الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وزير التربية: الدروس الخصوصية آفة يجب مكافحتها بشدة

وزير التربية: الدروس الخصوصية آفة يجب مكافحتها بشدة
28 ابريل 2008 01:22
على الرغم من تحذير وزارة التربية بعدم التهاون في تطبيق القانون ضد أي معلم أو معلمة من العاملين فيها يثبت تورطه في إعطاء دروس خصوصية· إلا أن سوق الدروس الخصوصية ما زال يشهد إقبالا متزايدا خصوصا مع اقتراب موعد الامتحانات النهائية· ولم تكتف وزارة التربية بترهيب موظفيها فقط، بل عمدت الى ترغيب الطلاب واسرهم في اللجوء الى برامج تقوية مكثفة لرفع مستوى التحصيل العلمي في المدارس الرسمية، اضافة الى اعتماد نظام امتحانات جديد، للحد من ما وصفه وزير التربية والتعليم الدكتور حنيف حسن بـ ''آفة يجب مكافحتها بشدة''· في المقابل، أكد عدد من معلمي الدروس الخصوصية أن ما يقومون به لا يمثل ''خروجا عن القيم التربوية''، وأشاروا إلى أن الغلاء المعيشي يدفع المعلم الوافد ،الذي يتراوح راتبه ما بين 4500 و7000 درهم شهريا، إلى إعطاء هذه الدروس لتحسين مستوى دخله· وفيما يتقاذف الاهالي والمعلمون كرة المسؤولية بينهما واحيانا يلقونها على عاتق النظام التربوي بأكمله، تبقى الحاجة الى الدروس الخصوصية ''شرا لا بد منه'' بالنسبة إلى عدد كبير من الأهالي· وأرجع عدد من التربويين زيادة الطلب على هذه الدروس الخصوصية الى قرب موعد الامتحانات من جهة، وإلى عناصر أخرى تتعلق بالبيئة المدرسية وزيادة العبء الدراسي على المعلم· اضافة الى زيادة أعداد الطلبة في الفصول الدراسية من جهة وما يطلق عليه بعض التربويين بـ ''حشو المناهج'' التربوية وعدم قدرة الطالب على استيعاب كل تفاصيل المنهج الدراسي، مما يدفعه الى اللجوء للدرس الخصوصي· اسباب انتشارالدروس الخصوصية وبحسب أولياء أمور من الذين اضطروا الى طلب خدمات الدروس الخصوصية لأبنائهم، فإن جداول معلمي الدروس الخصوصية قد أصبحت كاملة العدد على مدار الساعة، ولم يعد بالإمكان إيجاد ولو دقائق معدودة في جدول أبرز مدرسي مادة الرياضيات والكيمياء واللغة الإنجليزية والفيزياء أو غيرها من المواد التي تجد إقبالاً كبيراً من الطلبة· وأشار سعيد سلطان الى أنه بذل جهوداً كبيرة في تأمين معلم رياضيات لابنه في الصف الثاني عشر، بعد تدني معدلات الابن في نتائج امتحان الفصل الدراسي الأول من العام الحالي· وقال سلطان إن وجود 36 طالباً في صف واحد مع الأخذ في الاعتبار المرحلة العمرية لهؤلاء الطلبة واختلاف قدرة كل منهم على التعاون مع المادة العلمية، فإنه من الصعب على المعلم القيام بعملية الضبط الصفي بصورة دقيقة، بل من الصعب عليه التأكد من مدى استيعاب كل طالب للمادة العلمية· بدورها لجات أسماء جاسم منذ بداية الشهر الحالي الى معلمة لغة إنجليزية لتحسين المستوى الدراسي لابنها في الصف الأول الثانوي، وذلك بعد ملاحظتها تراجع معدلاته في التقويم الذي أجرته المدرسة منذ أيام· وعزت ذلك الى وجود ضغوط كثيرة على المعلم في مقدمتها العبء التدريسي الذي يتراوح ما بين 20 الى 22 حصة أسبوعياً، بالإضافة الى ما تتطلبه كل حصة دراسية من تحضير واستعداد وشرح وتفاعل مع الطالب وكذلك تجهيز أسئلة ومتابعة الإجابة· واشارت الى أنه ''يفترض'' أن يقوم المعلم بتوضيح الخلل لكل طالب على حدة حتى يتجنبه في الامتحان المقبل، وأوضحت أن ''هذا الأمر لا يحدث بالطبع من جانب المعلم ''الغارق'' حتى أذنيه في دوام روتيني لا يساعد على الإبداع''· وإذا كانت هذه وجهات نظر بعض أولياء الأمور، فإن البعض الآخر منهم يرى أن الدروس