الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق: «شعبوية الصدر» وأزمة «العبادي»

7 مايو 2016 23:16
من المفارقات التي تستحق التأمل أن مقتدى الصدر يحاول الآن إنقاذ التجربة الديموقراطية التي أخمدها قبل أكثر من عقد من الزمان، وربما يذكر الأميركيون اسمه من عهد بوش: إنه مقتدى الصدر، وهو «أصولي إسلامي» استخدم العنف لتحقيق مكاسب سياسية، وفي عام 2004، أصدر قاض عراقي أمراً بالقبض عليه، متهماً إياه بتدبير قتل رجل دين منافس، وهو عبد المجيد الخوئي. وحاول «جيش المهدي» الميليشيا التابعة له السيطرة على مدينة «النجف» في نفس العام لكنه فشل، وفي حين أنه يعارض المفهوم الإيراني الصارم للشريعة الإسلامية، إلا أن أتباعه يهاجمون أصحاب المتاجر الذين يبيعون الكحوليات. ومع ذلك، فإن أتباع الصدر هم الذين يوفرون القوة السياسية التي سيحتاج إليها رئيس الوزراء حيدر العبادي لتفعيل الإصلاحات الضرورية لإنقاذ العراق من أزمته المالية. وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، انتهك أتباع الصدر بوابات «المنطقة الخضراء» المحصنة في وسط بغداد واستولوا لفترة وجيزة على البرلمان لتأييد لائحة من الوزراء التكنوقراط الذين يقترحهم العبادي لتشكيل حكومته. وما لم يشعر زعماء وساسة العراق ببعض الضغط الشعبي، فإن إصلاحات العبادي المتواضعة نسبياً لن يكون أمامها فرصة. وهذه الإصلاحات ترمي إلى منع وقوع أزمة وخيمة تعتمل منذ سنوات، وفي هذا الصدد، ذكر لي «لؤي الخطيب»، زميل في جامعة كولومبيا ومستشار سابق غير رسمي للبرلمان العراقي في قضايا الاقتصاد والطاقة، أن الانخفاض في أسعار النفط يجب أن يجبر العراق على خفض الدعم الحكومي للطاقة وفرص العمل التي كانت متاحة أثناء ارتفاع أسعار النفط، وقال الخطيب إنه كان هناك 2.5 مليون فرصة عمل في الحكومة الاتحادية في عام 2003 عندما سقطت حكومة صدام حسين. والآن، وفقاً لتقديره، هناك 7 ملايين فرصة عمل، معظمها غير ضروري. وهناك أيضاً فساد هائل مستوطن في النظام السياسي العراقي. وعلى مر السنين، تم تخصيص ميزانيات ضخمة للوزراء وأعضاء البرلمان للانتفاع بها. وحتى بعد تقاعد الأعضاء من الخدمة العامة، فإن الدولة في حالات كثيرة تواصل سداد رواتب حراسهم الشخصيين والسكرتارية. هذا بخلاف المعاملات الذاتية التي أجراها السياسيون والزعماء العراقيون للفوز بأعمال الحكومة لأصدقائهم والمقربين منهم. وفي الآونة الأخيرة، وضع الصدر نفسه في موضع الغريب، حتى وإنْ كان هو ومنظمته قد استفادوا من الفساد في النظام العراقي الذي يعارضه الآن. وقد هرب الصدر نفسه إلى إيران عام 2007، لكن من الواضح أنه أصيب بخيبة أمل بسبب الاستقبال الفاتر له في طهران، وعاد إلى بغداد بعد أربع سنوات. لذلك، ليس من قبيل المصادفة أن بعضاً من أتباعه كانوا يوم السبت يهتفون بشعارات تتهم الطبقة السياسية في العراق بأنها دمى إيرانية. ومن جانبه، قال لي نبراس كاظمي، وهو محلل ومعلق عراقي، إن الصدر يلقي باللوم على قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس الإيراني، لأنه أحدث انقساماً في جيش المهدي وأخذ أتباعه لتشكيل ميليشيا منافسة تعرف باسم جماعة «عصائب أهل الحق». وعندما قبل الإيرانيون ومعظم السياسيين الشيعة بحكم رئيس الوزراء في ذلك الوقت نوري مالكي، كان الصدر واحداً من الزعماء الشيعة الذين انتقدوه بسبب حملته العنيفة على الاحتجاجات السلمية التي قام بها العرب السنة. حتى بعض من أقوى النقاد للصدر يعترفون، للحظة، أنه كان يؤيد الإصلاح. وقال لي المؤرخ «كنعان مكية»، إن (الصدر اليوم هو «شعبوي» حدث أنه ركب الموجة الصحيحة في الوقت المناسب)، ومع ذلك، فإن «مكية» يشعر بالقلق، حيث قال: «أخشى من أن العبادي قد يصبح مديناً بالفضل لهذا الرجل الخطير للغاية». ومن ناحية أخرى، قال لي مسؤولون عراقيون تحدثت إليهم هذا الأسبوع أنهم، أيضاً، يخشون من تأثير «الصدر» النشط. وفي نهاية المطاف، طلب «الصدر» من مؤيديه يوم السبت أن يغادروا المنطقة الخضراء، ولم تطلق القوات العراقية النار على الحشود، بيد أن هذا لم يكن احتجاجاً منظماً، فقد تعامل المحتجون بخشونة مع النواب العراقيين، وهاجموا مبنى البرلمان وأزاحوا الجدران الواقية إلى خارج المنطقة الخضراء. ومع ذلك، فقد كان هذا في خدمة إنقاذ حكومة العراق المحاصرة. وكل هذا يمثل لغزاً لواشنطن التي تعمل وراء الكواليس لتأمين قرض صندوق النقد الدولي الذي يقدر بمليارات الدولارات وغيره من مؤسسات التمويل الدولية الأخرى للحفاظ على حكومة العبادي خلال الشهور والسنوات القادمة، أملاً في أن يستطيع تنفيذ مزيد من الإصلاحات الجوهرية، ومن المتوقع أن يجتمع البرلمان العراقي مرة أخرى في 10 مايو لتشكيل حكومة جديدة. إن العالم كله يراقب عن كثب – ولكن ليس أكثر من مقتدى الصدر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©