الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بلغاريا وتحديات الحرب على الفساد

5 ابريل 2010 21:38
يؤشر اعتقال وزير بلغاري أول من أمس على خلفية اتهامات بتلقيه رشاوى، وكذلك إصدار حكم بالسجن على اثنين من كبار الشخصيات في بلغاريا بتهم التزوير والاختلاس، إلى بدء توجه تلك الدولة في تبني معايير الاتحاد الأوروبي وسياساته المتعلقة بمكافحة الفساد الحكومي، مع العلم أن بلغاريا تعد هي الدولة الأوروبية الأكثر فساداً حكومياً. ولهذا تكتسب هذه الخطوات أهميتها لكونها انعكاساً لبدء استجابة صوفيا للضغوط التي يمارسها عليها الاتحاد الأوروبي. وفي التفاصيل أن محكمة بلغارية أصدرت في 18 مارس المنصرم حكماً بالسجن لأربع سنوات بحق أسن دروميف -الرئيس السابق لصندوق الزراعة الحكومي- إثر إدانته باختلاس مبلغ 34 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية التي قدمها الاتحاد الأوروبي لبلاده. ثم تلا ذلك صدور حكم يوم الاثنين الماضي بسجن ماريو نيكولوف لمدة 10 سنوات بتهمة اختلاس مبلغ 8.3 مليون دولار من الأموال التي خصصتها بروكسل لصناديق الزراعة والتنمية الريفية البلغارية. وتعتبر هذه المحاكمات الأولى من نوعها التي تصدر بحق مسؤولين حكوميين كبار، في إطار الجهود التي تبذلها بلغاريا حالياً استجابة لتصاعد الانتقادات الموجهة إليها من بروكسل، ولاسيما الانتقادات المتعلقة بانتشار ممارسات شراء أصوات الناخبين، والتمويل الحكومي المشبوه للأحزاب السياسية، وغسيل الأموال، إضافة إلى عجز الأجهزة الأمنية والقضائية عن مصادرة أموال عصابات الجريمة المنظمة. يذكر أن هذه الأجهزة عجزت عن محاكمة منفذي العديد من جرائم القتل التي ارتكبتها عصابات المافيا بحق ما لا يقل عن 150 ضحية. والواضح أن الاتحاد الأوروبي قد سئم هذا العجز ولم يعد قادراً على تحمل وعود صوفيا المتكررة بمكافحة هذه الممارسات دون أن تفي بذلك. وهذا ما يؤكده رسلان ستيفانوف -مدير مركز دراسات الديمقراطية في العاصمة البلغارية- بقوله: "لقد قرر الاتحاد الأوروبي استعجال الحكومة وحثها باستمرار على الوفاء بالتزاماتها، لأنه سئم من تكرار وعودها الخالية من المعنى". وليس ذلك فحسب، بل لقد أصبحت بروكسل أكثر تمسكاً بعدم توفير أي مساعدات مالية اقتصادية إضافية لصوفيا، ما لم تنجح هذه الأخيرة في استعادة ثقة الاتحاد الأوروبي مجدداً. وبالنتيجة فإن هناك مبلغاً يصل إلى حوالي 15 مليار دولار من هذه المساعدات، بات مهدداً بخطر عدم التسليم للحكومة البلغارية ما لم تثبت هذه الأخيرة جديتها وقدرتها على مكافحة انتشار ممارسات الفساد بين مسؤوليها. ويضاف إلى ذلك أن بلغاريا تعد هي أفقر دول الاتحاد الأوروبي. وفي استجابة متحفظة منهم تجاه الخطوات الأخيرة التي اتخذتها صوفيا مؤخراً نحو استعادة ثقة الاتحاد الأوروبي بها، أثنى مسؤولون من بروكسل على هذه الخطوات، ولكنهم جددوا في الوقت نفسه القول إنه لا يزال هناك الكثير جداً مما يتعين على صوفيا القيام به في هذا الاتجاه. وعلى حد تصريح صحفي لمارك جراي -المتحدث باسم المفوضية الأوروبية: "فقد رأينا خطوات حققت تقدماً مشابهاً من قبل، ثم توقفت، ثم تلتها خطوات أخرى لم تصل إلى أهدافها ونهاياتها.. وهكذا. والآن نرى خطوة جديدة تتخذ في الاتجاه الصحيح. بيد أن الذي ننتظره الآن ونضع عيوننا عليه هو أن نرى إرادة سياسية قوية تستطيع ترجمة هذه الخطوة إلى تعهد والتزام مستمرين بمكافحة الفساد الحكومي". وفي الوقت نفسه ظلت بقية دول البلقان -الطامحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي- تراقب باهتمام كبير الكيفية التي تتعامل بها بروكسل مع الدول الأعضاء التي لا تحسن سلوكها السياسي والمالي، خاصة حين تكون هذه الدول قد انضمت إلى عضوية الاتحاد حديثاً. يذكر أن بلغاريا نالت عضوية الاتحاد الأوروبي في عام 2007. وكانت بروكسل قد اتخذت خطوة غير مسبوقة في شهر يوليو من العام الماضي، وذلك بتجميدها لمبلغ يصل إلى 500 مليون دولار من المساعدات المقدمة لبلغاريا. وكانت تلك ضربة مؤلمة جداً لصوفيا في وقت كان لا يزال فيه القطاع الأكبر من المواطنين البلغار يتأثرون بتداعيات الأزمة المالية الاقتصادية العالمية. وكانت انتخابات شهر يوليو من العام الماضي قد انتهت بانتخاب رئيس الوزراء الجديد، بوكيو بوريسوف، عمدة مدينة صوفيا السابق، الذي عرف بعزمه على تنظيم الفوضى الإدارية التي وجدها أمامه. ورأت بروكسل عقب انتخابه ما أقنعها برفع التجميد المفروض على أموال المساعدات المخصصة لبلغاريا، فسمحت لها باستخدام ما يصل نحو 190 مليون دولار من تلك الأرصدة المجمدة سابقاً. ومن ناحيتها رحبت واشنطن بالتقدم الذي حققته الحكومة البلغارية الجديدة في مكافحة ممارسات الفساد بين المسؤولين الحكوميين. فقد هنأت السفارة الأميركية في صوفيا فريق رئيس الوزراء الجديد بوريسوف على ما حققته "عملية الأخطبوط" التي نفذت في شهر فبراير المنصرم. وكانت تلك العملية قد نجحت في إلقاء القبض على 12 من كبار الشخصيات ذات الصلة بعالم الجريمة المنظمة السري في بلغاريا. وقالت السفارة الأميركية في بيانها الذي أصدرته بتلك المناسبة: "إن وضع حد لثقافة إفلات المسؤولين الحكوميين من العقاب، عن طريق تنظيف شوارع المدن من المجرمين، يعد خطوة مهمة للغاية لتعزيز حكم القانون" غير أن البيان استدرك مؤكداً حاجة المواطنين البلغار إلى المزيد من الإصلاحات. ومع أن الأسبوع الماضي شهد كذلك إقالة أحد كبار القضاة على خلفية مزاعم بتوفيره الحماية لعصابات المافيا، ثم اعتقال وزير الدفاع السابق نيكولاي تسونيف لمحاولته تقديم رشوة مالية لأحد القضاة، فقد ظل الشارع البلغاري على شكوكه في مدى جدية هذه الإجراءات، وخاصة أنه رأى خطوات مشابهة لها من قبل دون أن تحقق أهدافها في النهاية. مايكل جي. جوردان: براتسلافا سلوفاكيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©