السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فطنة الأعراب

4 ابريل 2010 21:24
ظفر المأمون برجل كان يطلبه، فلما دخل عليه قال: يا عدو الله أنت الذي تفسد في الأرض بغير الحق؟ يا غلام خذه إليك فاسقه كأس المنية فقال: يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تبقيني حتى أؤيدك بمال: قال: لا سبيل إلى ذلك فقال: يا أمير المؤمنين فدعني أنشدك أبياتاً، قال: هات، فأنشده: زعموا بــأن البـــاز علَّقَ مــرة عُصفور برٍّ سـاقه المقــدورُ فتكلم العصفور تحت جِناحه والبــاز منقـضُّ عليـه يطيرُ ما بي لما يغني لمثلك شـَبْعةًٌ ولئـن أُكلـتُ فإنني لحقيــرُ فتبسـم البازُ المُـدِلُّ بنفســه كرماً وأُطلق ذلك العصفورُ فقال له الأمور: أحسنت، ما جرى ذلك على لسانك إلا لبقية بقيت من عمرك، فأطلقه وخلع عليه ووصلهُ. الطائي صاحب النعمان المنذر، وكان من وفائه أن النعمان ركب في يوم بؤسه، وكان له يومان، يوم بؤس ويوم نعيم، لم يلقه أحد في يوم بؤسه إلا قتله، ولا في يوم نعيمه إلا أحياه وحيّاه، فاستقبله في يوم بؤسه أعرابي من طيئ فقال: حيّا الله الملك إن لي صبية صغاراً لم أوصِ بهم أحداً، فإن رأى الملك أن يأذن لي بإتيانهم وأعطيه عهداً أن أرجع إليه، إذا أوصيت بهم حتى أضع يدي في يده، فرّق النعمان وقال له: لا، إلا أن يضمنك رجل ممن معنا، فإن لم تأتِ قتلناه وكان مع النعمان شريك بن عمرو بن شراحِل فنظر إليه الطائي وقال: يَا شَــــرِيكٌ يَا بْنَ عَمْـــــــرٍو مَا مِـــنَ الْمَـــــوْتِ مَحَالَــهْ يَا أَخَــــــا كُــلِّ مُضَـــــــافٍ يَا أَخـــَا مَــنْ لاَ أَخًـــــا لَـهْ يَا أَخَــا النُعْمَــــانُ فُــكَّ الْـ يَـــوْمَ رَهْنـــًا قَـــدْ أَنَالَــــهْ إِبــــنَّ شَــــــــيْبَانَ قَبِيــــلٌ أَصْلَـــحَ اللــــــهُ فِعَالـَــــهْ فقال شريك: هو علي أصلح الله الملك، فمضى الطائي، وأجّل له أجلاً يأتي فيه، فلمّا كان ذلك اليوم، أحضر النعمان شريكاً وجعل يقول له: إنّ صدر هذا اليوم قد ولىّ، وشريك يقول: ليس لك عليّ سبيل حتى نمسي، فلما أمسوا أقبل شخص والنعمان ينظر إلى شريك، فقال: ليس لك علي سبيل حتى يدنو الشخص فلعلّه صاحبي، فبينما هو كذلك إذ أقبل الطائي فقال النعمان: والله ما رأيت أكرم منكما ولا أدري أيكما أكرم أهذا الذي ضمنك من الموت أم أنت وقد رجعت إلى القتل؟ والله لا أكون ألأم الثلاثة، فأطلقه وأمر برفع يوم بؤسه وأنشد الطائي: ولقد دعتني للخلاف عشيرتي فأبيتُ عند تجهم الأقــوالِ إني امرؤ مني الوفاء ســـجيـة وفعال كل مهذب مفضـالِ صدر وعجز عاد رجلٌ مريضاً، فقال له: ما عِلَّتُك؟ - قال: وجعٌ في الركبتين . - فقال له: والله لقد قال (جرير) بيتاً من الشعر ذهب مني صدره وبقي عجزه، وهو قوله: ليس لداء الركبتين طبيبُ. - فقال له المريض: لا بَشَّرَك الله بالخير ليتك ذكرتَ صدره ونسيتَ عجزه! إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©