الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مطار تيمبلهوف وكواليس السياسة

مطار تيمبلهوف وكواليس السياسة
26 ابريل 2008 23:52
يدلي المواطنون الألمان اليوم بأصواتهم في استفتاء شعبي، يرمي إلى إغلاق مطار ''تيمبلهوف'' -الذي سبق له أن أدى دوراً حاسماً لقوات الحلف إبان إغلاق الاتحاد السوفييتي لمدينة برلين خلال العامين 1948-1949-، ولا يزال يذكر ''هورست مولنكبوهر'' ذلك اليوم من عام ،1948 الذي هبطت فيه أول طائرة أميركية من طراز (سي47) في مطار ''تيمبلهوف'' وهي تحمل المؤن والمساعدات الغذائية والدوائية لسكان المدينة التي عزلتها الدبابات السوفييتية عن بقية أنحاء العالم، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية؛ ولا تقتصر أهمية تلك المساعدات الإنسانية التي قدمتها طائرات الحلفاء لسكان المدينة المعزولة لمدة تسعة أشهر متتالية على الجانب الإنساني وحده، بل تشمل مساهمتها في إزالة مشاعر انعدام الثقة بين سكان مدينة ''برلين'' الغربية والقوات الأميركية المنتشرة حولهم· لكن وبينما يتجه سكان ''برلين'' إلى صناديق الاقتراع للتقرير بشأن مصير المطار التاريخي المذكور -ما إذا كان سيبقى مفتوحاً أم يغلق- فهم لا يزالون منقسمين على أنفسهم تحت تأثير رواسب الحرب الباردة؛ فبالنسبة لمؤيدي الإبقاء على المطار مفتوحاً أمام الخدمة، خاصة من أمثال ''مولنكبوهر'' من سكان مدينة ''برلين الغربية''، فإن ''تيمبلهوف'' كان المنفذ الوحيد الذي أبقى عليهم أحياء إبان العزل السوفييتي لمدينتهم، وفوق ذلك فهو يرمز بالنسبة لهم إلى صراعهم ضد الشيوعية من جهة، وإلى علاقات الصداقة التي أقاموها مع حلفائهم الغربيين من الجهة الأخرى؛ أما في نظر سكان برلين الشرقية، فليس ثمة جسر جوي لإنقاذهم، ولا وجود لـ''خطة مارشال'' لمساعدتهم على إعادة بناء مدينتهم التي دمرها القصف الجوي؛ وكما يقول ''جيرد لانجوث'' -أستاذ العلوم السياسية بجامعة ''راينشي فريدريش فيلهم'' في ''بون''-: فإن مطار ''تيمبلهوف'' يبدو رمزاً للحرية في عيون سكان برلين الغربية، أكثر من كونه مجرد مطار عادي؛ وهذا ما لا يشاطرهم فيه النظر ولا الشعور جيرانهم في برلين الشرقية، وقد كشف استطلاع للرأي العام أجرته وكالة ''إنفراتيست ديامب'' أن نسبة 60 في المائة من سكان برلين الغربية، ترغب في الإبقاء على المطار مفتوحاً، قياساً إلى نسبة 35 في المائة فحسب من سكان ''برلين الشرقية'' ترغب في الأمر نفسه· هذا وتزمع حكومة المدينة المؤلفة من ائتلاف يضم الاشتراكيين الديمقراطيين وشيوعيي ''برلين الشرقية'' السابقين، إغلاق المطار بحلول شهر أكتوبر المقبل، في إطار خطة ترمي إلى توحيد المطارات الثلاثة الحالية للمدينة، وتطويرها إلى مطار ''برلين براندنبرج'' الدولي الذي يتواصل العمل في إنشائه، على أمل افتتاحه رسمياً في عام ،2012 غير أن هذه الخطة التي بدت بداية الأمر كما لو كانت صفقة مفروغاً منها، سرعان ما تحولت إلى إحدى أكبر القضايا الخلافية بين المدينتين، وبدأت الضغوط المعارضة لهذه الخطة عندما تمكنت مجموعات من هواة رياضة الطيران، وعدد من شركات الخطوط الجوية، من إرغام حكومة المدينة على إجراء الاستفتاء الشعبي على مصير المطار، مما أدى لحدوث انقسام حاد بين طرفي الائتلاف الفيدرالي الحاكم، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهكذا تحول ما اعتبره ''كلاوس فاورايت'' عمدة مدينة برلين مسألة متعلقة بشؤون بلدية مدينته، إلى قضية ربما تحدد مستقبله السياسي، بل ومستقبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه· يذكر أن السيد ''فاورايت'' قد حشد نفوذه السياسي الواسع الذي يتمتع به وتمترس حول قرار عدم إجراء التصويت، لكن وفيما لو صوت سكان المدينة ضده، فإن من شأن ذلك أن يعصف بآماله في أن يصبح مستشاراً ألمانياً ذات يوم، إضافة إلى الضرر القومي البالغ الذي يلحقه بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، في حال أدى التصويت إلى عزل ''فاورايت'' من منصب عمدة المدينة، وهذا ما أكده البروفيسور ''جيرد لانجوث'' بقوله: ''إذا ما كان التصويت موجباً وناجحاً -أي الإبقاء على المطار مفتوحاً- فإنه سوف يرسم صورة سلبية للغاية عن أحد أبرز قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقبليين· ومن جانبه صرح ''فاورايت'' قائلاً إنه سوف يغلق المطار بصرف النظر عن النتيجة التي يسفر عنها الاستفتاء، وقال متباهياً خلال لقاء أجرته معه صحيفة ''تاجشبيجل'' اليومية الأسبوع الماضي: ''إنني على صلة بروح برلين''· هذا وقد عمت المدينة حملة إعلانية واسعة النطاق، تعكس رؤية ''فاورايت'' للكيفية التي يجب أن تسير بها المدينة، طغت عليها ملصقات ''البوستر'' التي يسخر فيها عمال المدينة من وصف المطار المذكور بأنه مطار للنخبة، كما بادر الحزب اليساري الذي تتمركز عضويته الناخبة في ''برلين الشرقية'' إلى بعث الرسائل لعامة ناخبي المدينة، حثهم فيها على التصويت لصالح إغلاق المطار، وفي الجانب الآخر، عمد ''فرايدلبرت فلوجر'' زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المناوئ لـ''فاورايت'' إلى تغطية المدينة كلها بملصقات البوستر التي ظهرت فيها صورة شخص مكمم، بينما كتبت عبارة ''لن ندعهم يخرسون أصواتنا، أنقذوا مطار تيمبلهوف''· هذا وقد تعهد السيد ''فلوجر'' الذي كان قد خسر انتخابات عمدة المدينة في عام ،2006 بإطفاء نيران غضب أهالي مدينة ''برلين'' من خطة إغلاق المطار، وكسب التأييد السياسي الذي يمكنه من إقالة خصمه ''فاورايت'' في انتخابات العام المقبل، وفيما لو تحقق هذا الطموح فإنه سوف يكون كفيلاً بتعزيز أغلبية المستشارة ''أنجيلا ميركل''، بما يحررها من الائتلاف المفروض عليها مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي· ويليام بوسطن- برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©