الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في بيتنا إيدز 2

2 مارس 2014 23:50
في أوائل الثمانينيات، رأيت أحد الشباب الذي كان متوهجاً جميلاً ظريفاً، كان يحبه كل إنسان لمجرد كلامه وتعليقاته وحركته وخفة ظله، وهو يرقد على فراش نفس المرض (الأيدز)، يلتصق بالسرير، لا ترى منه إلا حبتين كبيرتين بيضاويتين لا تعرف أنهما عيناه إلا حينما يحركهما، وفمه المفتوح كسقيم الطير ينتظر قطرة ماء من السماء، وصدر نحيل يتنهد كتنهد الحصان المنهك وهو على فراش موته، ولسانا لا يقوى على الكلام، وكل نظرة من عينيه تبلغ الناظرين، حسرات وأسى، والناس من حوله يحوقلون، ويندهشون، ولا يصدقون، والكل يرمقه بعين فيها عياف وندم، والذي يخرج منه لا يعود، ولا يقدر حتى أن يتحدث عنه مجرد الحديث لما رأى!، فإذا كنا وقتها لا نعرف ما أصاب هذا الشاب وأمثاله! حينها، فنقتله قبل يومه بنظراتنا، و«حوقلاتنا»حوله، فكيف حال آلاف الشباب الذين يحملون هذا الداء الآن وبعد أن علم الجميع به، كيف همومهم وما وزنهم في مجتمعنا الذي يرى أن كل شيء يخرج عن عاداته عيب، البوح بهذا الداء عيب! كيف نوازن كل هذه الأشياء بحقوقنا كبشر، حقوقنا المجردة بغض النظر عن الدين والعرق والقبيلة والعيب والعار إذا وقع المحتوم! كما يحدث فينا الآن؟. تُرى يجب أن نتعامل كمسلمين مع الإيدز، هذا القاتل الخفي الذي (يهري) كمية هائلة منا، ومن أبنائنا وبناتنا كل يوم دون شكوى لأحد؟ وما هي خطتنا لمكافحة هذا الوباء! وهل يكون البوح به والإعلان عنه شجاعة ونبلاً وفرضاً؟ . من لنا بفقيه يأتينا بفتوى تباعدنا عن الفسوق، وفي الوقت نفسه تزيل عن مرضانا هذا الجور وهذا العار والانكسار أمام الجهل ورعاع الناس؟ وإيجاد معادلة تضمن لهم العيش الكريم حتى يموتوا كما نموت، ولهم ولنا رب الكائنات وخالق الابتلاءات!؟ وغافر الزلات!؟. أنا لا أتمنى ولا أرجو من الله أن أصاب أو يصاب أحد معارفي أو أي شخص بمثل هكذا ابتلاء، ولكني والله إن أُصبت لأكتبنه على قميصي، ولأرفعن لواء ابتلائي به حتى أرفع عن كاهل المثقلين عبء هذا العار والعياف، ولأكونْنّ حملة، بل سأثور ثورة أملأ بها الشوارع بالتعريف به وكيفية اتقائه والبعد عنه وعن حرمات الله وما يجلب لنا هذا العار. اللهم أرشدنا وأصرف عنا السوء والفحشاء، ولا تبتلينا بسفهنا وسفهائنا رحمة بنا يا أرحم الراحمين. دعونا نناقش هذا الأمر بجرأة.... دعونا نجابه هذا القاتل بشجاعة وشفافية لنستأصله من بيوتنا ومن شبابنا ومن أمتنا. الرفيع بشير الشفيع جنوب أفريقيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©