الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خليل الموسوي: مبدأي «يا غريب كن أديب»

خليل الموسوي: مبدأي «يا غريب كن أديب»
25 فبراير 2011 18:56
استيقظ خليل السيد الموسوي على رنين هاتفه المتحرك، ليجيب على صديقه حانقاً «وش تبى يالمزعج»، فينطلق الصوت على الطرف الآخر من الجوال قائلاً: «يلا قوم...يا كسلان..قوم عشان تحجز التذكرة وتجهز عمرك للسفر». لم يصدق الشاب خليل، وقفز يستفسر من صديقه الذي أخبره بأن الموافقة على الابتعاث قد تمت وتم قبوله في جامعة «سوينبرن» في مدينة ملبورن بأستراليا. لطالما كان حلم الإماراتي اليافع خليل السيد إبراهيم الموسوي، ذي العشرون عاماً أن يتخصص في إدارة النقل الجوي، ولكن تجري الرياح أحياناً بما لا تشتهي السفن، فلم تسعفه الظروف لمتابعة دراسته في هذا المجال، ومع ذلك فقد اختار تخصصا لا يقل أهمية في مجال «التجارة العالمية»، حيث إنه في عامه الدراسي الثاني بجامعه سوينبرن في مدينة ملبورن. بعد نجاحه في الثانوية العامة، تقدم الموسوي بالتسجيل في كليات التقنية العليا، كما وفي نفس الآونة بادر بتسجيل طلبه لدى وزارة التعليم العالي للابتعاث، مع أن الشك ساوره في القبول على ابتعاثه، ومع ذلك كان له عزيمة لا تلين، يقول خليل: «لم يكن لدي يقين كامل بقبولي للابتعاث، فهناك الكثير من الطلبة المسجلين، ومن الممكن أن تكون درجاتهم أفضل من درجاتي، ولكن تم قبولي ولله الحمد»، ومع ذلك فقد انضم لدورة تعزيز اللغة الإنجليزية «الأيليس»، ويتابع: «لم أكن متأكداً من الابتعاث، ومع ذلك سجلت في دورة «الأيليس» في كلية الإمارات للطيران، فإذا لم أقبل، فسأكون من حملة هذه الشهادة». يعتبر الموسوي نفسه «ابن بطوطة» بشكل مختلف، حيث إنه كثير الأسفار فقد زار معظم الدول العربية التي تشتهر بالسياحة ومنها مصر وسورية ولبنان والأردن، بالإضافة لمعظم الدول الخليجية، كما سافر إلى بعض الدول الأوروبية، ومع ذلك عند قرار السفر للدراسة كان لذلك وجهة نظر أخرى، فقد قرر خليل اختيار استراليا للدراسة هناك بعد تقصي وبحث طويلين، وتبعا لمعايير كثيرة أهما شهرة الجامعة بتدريس التخصص الذي قرر دخوله، وساعده في اتخاذ قراره أبناء خالته الذين يدرسون في نفس المكان، ورشحوا الجامعة لعدة أسباب منها هدوء المنطقة وبعدها عن ازدحام المدن الكبرى، يقول الموسوي: لقد اخترت الجامعة لما تتمتع به من جو دراسي أكاديمي بعيد عن فوضى المدن الكبرى، وأيد أبناء خالتي رأيي وشجعوني عليه، لأن سبب ذهابي هو الدراسة وليس للسياحة وإضاعة الوقت». الحماس تفوق ومع كثرة أسفاره لكن هذه المرة تختلف كثيراً عن سابقاتها، فهي الأولى وحيداً، ولم يكن ليحس بطعم الغربة في البداية؛ لأنه الشعور الذي كان يتملكه في السفر للدراسة تغلب على أية أحاسيس، ويقول الموسوي عن ذلك: «في البداية كان شعور طبيعي جداً، لا أعرف لماذا تملكني الشعور بأني مسافر لفترة وجيزة، وسأعود، لكن بعد شهرين أحسست بالفراق والابتعاد عن البلاد والأهل شيء صعب أكيد للكل». ومع ذلك الإحساس المرير بالغربة، فقد كان حماسه شديد للدراسة، لأنه وبحسب رأيه دخل تحدياً لتقرير مصيره ومستقبله، بالإضافة لاتخاذ قراره بعدم خذلان نفسه وعائلته التي شجعته ووقفت إلى جانبه، مع أنه واجه بعض الصعوبات عند وصوله للمدينة التي يدرس بها، لكن وجود أقربائه ساهم في التغلب على هذه الصعوبات وتذليل أية عقبات، كما ساهم في كسر الشعور بالغربة، يقول الموسوي: «كنت شديد الحماس للدراسة، وحملت شعوري هذا منذ إقلاع الطائرة في الإمارات، مما ساعدني على تحمل أية متاعب مهما كانت، وساعدني ابن خالتي حسن على التكيف، لقد استقبلني في المطار، ولمحاسن الصدف، فقد التقيت بالطالب الإماراتي عبدالله المهيري، أثناء البحث عن سكن، مما ساهم بشدة في التأقلم»، مع أن عيني كانتا تدمعان في الأيام الأولى من دون سيطرة على