يفهم بعض العرب مصطلح «العالمية» بشكل مقلوب، أو بصيغة أكثر وضوحاً: بشكل يدعو الى السخرية والضحك. يظنون أن إضافة كلمة العالمي أو العالمية لأيٍ كان دليل على أهميته ونبوغه. قبل يومين، كنت أشاهد أحد البرامج الغنائية في واحدة من القنوات العربية. وكان ضيف الحلقة فناناً لبنانياً مغموراً (صوتاً) اسمه مساري. ومساري هذا لمن لا يعرفه فنان لبناني جديد يملك صوتاً (نحاسياً) يسبب لمن يسمعه تلبكاً معوياً في الحدود الدنيا، وصداعاً لا يرجى برؤه في الحدود العليا. كانت مقدمة الحلقة طوال اللقاء تسبق اسمه بكلمة العالمي، حتى ظننت أن مبعث هذه الكلمة هو انتشار أغاني هذا المساري في دول العالم. لكن ظني الحسن خاب وتبخر حين عرفت من صديق كان يجلس بجانبي أن سبب هذه التسمية المضحكة يعود لغناء مساري عدداً كبيراً من أغانيه باللغة الإنجليزية. هكذا، ببساطة شديدة، تمت إضافة كلمة العالمي لهذا الفنان المغمور ذي الصوت النحاسي، لأنه غنى باللغة الإنجليزية. وكنت قبلها بيومين أشاهد برنامجاً حوارياً، كان ضيفه الفنان (العالمي) مسعود غسان. وكان أيضاً مدير الحلقة النقاشية يضغط بطريقة مضحكة على كلمة (العالمي) كلما نقل المايكروفون لغسان مسعود. ومسعود أيضاً لمن لا يعرفه، ممثل سوري من الدرجة الثانية، حصل على عالميته (ذات الطابع العربي) لأنه شارك قبل سنوات في فيلم أجنبي. النفاذ إلى العالمية والدخول في دائرتها يتطلب، من وجهة نظري، عدداً من الشروط الواجب توافرها: - الانطلاق من المحلية. - الوصول للآخر بصيغةٍ محلية. - الشهادة من الآخر- والمقصود بالآخر هنا، الغربي والشرقي- بعلو القيمة. - جذب أنظار الإعلام العالمي للبؤرة المحلية. أما أن أسمي نفسي (عالمياً) لمجرد مشاركتي في فيلم أميركي أو غنائي بلغة أجنبية، فهذا أمر يدعو بلا شك إلى السخرية والضحك كما قلت في بداية هذا المقال. أخيراً، هل جاء ببال أحدكم أن يظهر يوماً ما مذيع في إحدى القنوات الأميركية ويقدم الممثل الموهوب جداً روبرت دي نيرو على أنه النجم العالمي روبرت دي نيرو؟ هل هناك من يضيف كلمة العالمي لاسم اللاعب الموهوب جداً كريستيانو رونالدو؟. غريب أمر هذه (العالمية) فلا وجود لها إلاّ في إعلامنا.
عبدالله ناصر العتيبي
Abdullah.alotaibi@admedia.ae
عدد اليوم
 مساري)