الخصوصية ''شر لابد منه''، خاصة في ضوء تغير دور المدرسة بصورة كاملة بل وتغير البيئة المدرسية، خصوصا مع زيادة أعداد الطلبة وارتفاع الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية· وتتراوح هذه الكثافة ما بين 28 الى 39 طالباً وطالبة في المتوسط في معظم المدارس، وخاصة في المرحلة الثانوية التي يتم دمج عدد من الشعب الدراسية فيها من حين إلى آخر· مكافحة الظاهرة حذر وزير التربية والتعليم من أن الوزارة لن تتهاون في تطبيق القانون ضد أي معلم أو معلمة من العاملين فيها يثبت قيامه بإعطاء دروس خصوصية، مشيراً الى أنه شخصياً لن يتردد في إنهاء خدمات أي من هؤلاء فوراً، إذ يعتبرهم ''آفة تربوية يجب مكافحتها بشدة''· واعتبر حسن أن ظاهرة الدروس الخصوصية موجودة في الوطن العربي كله، وهي إحدى سمات تأخر النظام التعليمي في كثير من الدول العربية التي باتت الدروس الخصوصية فيها موازية للمدرسة النظامية في الفترة الصباحية· وأوضح أن وزارة التربية والتعليم عندما أقرت في العام الماضي نظام التقويم والامتحانات الجديد كانت تضع نصب عينيها اشكالية أنظمة التعليم العربية التي تعتمد على تلقين الطالب للمادة العلمية بصورة تقليدية، لا يوظف خلالها الأخير إلا مهارة واحدة من مهاراته وهي مهارة الحفظ بدلا من الاستيعاب والفهم الكلي للمسألة العلمية المطروحة أمامه· واعتبر أن نظام التقويم الجديد قد أزاح جزءاً كبيراً من قمة ''جبل الجليد'' الذي كان يتحصن وراءه ملقنو الدروس الخصوصية الذين كانوا يزعمون أنهم قادرون على التنبؤ بالورقة الامتحانية وتصميمها، بل وبعض محتواها الأكاديمي· وأوضح حسن أن نظام الامتحانات الجديد جعل الطالب في حالة يقظة دائمة، وأعاد للمعلم اعتباره داخل الفصل الدراسي· ووضع معايير دقيقة لقياس الفروق الفردية بين الطلبة من خلال التفاعل الصفي والانخراط في النشاط التطبيقي مع المعلم خلال الحصة الدراسية، بل الالتزام بالخطة الدراسية التي يحددها المعلم· ويكفل هذا النظام عدالة في توزيع الدرجات على المادة الدراسية طوال العام، بحيث لا تقتصر فقط على درجة الامتحان، ومن هنا تم تخصيص 50 % من الدرجة للفصل الأول، ومثلها للفصل الثاني· وهذه الدرجات موزعة على أعمال النشاط التي يقوم بها الطالب داخل الفصل الدراسي اضافة الى أدائه في الامتحانات· بدوره قدم رئيس قسم الأنشطة بتعليمية أبوظبي قاسم الطاهر صورة سريعة عن دور مراكز التقوية في الحد من سطوة الدروس الخصوصية· مشيرا الى ان المنطقة التعليمية في ابوظبي دشنت هذه المراكز قبل خمس سنوات واستقطبت حتى اليوم أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة منذ انطلاقها معظمهم من طلبة المرحلة الثانوية· وتقدم هذه المراكز دروسا في التقوية من خلال مدرسين أكفاء بسعر رمزي تتراوح قيمة الحصة الدراسية ما بين 8 الى 24 درهماً فقط· فيما تتراوح قيمة الحصة الدراسية في سوق الدروس الخصوصية ما بين 100 الى 250 درهماً، ويخضع تقييمها لطبيعة المادة العلمية ومدى اختلافها، اضافة الى سمعة المعلم الخصوصي، اضافة الى عدد الطلبة في المجموعة الواحدة الذي لا يزيد عن الخمسة طلاب· وذلك وفق أحد أولياء الأمور· اما عميد كلية التربية في جامعة الإمارات الدكتور عبداللطيف حيدر، فأكد أن ''مشروع تعليم المستقبل'' من شأنه أن يلفظ كل هذه الآفات والأمراض التي يعاني منها النظام التعليمي، إذا ما طبق بصورة صحيحة· واعتبر أن هذه الآفات متراكمة منذ سنوات ويشترك في تغذيتها عدد من العناصر التربوية والاجتمعاية· ويرى حيدر أن تعليم المستقبل يجعل من الطالب نقطة ارتكاز تجتمع حولها برامج المدرسة ومشاريعها التربوية ويركز على إكسابه المهارات التطبيقية المرتبطة بالمادة النظرية، كما يتيح للطالب فرصاً أوسع للاختبار العملي· من يتحمل المسؤولية؟ يعمد كل طرف معني في انتشار الدروس الخصوصية على إلقاء المسؤولية على عاتق طرف آخر· إلا أن المسؤولية الحقيقية تتوزع على عدد من الجهات، منها: المعلمون وأولياء الأمور والنظام التعليمي بأكمله· وأكد محمد سالم الظاهري مدير منطقة أبوظبي التعليمية على أهمية دور الأسرة في توعية الطالب تجاه هذه القضية، وضرورة أن تدرب الأسرة الطالب على أن بإمكانه القيام بهذا الشيء وتغرس لديه الثقة في النفس· واشار إلى أن بعض الأسر ''تهرب'' الى الحل السريع عندما تواجههـــا مشكلــــة تتعلق بصعوبـــــة تعامل احد ابنائها مع مادة علمية وهو استدعاء معلم خصوصي· وقال الظاهري ''إن هذا الحل ليس أكثر من مجرد هروب من المشكلة وتأجيل التعامل معها الى فترة مقبلة، ومن ثم تتراكم هذه المشكلة وتتحول الى حالة مرضية لدى الطالب لا يستطيع من خلالها الاعتماد على نفسه أو التعاطي مع المادة العلمية بصورة مستقلة''· وأوضح الظاهري أنه فوجئ منذ أيام بإحدى الامهات تعرض عليه نتيجة رسوب ابنها في الصف الحادي عشر، في أربع مواد دراسية هي الرياضيات واللغة الإنجليزية، والكيمياء والفيزياء، وأكدت الوالدة أنها ''لم تقصر'' مع ابنها فقد أحضرت له معلماً خصوصياً يجلس معه أربع مرات أسبوعياً لشرح هذه المواد· وعندما استفسر الظاهري من الطالب عن اسم المعلم وجد أن الاخير هو ''مهندس زراعي'' يبحث عن عمل إضافي ولم يجد سوى الدروس الخصوصية باباً لتحسين دخله بعد انتهاء عمله· وأكد الظاهري على أن القضاء على الدروس الخصوصية يتطلب ارساء معايير واضحة تبدأ من تغيير البيئة المدرسية، بحيث تتحول المدرسة الى بيئة جاذبة· وتتواصل باتباع نظـام اليوم الدراسي الكامل الذي يقضي فيه الطالب أطول وقت في المدرسة يتابع دروسه ويتفاعل مع معلمه· اضافة الى وجوب تطوير أداء المعلم، بحيث يكون مواكباً للتحديات التي يشهدها العصر من تغيير المناهج الدراسية بصورة مستمرة، وضرورة أن تكون هذه المناهج إبداعية في المقام الأول· وصولا الى تطوير أساليب التدريس والاعتماد على التقنيات المتطورة كوسائل تعليمية معززة لقدرة الطالب على الفهم والاستيعاب، مثل دراسة آليات تحفز الطالب وتشجعه على التعلم وارتياد مراكز متقدمة في المادة الدراسية، وتغيير الثقافة العامة لمفهوم التعليم، بحيث يتحول الطالب من متلقٍ الى مشارك حقيقي ومتفاعل مع الأستاذ ومصادر المعلومات الأخرى في داخل المدرسة وخارجها· أما بالنسبة للمعلمين فإن إجابة يقدمونها عن سبب لجوئهم لاعطاء الدروس الخصوصية، تكمن في تدني راتب المعلم الوافد والذي يتراوح ما بين 4500 و7000 درهم شهريا موزعة على دفع اعباء السكن واعالة الاسرة والمواصلات والمعيشة· فيقول عدد من المعلمين ان الدروس الخصوصيـــــة هــــي المــــلاذ الأخير لهم لتحـســـين مســتواهم المعيشي· ويرى بعض هؤلاء المعلمين أن المشكلة ليست في تعديل الراتب بل في الصورة الاجتماعية العامة، حيث يجد المعلم نفسه في ذيل القائمة الاجتماعية، في حين أن بإمكانه أن يؤمن مردوداً مالياً لنفسه ولأسرته· ويعتبر بعض هـــــؤلاء المعلمين أن ما يقومون به لا يمثل ''خروجاً على القيم التربـــوية، فهم يقدمون علماً لطالـــب يحتـــاج إلى هذا العلم ولا يفرضون ''ســـطوتهـــم'' عليـــه كما تصور بعض الأســر أو الطلبــــة أو وسائل الإعلام دورهم''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©