الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتهاكات بورما... إلى متى الصمت الأممي؟!

انتهاكات بورما... إلى متى الصمت الأممي؟!
4 يونيو 2009 01:53
دفعت الأخبار الواردة مؤخراً من بورما عن محاكمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، «أونج سان سو كي»، البلد المعزول إلى واجهة الأحداث الدولية ووجهت له أنظار الصحافة العالمية ووسائل الإعلام. فقد اتُهمت زعيمة النضال من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في بورما بانتهاك الإقامة الجبرية التي فرضت عليها بعدما قام في الشهر الماضي أحد المواطنين الأميركيين بالسباحة في بركة قريبة من منزلها والدخول إليه. وهي المحاكمة التي أثارت استياء رؤساء الدول حول العالم بالإضافة إلى نشطاء حقوق الإنسان والمشاهير الذين دعوا السلطات البورمية ليس فقط إلى وقف مهزلة المحاكمة التي تفتقر لأبسط شروط المحاكمات العادلة، بل أيضاً لإطلاق سراح «سو كي» التي قُيدت حركتها وظلت تحت الإقامة الجبرية طيلة الثلاث عشرة سنة الماضية. لكن فيما سارع العالم إلى إدانة محاكمة الناشطة الحقوقية البورمية والتعاطف مع مصابها، ظل الوضع العام في البلد مغيباً عن التغطية الإعلامية والاهتمام الدولي، رغم كل الفظاعات التي يرتكبها النظام العسكري الحاكم والموثقة في التقارير الدولية. فقد أشارت منظمات دولية مثـــل «هيومـــن رايتس ووتش»، و»منظمة العفو الدولية وغيرهما، إلى انتهاكات خطيرة تطال حقوق الإنسان مثل تجنيد النظام لعشرات الآلاف من الأطفال وإجبارهم على حمل السلاح وشن هجمات على المدنيين من الأقليات العرقية. وفي تقرير أعده خلال العام الماضي المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في بورما «باولو سيرجيو بينيرو»، أشار إلى إرغام النظام لأكثر من ثلاثة آلاف شخص يعيشون في شرق البلاد، حيث تقطن الأقليات العرقية، على مغادرة مساكنهم، فضلا عن فرار أكثر من مليون شخص بسبب الهجمات التي يقوم بها الجيش، وهو رقم يمكن مقارنته بعدد اللاجئين في إقليم دارفور السوداني. لكن مع ذلك، ورغم ما يرشح من معلومات حول الوضع الحقوقي المتردي في بورما، لم يوجه مجلس الأمن الدولي بإجراء أي تحقيق لكشف الانتهاكات التي تصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. ولتجاوز هذا الركود قامت مجموعة من القانونيين ينتمون إلى الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأميركا اللاتينيــــة وأفريقيا، بتكليف «المعهد الدولي لحقوق الإنسان» التابع لجامعة هارفارد الأميركية بإعداد تقرير لمعرفة ما إذا كانت الأمم المتحدة واعية بما يكفي بفداحة الانتهاكات وإمكانية إقامة دعاوى قضائية ضد النظام البورمي. وفي هذا الإطار اعتمد فريق هارفارد على وثائق الأمم المتحدة والمعلومات المتوفرة لدى منظمات حقوق الإنسان لدارسة أربعة أنواع من الانتهاكات التي تكررت باستمرار في الوثائق الأممية طيلة الخمس عشرة سنة الماضية، وهي: العنف الجنسي، والتهجير القسري، والتعذيب، ثم القتل خارج نطاق القانون. وقد انتهى التقرير إلى أن الأمم المتحدة على علم فعلا بالانتهاكات التي تجري في بورما، حيث سبق للعديد من المقررين الأمميين، فضلا عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وجهات أخرى، الإشارة إلى التجاوزات التي تمارسهــــا الطغمــــة العسكريـــة الحاكمة في بورما والتي ترقى في كثير من الأحيان إلى مستوى الجرائم كمـــا تدلــل على ذلـــك اللغة التي استخدمتها الوثائق الأممية في وصف تلك التجاوزات، مثل «حصولها على نطاق واسع»، والطبيعــــــة «الممنهجـة» للجرائم، وهي أمور تكفي لإثبات ارتكاب جرائم ضـد الإنسانيـــة وجرائم حرب. وأشار تقرير هارفارد أيضاً إلى اعتراف الأمم المتحدة، من خلال وكالاتها المتعددة، بفداحة الوضع في بورما والجرائم التي يرتكبها النظام مع إفلات تام من العقاب، لافتاً الانتباه إلى تورط معظم عناصر الجيش البورمي في تلك الجرائم، لاسيما في ظل غياب قضاء مستقل في بورما. وهو ما أكده المقرر الأممي الخاص حول حقوق الإنسان «توماس أوجي كوينتانا» قائلا: «لا وجود في بورما لقضاء مستقل ومحايد». لذا وبالنظر إلى ما ثبت من معرفة الأمم المتحدة بما بجري في بروما من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترقى إلى مرتبة الجرائم الخطيرة، فإنه من واجب مجلس الأمن الدولي تكليف لجنة للتحقيق في تلك الجرائم على غرار تجارب سابقة، مثل يوغوسلافيا ورواندا ودارفور، عندما تحركت الأمم المتحدة وشكلت لجاناً للتحقيق أدانت المتورطين وجلبتهم إلى العدالة. جيوفري نيس المدعي العام الرئيسي في قضية ميلوسيفتش أمام محكمة الجنايات السابقة الخاصة بيوغوسلافيا بيدرو نيكين ناشط حقوقي من منظمة «المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©