الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات سريلانكا... فرصة لدعم حقوق «التاميل»

5 ابريل 2010 21:37
في مايو الماضي، وبعد ما يزيد على ربع قرن من الحرب الأهلية بين القوات الحكومية وانفصاليي التاميل، حل بسريلانكا سلام هش. واليوم، يأمل المراقبون أن تساعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الثامن من أبريل الجاري على توحيد هذه (الدولة- الجزيرة)؛ لكن إذا اتبعت الحكومة التكتيكات التمييزية نفسها التي استعملتها في الانتخابات الرئاسية في يناير الماضي، فإنها ستنفر "تاميل" البلاد أكثر وتقضي على آمال تحقيق السلام. وتعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة الأولى من نوعها منذ ما يزيد على ربع قرن التي لا تجرى وسط حرب، غير أنه شابتها -حسب مراقبين مستقلين للانتخابات- ممارسات غير قانونية مثل سوء استعمال موارد الدولة لمساعدة مرشح الحزب الحاكم، والتغطية غير المتكافئة لوسائل الإعلام التابعة للدولة، ونقل النازحين "التاميل" إلى مكاتب الاقتراع في ظروف سيئة، ومشاكل تتعلق ببطاقات هوية الناخبين "التاميل"، إضافة إلى العنف. ففي غضون أيام، تم اعتقال عدد من مستشاري مرشح المعارضة المهزوم الجنرال "ساراث فونسيكا"، وقامت الشرطة بمداهمة مكتب حملته الانتخابية. وفي الثامن من فبراير الماضي، وفي مظهر فاضح للانتقام السياسي، تم اعتقال "فونسيكا" نفسه ووجهت له تهمة التخطيط لانقلاب. وتُظهر نتائج الانتخابات الرئاسية الرسمية الانقسامَ العميق بين السنهال والتاميل في سريلانكا، انقسام غذى حرباً أهلية دامت 26 عاماً، وأسفرت عن مقتل نحو 100 ألف شخص؛ حيث دعمت أقاليمُ الجزيرة الشمالية والشرقية (المناطق التي يعتبرها التاميل وطنهم) ومناطقُ أخرى تعيش فيها أعداد كبيرة من السكان الذين يتحدثون اللغة التاميلية فونسيكا بأغلبية كبيرة، وذلك لأن التاميل (الذين يشكلون 20 في المئة من السكان تقريباً) كانوا يعارضون الرئيسَ المنتهية ولايته "ماهيندا راجاباكسا"، وتعصبه للقومية السنهالية لدرجة أنهم دعموا فونسيكا بهامش يفوق 3 إلى 1 في معظم المناطق، رغم أنه كان قائد الجيش الذي سحق حركة تمرد التاميل وقتل زعماءها خلال حملة مايو 2009 العسكرية. غير أنه بموازاة مع ذلك، أفاد مراقبو الانتخابات بأن نسبة المشاركة في الانتخابات ببعض مناطق "التاميل"، كانت أقل من 20 في المئة، ما يُبرز غياب ثقة التاميل في نظامٍ سياسي قمعهم وهمشهم على مدى عقود. كما عكست نسبةُ المشاركة المنخفضة الجهودَ الحكومية الرسمية لحرمان الناخبين التاميل من عدد من الحقوق مثل حق العودة إلى مناطقهم، وحرمانهم من بطاقات الهوية الوطنية، وحبس العديد منهم في ما يشبه معسكرات اعتقال. إن الرسالة التي تبعث بها أرقام الانتخابات واضحة وتبعث على القلق، إذ تُظهر مدى الهشاشة التي يمكن أن يصبح عليها الوضع الحالي إذا لم يتم وضع حد لعملية حرمان التاميل من حقوقهم السياسية، وفي حال لم يمُنحوا مقعدا حول الطاولة. ولذلك، يتعين على حكومة "راجاباكسا" الجديدة أن تتقرب من السكان "التاميل" وتقوم بإصلاح الأضرار الاقتصادية والشخصية والمادية التي نجمت عن قرابة ثلاثة عقود من القتال. كما يجب طمأنة السكان "التاميل" بأنهم في مأمن على الجزيرة ويمكنهم حقا أن يعتبروها وطنهم. والأهم من ذلك كله هو ضرورة أن تلبي حكومة سريلانكا مطلب المجتمع الدولي المتمثل في ضرورة معالجة المشاكل التي تؤدي إلى الحرب، ومن ذلك ضمان المساواة للتاميل بمقتضى القانون، وبخاصة في ما يتعلق بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها حق حرية التعبير وحرية التنقل والصحافة الحرة، وكلها أمور أساسية لضمان شرعية انتخابات الأسبوع المقبل البرلمانية، وضمان أن يصبح التاميل لاعبين في ديمقراطية الجزيرة. وإلى جانب التصويت، ثمة اعتراف متزايد بأن "راجاباكسا" لا يتخذ الخطوات الضرورية لتحقيق المصالحة بين المجموعات الإثنية والدينية المختلفة التي تعيش على الجزيرة. ولذلك، يتعين على الحكومة أن تُنهي الاعتقالات التي تحركها دوافع سياسية وتُطلق سراح عشرات الآلاف من المواطنين التاميل -ومنهم نساء وأطفال- المعتقلين في معسكرات اعتقال بدون أن توجه إليهم أي تهمة. كما يتعين على الحكومة والشركاء الدوليين أن يركزوا مساعدات التنمية على مناطق التاميل، التي دمرتها الحرب، فسكان تلك المناطق في حاجة ماسة إلى مدارس ومستشفيات ومنازل جديدة. وغني عن البيان أن مشاريع البنى التحتية، والبرامج الاقتصادية، وإزالة الألغام الأرضية مهمة وأساسية. على أنه من الضروري أيضا أن تقوم الولايات المتحدة وأصدقاء آخرون لسريلانكا بالضغط على الحكومة التي أعيد انتخابها حديثا لتوقف سوء استعمالها السافر للسلطة وتُنهي محاولاتها لفبركة فوز للحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة. كما يتعين على المنظمات الدولية أن تقوم بإرسال مراقبين من أجل الإشراف على عملية التصويت وتساعد على ضمان انتخابات خالية من التلاعب والترهيب. لقد ضاق "التاميل" ذرعاً بالحرب وسيتعاونون مع حكومة تمنحهم المكان الذي يستحقونه على الجزيرة، ولكن حكومة "راجاباكسا" تهدر فرصة المساعدة على دفع سريلانكا إلى مستقبل أكثر إشراقاً. والواقع أنه بإمكان محبي السلام في كل مكان أن يساعدوا هذه العملية عبر المطالبة بانتخابات برلمانية حرة ونزيهة في الثامن من أبريل الجاري، وعبر حشد الدعم لخطوات دراماتيكية لتحقيق المصالحة، التي يمكن أن تجلب حقاً العدالة والسلام. كارونيان أرولانانثام عضو منظمة "مبادرة السلام التاميلية الأميركية" ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©