الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة الاستقلالية المادية للمرأة فن أدواته الحوار والتفاهم والتخطيط

إدارة الاستقلالية المادية للمرأة فن أدواته الحوار والتفاهم والتخطيط
24 فبراير 2013 11:47
الاستقلالية المادية للزوجة نعمة تسندها وقت الشدة والأزمات، وتسهم في رفاهية الحياة الأسرية، لكن في بعض الأحيان تشكل هذه الاستقلالية مشكلة كبيرة، تصبح سبب الخلافات المتكررة بين الزوج والزوجة نتيجة غياب الحوار والتفاهم حول ترتيب الأولويات ووضوح الرؤية وتحديد مسؤوليات كل منهما، ووضع الخطط. فهل الاستقلالية المالية للزوجة نعمة أم نقمة؟ وكيف يمكن للسيدة إرجاع دور الرجل رغم امتلاكها دخلا ماديا؟ وكيف يمكنها تعزيز مفهوم القوامة للرجل في شؤون بيته بما فيها النفقة عليها وتوفير كل متطلباتها؟ وكيف يمكنها ترويض سلبيته وعدم مبالاته تجاه بعض احتياجاتها المعنوية؟ وقف العمل وراء انفصال محمد حسن، الموظف بإحدى الشركات، عن زوجته بعد أكثر من 15 سنة، موضحا أن حياته كانت سعيدة قبل حصول زوجته على وظيفة رغم صعوبة العيش. ويقول “كنت في البداية أعارض عملها، لكن تحت إصرارها وافقت، نظرا لحصولها على شهادة عليا، وقبل عملها كنت أقتسم راتبي معها بعد سداد كل احتياجات البيت، وترتيب كل الأولويات، وتوفير البعض منه، لكن بعد عملها شعرت أنها تغيرت بشكل كبير على جميع المستويات، حيث لم تعد تستقبلني بابتسامتها المعهودة”. ويضيف “مع الوقت لم أشعر بأهميتي لديها، أصبحت تخرج بمفردها وتشتري كل ما ترغب فيه دون الرجوع إلي، كما أن عملها وراتبها الجديد لم يشكلا أي إضافة بالنسبة لبيتنا، بل كان كل همها أن تسعد أهلها، حيث لم تضع خطة لتوفر بعض المال وتتصرف في الباقي، حاولت أكثر من مرة إثارة الموضوع، ولاحظت مع الوقت أن وظيفتها زادت حياتنا مشاكل واتسعت دائرة الخلافات بيننا، ما جعلني أتخذ قرار الانفصال”. تأمين المستقبل يقول سيف عبيد موظف إنه لا يوافق على استقلالية المرأة المادية دون اتفاق واضح، مؤكدا أن الشفافية أمر مهم في الحياة الزوجية. كما يوضح أنه يشعر بفراغ كون زوجته لا تحتاجه ماديا وهذا لا يجعله مهما في حياتها. ويفسر لم يكن الاتفاق قبل الزواج على التفاصيل المادية يسيرا، رغم علمي بأن زوجتي تعمل في إحدى الشركات الكبرى وراتبها أعلى من راتبي، وأنها تشتري ما يحلو لها من ملابس وماركات وسيارات وهواتف وغيرها من احتياجاتها دون الرجوع إلي، ما جعلني أشعر بدونيتي”. ويشدد عبيد على ضرورة وضوح الرؤية والتفاهم على خطة مالية لترتيب الأوليات، كشراء بيت والاستثمار في هذه الأموال بما يعود على الطرفين بالنفع، بدل بعثرة الأموال يمينا وشمالا. وإذا كان بعض الرجال يطالبون زوجاتهم العاملات بمناصفة مسؤوليات البيت واقتسامها، فهناك من يرى غير ذلك، ويقر بالقوامة للزوج، ويؤكد أن مصروف البيت مسؤوليته، مشددا أنه لا يرضى أبدا بأن تصرف عليه زوجته، إلى ذلك، يقول أحمد سعيد «سمحت لزوجتي بالعمل، لكن بشروط، حيث كان اتفاقنا واضحا منذ البداية، راتبها ملكها إلا ما أرادت هي إنفاقه على عقار باسمها أو أي مصلحة تؤمن بها حياتها المستقبلية، وذلك وفق الشريعة الإسلامية. كما إنني أرغب في الحفاظ على قوامتي عليها وعلى البيت وعلى الأولاد، وبالتالي يجب أن يكون ذلك تطبيقا وليس كلاما فقط”. ويسجل عمل المرأة واستقلاليتها المادية خلافات لدى البعض من الرجال، بينما يرى البعض البعض الآخر أن ذلك أسهم في تحسين ظروف العيش، بينما ترى بعض النساء أن استقلاليتها المادية أصبحت تشعرها بعدم الاستقرار نظرا لتخلي الزوج عن دوره الأساسي وهو القوامة عن البيت، ناهيك عن دوره كزوج مهتم بزوجته ويعمل على توفير كل احتياجاتها الشخصية. تقول سيدات عاملات إن أزواجهن أحجموا عن مهاداتهن، وتسديد احتياجاتهن