نفسي، وذلك شوقاً للأهل والوطن». واجبي الوطني يبدأ الموسوي يومه الدراسي كمن لديه مهمة وطنية وعليه تنفيذها، تبدأ بالمحاضرات والعودة إلى البيت لمذاكرة ما يجب، للتغلب على أية صعوبات قد تنشأ، ومن ثم يبدأ بممارسة بعض الهوايات في المشي والسباحة مع الأصدقاء، مع أن هوايته المفضلة في ركوب الخيل، لكنه يفتقدها لأنه لا يستطيع ممارستها في استراليا، وذلك لبعد المكان عن أية أندية للخيول. «أبدأ يومي الدراسي كمن لديه واجب وطني، ومع أنني أواجه بعض الصعوبات في بعض المواد، ولكن شعوري بالتغلب على أية عوائق يتفوق على ذلك»، ويقول إن معاناته في الجامعة كانت في معظمها تتلخص في اللهجة الأسترالية الصعبة. «يا غريب كن أديب» يتعامل الموسوي في الغربة من منطلق المثل الشعبي المعروف «يا غريب كن أديب»، حيث يبتعد عن أية مصادر للمشاكل، يقول: «أنا بطبعي مسالم، ولا أحب أن أتسبب في أية خلافات، نحن في النهاية سفراء لدولنا، ويجب علينا أن نكون حريصين في التعامل، وأنا من مناصري المثل يا غريب كن أديب». ومع وجود الفروقات المناخية بين دولة الإمارات وأستراليا، فقد تكيف الموسوي مع الأجواء الأسترالية بعد مرض وتعب شديدين حسب وصفه، ولكن لم يتغلب على مشكلة الالتزام بالمواصلات، يقول الموسوي ضاحكا : «الغربة تعلمك معنى الوقت وأهميته، واجهت مشكلة حقيقة في الالتزام بالمواصلات العامة لغاية شرائي سيارة خاصة بي، ومع أنني تورطت بعدة مواقف في الدخول باتجاهات خاطئة بسبب اختلاف نظام القيادة، ولكن في النهاية اعتدت الأمر والحمد لله»، ويضيف لا توجد دولة تقارن بدولتنا الحبيبة من ناحية الرفاهية، في استراليا الأصدقاء هم فقط من يستطيعون ملء فراغك. ويروي حادثة طريفة في أن أحد الأستراليين عندما عرف أنه من الإمارات، قال له: أحب ثلاثة أشياء في الإمارات «طيران الاتحاد وطيران الإمارات وبرج خليفة»، ويضيف الموسوي «كنت سعيداً بما قال لي الشاب الأسترالي ودل على الخطوات الجبارة التي ساهمت في توعية الشعوب عن دولتنا الرائعة». ولكن أكثر ما يفتقده الموسوي هو أرض الوطن والأهل والأصدقاء خلال الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية التي اعتاد الاحتفال فيها فيما بينهم، ولذلك يعمل مع أصدقائه الإماراتيين على ممارسة نفس العادات، وعن ذلك يقول: «نلبس الكنادير ونضع الدخون ويجهز البعض القهوة، كما يقوم بعضنا الآخر بتحضير البلاليط، وإذا كان الاحتفال بشكل رسمي ينسق مجلس الطلاب الإماراتيين مع باقي المجالس والتجمعات العربية والإسلامية للاحتفال بهذه المناسبات». يتواصل خليل مع الطلاب الإماراتيين والبالغ عددهم حسب تقديراته حوالي الـ 300 طالب فقط في المدينة التي يدرس بها، كما يتواصل مع بقية الطلبة الإماراتيين في بقية الولايات الأسترالية، ويطمح بعد الانتهاء من دراسته في مجال التجارة العالمية إكمال دراسته للحصول على درجة الماجستير ومن ثم التقدم لنيل الدكتوراه، ولكنه يفضل العمل بداية لاكتساب الخبرة العملية التي ستساهم في صقل إمكاناته لتعزيز تحصيله العلمي المستقبلي. وينصح الموسوي الطلاب المبتعثين المستجدين، في تهيئة أنفسهم نفسياً قبل المغادرة لأنهم وإن كانوا كثيري الأسفار فذلك يختلف كلياً عندما يكون السبب للدراسة. الاحتفال بالمناسبات الدينية يحتفل خليل مع أصدقائه المسلمين (عرباً وخليجيين وأجانب) في المناسبات الدينية، ويتم التنسيق مع مجلس الطلاب في الأعياد، وذلك لجمع الأصدقاء والمسلمين احتفالاً، كما نؤدي الصلاة في مسجد الجامعة، ولم يواجه الموسوي أي مواقف حقيقية تنم عن عنصرية أو نفور بحكم كونه عربيا أو مسلما، إلا فيما خلا من بعض المواقف التي يعتبرها فردية لا تعكس عادات الأستراليين، الشعب الأسترالي ولله الحمد شعب مسالم، أجمل ما فيهم أنه احترامهم للحرية الشخصية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©