الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غياب الأب ضياع للابن

4 يونيو 2009 23:51
ثمة آباء لا يهتمون بموضوع الحضور المنتظم في الأسرة، وهذا الغياب قد يؤدي إلى إصابة الأولاد وبقية أفراد الأسرة بالاضطراب خلال فترة غيابهم، ولا يملك الطفل وضعاً جيداً إزاء غياب الأب، فيشعر بأنه فقد سلوته ومستودع أسراره وحرم من الجليس والأنيس، وقد يكون قاسياً جداً على الطفل أن يتحمل غياب الأب في البداية، لكنه سرعان ما يعتاد على هذا الوضع الجديد، وعندما سيفقد الأب قابلية التأثير على الولد والنفوذ عليه، سوف يعمل الولد بما يرتئيه حتى انه لا يكترث أحيانا لأمه ونفوذها. ويمكن للطفل أن يكتسب من غياب الأب تلك الدروس السيئة والمؤلمة. إذ سيحاول أن يكون حرا طليقا دون أي قيود، ويلجأ إلى ممارسات لا يتوقعها الوالدان أبدا مما سيكون لهذا السلوك نتائج سيئة على الأسرة والمجتمع. كما أن الأب الذي يترك أسرته بانتظاره حتى منتصف الليل إنما يقدم درسا سيئا لطفله، وسوف يوجهه بشكل لاشعوري إلى سلوكيات ترفضها الأسرة. من المؤكد أن الطفل بحاجة إلى حبكم وعطفكم، وانه سيفرح كثيرا فيما لو اشتريتم له حاجة معينة لكنه بحاجة ماسة إلى حضوركم في البيت ووقوفكم إلى جانبه حتى يتحدث معكم ويناقشكم ويتعلم منكم؛ وإن غيابكم من أكبر المصائب التي تواجهه فالطفل لا يصبر على هذا الحرمان إلا بصعوبة بالغة، ولو أنه افتقد حضوركم المنظم في البيت لأدى به ذلك- في بعض الأحيان- إلى الاستهانة بقدسية الأسرة والهروب من البيت. إن غياب الأب عن أسرته يقلل من نفوذه مما يخلق شعورا عند الأولاد بأنه لا داعي للالتزام بقوانين الأسرة أو إطاعة الأوامر والنواهي. إذ ستنخفض تأثيرات الأب الأخلاقية على الطفل، ويتعرض بناؤه الأخلاقي والاجتماعي إلى صدمة. ولو كان الأب في غياب دائم عن البيت لغفل عن مراقبة أولاده ولما تمكن من تربيتهم تلك التربية الصحيحة بسبب انخفاض مستوى نفوذه. وسوف يلجأ الطفل إلى التحلل من الضوابط الأخلاقية ويشتد ميله إلى نظرائه في السن فينعدم الاتزان في عملية البناء. ولغياب الأب أسباب كثيرة منها، كثرة المشاغل، والمسؤوليات الاجتماعية. وعدم الرغبة في الحياة الزوجية بسبب الاختلاف مع الزوجة. ومن أسباب هذا الغياب معاشرة أهل السوء والاستئناس بهم والمشاركة في محافلهم، فضلاً عن أن نوع العمل الذي يمارسه الأب قد يتسبب في هذا الغياب. وأخيراً قد يكون غياب الأب راجع إلى اللامبالاة التي تكشف عن ضيق أفقه وتفكيره. ومهما يكن من أمر فإن غياب الأب يمهد الأجواء لظهور مشاكل واضطرابات عديدة، وفقدان السيطرة على زمام أمور الأطفال مما سيدفعهم نحو مستقبل مجهول. وللعلم.. لو كان الغياب قصيرا فإن له أعراضا محدودة، أما لو تكرر الغياب أو كان لفترة طويلة فإن له نتائج سلبية مضاعفة. فقد يلجأ الطفل إلى ممارسة السرقة والتشرد والبحث عن الأصدقاء والقيام بجنح وانحرافات مختلفة. كما تتأثر أخلاقه ودراسته وسلوكه، حيث ويتوقف الابن عن محاكاة والده ويبحث عن قدوات أخرى وأشخاص آخرين يسببون له المتاعب أحيانا. وبرأيي لو لم يتمكن الأب من متابعة شؤون أولاده وكان في غياب دائم تقريبا لتوجب عليه أن يكون جذابا في تلك الأوقات التي يتواجد فيها في بيته، وخاصة عندما يعود من سفره مثلا حتى يعوض عن النقص والحرمان. -فخصصوا – أيها الآباء- الفترات القصيرة من تواجدكم في البيت لأطفالكم واتركوا كل شيء حتى قراءة الصحف. وينبغي أن يبذل الأب، الذي يعود لبيته بعد سفر وغياب طويل، جهده وسعيه كي ينسى الطفل فترة الغياب ويستثمر حضور والده. ويجب على الأب أن يواسي طفله ويؤمله في الحياة، وان يناقش معه أبعاد أي مشكلة تواجهه أثناء غياب الأب، وأن يصبره على المشاكل ويزيل عنه القلق والاضطراب ويجعله مستأنسا به ويشبعه حبا وعطفا. وحري بالأب المضطر لغياب طويل عن البيت أن يدعم مكانة الأم ويقوي موقعها ويحث الأطفال على طاعتها، وذلك للتقليل من أعراض الغيبة، أو أن يساهم في حل المشكلة التي قد تعترض لها الأم ويلزم ولده بإطاعة أوامرها والانتهاء عن نواهيها. موسى عبد الرحمن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©