البسيطة، بل أصبح بعضهم يلجأ إليهن لطلب المال لتسديد قروضه أو بعض احتياجاته الخاصة. في هذا الإطار، تقول سارة خالد، صاحبة شركة، إنها عملت واجتهدت بشكل كبير لتحقيق حلمها التجاري، ثم تزوجت بشاب موظف، مؤكدة أنه في البداية كان يلبي كل رغباتها المادية ويقدم لها هدايا في المناسبات، لكن مع مرور الوقت تخلى عن ذلك، بل أصبح يثير الخلافات دفعا بها نحو اقتسام مسؤوليات البيت. وتقول “رغم شعوري بالفخر في المجتمع ووسط أهلي كوني حققت ذاتي وما أصبو إليه، لكن في اتجاه آخر أشعر بخيبة أمل كبيرة، حيث لا يعاملني زوجي على أنني زوجة، ولا أشعر أنه يسد فراغ الرجل في حياتي، ينقصني اهتمامه المادي والمعنوي بي». وتشير سارة إلى أنها تحتاج إلى اهتمام زوجها الذي يحقق لها التوازن النفسي كسيدة متزوجة. وتتابع «أشعر أحيانا أنني مع إنسان غريب خاصة عندما يضع لائحة الاحتياجات أمامي، ويقول إنه يجب أن أدفع نصيبي لعلاج الأطفال وكسوتهم ولأنشطتهم الموازية، أما الخادمة فأنا من يدفع لها بحجة أنني اخترت العمل خارج البيت، كما في حال السفر إذ يجب أن أدفع تكاليفه مناصفة وهذا يزعجني جدا». استقرار نفسي وإذا كان هذا رأي بعض النساء، فإن هناك من ترى عكس ذلك، إذ تقول خديجة محمد إنها تعمل منذ فترة طويلة، وأن استقلاليتها المادية لا تنتج عنها أية مشاكل، بل حققت لها نوعا من الاستقرار النفسي، وتقول خديجة «زوجي يردد دائما أن إسهام المرأة في مصروف البيت كرم منها، وهي ليست مجبرة عليه، وعمل المرأة يجب أن يحسن الوضع المالي للأسرة ويزيدها استقرارا، ولا يجب أن يكون أولوية في حياة الزوجين ويصبح مسببا للخلافات، فهناك أولويات أكبر من المال في الحياة الأسرية، وكلما ساد التسامح والوضوح علاقات الزواج فإن الوضع سيكون مريحا، وبالتالي فشعور الرجل بأهميته في البيت هو تكفله بكافة احتياجاته». وترى خديجة أن استقلالية المرأة ماديا تشكل حماية لها من تقلبات الزمان، لكن يجب أن تدار بحكمة عالية حتى لا تتسبب في اضطراب أسري، أما بالنسبة لإسهاماتها في احتياجات البيت فتقول إن ذلك يتم في حالة الضرورة كبناء بيت أو تدريس الأولاد في أحسن الجامعات. وللإضاءة أكثر على موضوع استقلالية المرأة المادية، وكيفية استعادة قوامة الرجل للبيت، وكيف تؤثر استقلالية الزوجة لاشعوريا في نفسية الزوج، يقول خبير الشؤون الأسرية والزوجية المستشار عبداللطيف العزعزي «القوامة للرجل في شؤون بيته بما فيها النفقة، ولكن عندما يصيب المرأة (الزوجة) خيراً نتيجة ورث أو هبة أو وظيفة، وتبدأ لا شعورياً بالإنفاق على نفسها إما لحاجة ضرورية أو لتعويض عما حرمت منه أو لحاجة في نفسها، فإن بعض الأزواج يتحسس من هذا التصرف، وهذا التحسس تختلف ترجماته ومفرداته وعمقه النفسي وأسبابه العميقة في اللاشعور، فيكون عند البعض وكأن الزوجة تظهر للزوج عجزه وعدم مقدرته على تلبية حاجاتها، وهناك من يرى أنها بدأت تفرض نفسها عليه، وأنها غير محتاجه له، وهذا الأمر يقلق الرجل كثيراً ويشعره بشيء من الإهانة وعدم التقدير والاحترام، فيهتز كبرياؤه». ويتابع “لو سألنا الزوجة لم فعلتي ذلك؟ فقد تكون إجابتها إنها لا تريد أن تثقل عليه بطلباتها». ويرى العزعزي أن مثل هذه الإجابة تحمل الإيجابية بكل معانيها، موضحا «لكننا نقول لها لا تنظري إلى ما تعتقدين أنه حل مناسب، بل انظري إلى أثر ذلك في نفسية الطرف الثاني، فأنت فكرتي بعقلية المرأة ولم تفكري بعقلية الرجل، وهناك من الأزواج من يتأثر بصنيع زوجته التي تلبي جميع احتياجاتها بنفسها مما لديها من مال مستقل، ومنهم من يبدأ بالتخلي عن مدها بالمال ليس فقط لما تحتاجه، بل يصل في بعضهم حتى عما تحتاجه من المال لتلبية احتياجات الأبناء أو المنزل، ومنهم من يبدأ بالعناد الخفي والمهاجمة التي يغلب عليها اللاشعور، فينتقد أسلوبها، وأغراضها التي اشترتها، وهناك من قد يبدأ يبحث خارج المنزل عمن يشعره بحاجته مالياً إما بالسلب أو بالإيجاب، وبذلك تضعف العلاقة الزوجية». معطى إيجابي عن كيفية تحويل استقلالية الزوجة إلى معطى إيجابي، يقول العزعزي إن هذا الأمر يحتاج إلى تفكير وتمعن ودراسة الحالة الأسرية والوضع المادي للرجل ونفسيته. ويوضح «مثلاً هل يقبل منها أن تأتي له بهدية من مالها الخاص؟ هل يقبل أن تسهم في دفع بعض ديون الأسرة؟ هل يمكن أن يقبل أن تسهم في شراء بعض أغراض المنزل؟ فمثل هذا الأمور قد تعطي إشارة للزوجة عن فكرة الزوج تجاه مالها. فإن قبل فإنه يمكنها شراء ما تحتاج له من مالها، ولكن يفضل أن تترك بعض الأمور ليشتريها لها الزوج». ويحلل العزعزي بعض الحالات المطروحة. ويقول «بالنسبة للسيدة التي تطلقت بعد 15 سنة بسبب الخلاف حول الراتب، فإن الحالة تظهر مدى ما كانت تنتظره الزوجة من فرج مادي لتلبي ما تحتاج إليه بمفهومها الخاص، ومدى صعوبة أو عدم قدرة الزوج على تحقيق ذلك». ويضيف «هذا قد يظهر وجود شرخ قديم في التفاهم حول هذا الأمر. فمن المفترض أن يدار الأمر بعقلانية أكثر، وتفهم لوضع كل منهما. هناك خوف عند بعض الأزواج من استقلالية الزوجة مادياً، خوفاً من الاستغناء عن معوناته وخدماته، وهذا يكسر الرجل، وانكسار الرجل ليس بالأمر السهل. لقد وجدنا من بعض الزوجات من يقلن لأزواجهن من باب المزاح “لماذا لم تكن غنياً؟”، “لو تزوجت الملياردير الفلاني كان أفضل لي”، ومثل هذه العبارات قد تهـدم أسـرة والمـرأة لا تدري، فهي عبارات تهين رجولة الزوج، فإذا كانت هذه تهينه فكيف إذا تحقق للزوجة الاستقلالية بمالها عنه واكتفائها بما تملك دون الحاجة له؟» وفي جانب آخر، يرى العزعزي أن هناك من يطمع في راتب زوجته، موضحا أن تلك نفسية تحتاج لمن يردعها ويفهمها ويوعيها. وحول كيفية استرجاع مهابة الرجل وقوامته للبيت في حال كانت زوجته عاملة، يقول العزعزي “العلاقة الزوجية يجب أن تعود لأصلها والذي قاله الله تبارك وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21). والمودة والرحمة أساسان قويان في تسوية كل الأمور وتحسين العلاقة بين الزوجين. وعلى الزوجة التي استقلت أو تفكر بالاستقلال مادياً أن تعود لزوجها وتجلس معه ليخططا لمستقبلهما ومستقبل الأبناء. وأن تستشيره في معظم أمور حياتها، لتشعره بقيمته وأهميته، وأن تطلب منه شراء بعض حاجاتها من ماله بطريقة تحببه في الاستجابة لذلك». الاستقلال المالي للزوجة يحرض الزوج على الخيانة! أفادت دراسة أميركية حديثة بأن اعتماد الزوج على زوجته ماليا يؤدي إلى خيانته لها عاطفيا. وقالت الدراسة إن شعور الزوج بتفوق زوجته عليه ماليا يرتبط غالبا بتعرفه على نساء أخريات. واستخلصت الباحثة الاجتماعية كريستين مانش من جامعة كورنل بمدينة إيثاكا، في ولاية نيويورك الأميركية، أنه كلما زاد اعتماد الزوج على دخل زوجته المادي زادت احتمالات خيانته الزوجية لها. واعتمدت الباحثة في دراسة أجرتها تحت عنوان “نتائج اختلاف الدخل على خيانة الأزواج لزوجاتهم”، التي دام العمل فيها مدة طويلة، على البيانات التي استنتجتها من بحثها الذي أجري على مواطنين أميركيين تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين. وأثبتت الدراسة، التي تمت في إطار المسح الوطني للشباب، أن الرجال الذين ليس لهم راتب خاص، ومن ثم يعتمدون ماليا بصفة كلية على زوجاتهم هم أكثر عرضة لنسج علاقات خارج إطار الزوجية أكثر ممن لهم داخل مساو لدخول زوجاتهم بخمس مرات. وقالت الدراسة، التي عرضت على الاجتماع السنوي لرابطة علماء الاجتماع الأميركيين، إن الخيانة ربما كانت محاولة لتعويض الشعور بعدم الكفاءة عند الرجال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©