الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: رعاية حقوق الأقليات مصونة في الإسلام

العلماء: رعاية حقوق الأقليات مصونة في الإسلام
31 مارس 2017 00:35
حسام محمد (القاهرة) انتشرت مؤخرا ممارسات جماعات إرهابية ضد مسيحيين في بعض أقطار عربية وإسلامية، فقلتهم وهجرتهم باسم الدين، ولم يكتفوا بذلك بل أخرجوا من كتب التراث الإسلامي أراء وأحاديث وحرفوها، لتتفق مع أهوائهم وجرائمهم، الأمر الذي تسبب في تشويه صحيح الدين وللأسف انساق الإعلام الغربي وراء مزاعم هؤلاء وبدأ يروج أن الإسلام دين لا يقبل التعددية ويضطهد كل من يعتنق أدياناً مخالفة له. تشويه الدين يقول الدكتور محمد كمال إمام عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر: الجماعات الإرهابية تسببت في أذى كبير للإسلام والمسلمين فممارساتها وبعض المتطفلين على العلم الشرعي ممن دأبوا على تصوير الإسلام دين يرفض الاعتراف بالعقائد الأخرى أسهم في تشويه كل ما له علاقة بالدين الإسلامي ومنح الجماعات المتشددة في الغرب فرصة شن هجمات إعلامية وسياسية ضد الإسلام، ولهذا فلابد من المسارعة إلى إعداد منصات إعلامية إسلامية ترصد وتفند تلك المزاعم التي يروج لها الإرهابيون ويلصقونها زوراً بالإسلام، ولا بد أن يعي المسلمون وهم يتصدون لمزاعم الإرهابيين أن جزءاً كبيراً من التصور الخاطئ عن الإسلام في العالم اليوم سببه الممارسات التي يقوم بها الإرهابيون، إضافة إلى ما فعلته الحركة الاستشراقية والنظرة التاريخية الموجودة في ثنايا الكتب والمؤلفات في التراث الغربي التي جاءت من خلال الموروث الاستشراقي والتصور التاريخي المغلوط عن الإسلام في المناهج الدراسية، والتي كرست الصورة الذهنية الخاطئة عن الإسلام في الغرب، إضافة إلى الربط بين ما جاء في الكتب والمؤلفات في التراث الغربي عن الإسلام والواقع الفعلي الذي يتمثل في بعض التصرفات وبالطبع تبقى السلوكات الخاطئة التي تقع من جانب الإرهابيين وقيام الإعلام الغربي باستغلال هذه التصرفات وتصويرها على أنها من تعاليم الإسلام، ما أدى إلى تفشي ظاهرة الخوف والعداء للإسلام والمسلمين المعروفة بـ «الإسلاموفوبيا» في الغرب. إيقاع الفرقة يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وأستاذ الشريعة بجامعة حلوان: الدين الإسلامي والدين المسيحي دينان من عند الله، ولا ينبغي أبداً أن تكون الأديان وسيلة انقسام وتفريق بل يجب أن تكون وسيلة توحد وتلاق بين الناس بعيداً عن الطائفية، فهناك من يريدون أن يوقعوا الفرقة بين أبناء المجتمعات الإسلامية مثل الإرهابيين الذين يريدون زرع الكراهية والحقد بين النفوس من خلال نشر مفاهيم مغلوطة عن الدين المسيحي وعن الدين الإسلامي في حين ينادي الإسلام إلى الحب والرحمة، حيث يقول تعالى: «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَي نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» و«وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة»، ولابد من مواجهة الفكر الداعي للقطيعة، وهي دعاوى لا تمت للدين بشيء وتتنافى ورصيد التعايش الذي عاش عليه العرب مسلمون ومسيحيون طوال قرون مضت. ويضيف الجندي: الإسلام جعل الاعتراف بالأديان السماوية والرسل جزءا من عقيدة المسلم، حيث قال تعالى: «أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، وقد وضع الله تعالى مواصفات خاصة للمسلمين حتى لا يتم التطاول على الأديان أو العقائد فقال تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»، وأوضح أنه حتى في حالة دعوتهم للإسلام لا يجوز أن نفعل ذلك بطريقة تولد أحقاداً، فقال تعالى: «ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، بل إن إيمان المؤمن لا يكون صحيحاً إلا إذا آمن بجميع الأنبياء السابقين، وآمن بما أنزل الله تعالى عليهم من الكتب السماوية الصحيحة، قال تعالى: «قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ». نصارى نجران يقول الدكتور إسماعيل عبدالرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: رسالة النبي صلى الله عليه وسلم خاتمة ومكملة للأديان التي سبقته وبهذا يكون الدين ليس في صراع مع غيره من الأديان حتى يضطر للتقاتل معها، كما يزعم التكفيريين، فالدين الإسلامي جاء به خاتم النبيين محمد، صلى الله عليه وسلم، استكمالا لمن سبقه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا يؤكد قوله تعالى: «إن الدين عند الله الإسلام»، وقوله تعالى مخاطباً أبا الأنبياء في سورة الأنعام: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين»، كما يؤكده قوله صلى الله عليه وسلم: «إن مثَلي ومثَل الأنبياء مِن قبلي كمثل رجل بني بيتًا فأحسَنه وأجمله، إلا موضع لبنة مِن زاوية، فجعل الناس يطوفون بالبيت ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين». ويضيف عبدالرحمن: كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، حريصاً على تأكيد الحرية الدينية، وأن الإيمان بالله يتضمن الإيمان بالواجبات والحقوق التي أقرّها الإسلام ومن أهمها احترام الأديان الأخرى، حيث إن الحريات والحقوق المذكورة في القرآن مصدر للنضج السياسي والاستقرار في المجتمعات المسلمة فالكرامة الإنسانية كفلها القرآن، والعدل أساس الشريعة الإسلامية، وقد حدث أن قام النبي، صلى الله عليه وسلم يوماً من مجلسه تحية واحتراماً لجثمان ميت مرت جنازته أمامه، وقام معه المسلمون، فقيل له من باب التنبيه، إنها جنازة يهودي، فقال: «أليست نفساً» والقارئ للتاريخ الإسلامي سيكتشف مدى الحماية التي وفرها الإسلام لغير المسلمين في المجتمعات الإسلامية فقد وفر النبي، عليه السلام لأهل نجران وكانوا من النصارى حماية للأموال والممتلكات، فقد جاء ما نصه «ولنجران وحاشيتها جوار الله تعالى وذمة محمد رسول الله، على أموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير». وهذا من أروع الأمثلة على التسامح الديني الرفيع، رغم أنه لم يكن هناك عقد أو معاهدة، هو سماح النبي الكريم، لوفد نصارى نجران المؤلف من ستين شخصاً بدخول مسجده الشريف، وجلوسهم فيه فترة طويلة، وعندما حان وقت صلاتهم قاموا متوجهين إلى المشرق ليصلوا، فقام المسلمون لمنعهم، إلا أن الرسول نهاهم وتركهم يصلون في طمأنينة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©