، وهي تؤكد بجرأة: «خلافاً لما ينشره الغربيون، فليس كلّ الإرهابيين مجنونون ومتعصّبون ولا أخلاق ولا قيم لهم»، مشيرة «الى أنّ أغلبهم يعتبرون أنفسهم مدافعين عن قضايا نبيلة وعادلة». وذهبت المؤلفة الى حدّ التأكيد في كتابها بأنّ الإرهاب لا يمكن الانتصار عليه وهزمه، ولذلك فهي تجزم: «بأنه لا معنى لإعلان الحرب على الإرهاب» وتدعو إلى احتوائه، وهي تعتقد أنّ ذلك ممكن ومتاح، وهي ترى أنّه لا بدّ من فهم الأسباب التي تغري الأشخاص المتبنين للإرهاب، وانطلاقاً من هذا الفهم تقترح المؤلفة وضع سياسات ذات جدوى ضدّ هذه الظاهرة. وقد أثارت هذه الآراء الجريئة ردود فعل معارضة لطرح لويز ريشاردسون من أهمّها رأي يقول إنّ السعي لفهم أسباب الإرهاب هو شكل من أشكال قبوله، والاستسلام له، وذهب البعض الآخر إلى حد الادعاء بان نظرة المؤلفة للإرهاب هي نظرة رومانسيّة، وأمام هذه السلسلة من الانتقادات فانّ الكاتبة ردت بقولها: «إنّ خريطة طريقي الأخلاقيّة بسيطة، وتتمثّل في القول بأنّ ظلم الآخرين وإلحاق الأذى والألم بهم مرفوض». حصن الثقافة ولدت المؤلفة لويز ريشاردسون Louise Richardson عام 1958 بأيرلندا، وعاشت في طفولتها وشبابها الباكر أجواء الحرب الضروس التي خاضها الايرلنديون الشماليون ضد بريطانيا وحلفائها من الايرلنديين البروتستانت، ورغبت ـ وكانت في الرابعة عشرة من عمرها ـ المشاركة في مظاهرة احتجاج على الهجوم الذي قام به البريطانيّون بمدينة Derry بأيرلندا الشماليّة في 30 يناير 1972 وأدّى إلى هلاك 14 شخصاً، ولكن أهلها قد منعوها فالمسافة كانت بعيدة بين مقر إقامتها والمدينة التي ستقام فيها تظاهرة الاحتجاج، ثم إنها كانت صغيرة السن. كبرت لويز ريشاردسون وهي تحمل كراهيّة وحقداً دفينين للبريطانيّين بسبب قمعهم الأيرلنديين الكاثوليك، وعندما التحقت بالجامعة كادت أن تلتحق بصفوف المقاومة التي اعتمدت العنف والاغتيال والحرق والتفجيرات، ولكنها في النهاية خيرت الانغماس في دراستها، وهي تفسّر ذلك بأنّ العلم والمطالعة غيرا نمط تفكيرها، وهي تجزم اليوم بأنّ الثقافة هي التي حالت دون انضمامها إلى المنظّمة الجمهوريّة الأيرلنديّة التي كانت تعمد إلى القتل والاغتيال كوسيلة للمقاومة. لقد نشأت وهي تشعر بالظلم والقهر وهو ما يفسّر اليوم تحليلها الهادئ والموضوعي لظاهرة الإرهاب، حتّى أنّ بعض النقاد رؤوا ـ وهم يحلّلون فحوى كتابها ـ أنّ افكارها وآراءها يمكن تفسيرها بجذورها الأيرلنديّة. رياح التغيير وفي عام 1981 وبعد حصولها على شهادة الماجستير في التاريخ وشهادة مماثلة في العلوم السياسيّة تمّ انتدابها أستاذة بجامعة هارفارد، وتخصًّصت في شؤون الأمن الدولي والعلوم السياسية. ورغم أنها برزت في مجال اختصاصها وأصبحت خبيرة مشهود لها بالكفاءة إلا أنّ الشهرة التي اكتسبتها جاءت مع إصدارها لكتابها: «ماذا يريد الإرهابيون»What Terrorist Want، ومنذ يناير 2009 أصبحت لويز ريشاردسون نائبة عميد الجامعة الشهيرة «سانت اندريو»، وهي أستاذة جامعية مشهود لها واختصت في تدريس شؤون الأمن في العالم، ولان اختصاصها مرغوب فيه فقد أصبحت تدعى لإلقاء محاضرات قيّمة أمام العسكريين والسياسيين ورجال المخابرات ورجال أعمال، واعتبارا لخبرتها وضلوعها في اختصاصها فقد دعاها مجلس الشورى الأميركي للاستفادة من آرائها باعتبارها إحدى أهم الخبراء في الإرهاب الدولي وقد تلقت عدّة جوائز لمساهمتها بعلمها وخبرتها في إحلال السلم في العالم. وكانت كلما ألقت درساً أو محاضرة يسألها الحضور عن الكتب الواجب مطالعتها لفهم أعمق لظاهرة الإرهاب والوقوف بشكل علمي وأكاديمي على أسبابه الحقيقية، ولأنه لا وجود لمثل هذا الكتاب، فقد قررت أن تؤلفه هي وأصدرت فعلا كتابا هاما تشرح فيه وجهة نظرها في كيفية مقاومة الارهاب وقد حقّق كتابها مبيعات كبيرة، وأصبح مرجعاً للسياسيين والخبراء لفهم ظاهرة الإرهاب وأسبابها وانعكاساتها، وأثار الكتاب ردود فعل مختلفة، بسبب ما ورد فيه من تحليل مختلف عما تعود الغربيون سماعه وترديده، وكانت آراء المؤلّفة في عهد الإدارة الأميركيّة السابقة غير مسموعة ومحلّ نقد، ولكن ومنذ تولّي الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما مقاليد السلطة فإنّ أفكار لويز ريشاردسون أصبحت محلّ اهتمام كبير، وهي ترى أنّ الإدارة الأميركيّة السابقة غير كفؤة، وإنّ سياستها في العراق ـ على سبيل المثال ـ كانت خاطئة، وإنّ الريح قد تغيّر اتجاهها وهي تجزم: «إنّ الإرهابيين هم أشخاص عاديّون مثلي ومثلك، وفي كثير من الأحيان هم رجال مثاليون». الكتاب: ماذا يريد الإرهابيون؟ What Terrorist Want المؤلف: لويز ريشاردسون Louise Richardson
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©