الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما في القاهرة... هل هي بداية جديدة؟

أوباما في القاهرة... هل هي بداية جديدة؟
6 يونيو 2009 01:02
وجه الرئيس الأميركي بارك أوباما خطاباً مباشراً إلى العالم الإسلامي يوم الخميس، دعا فيه إلى «بداية جديدة» مع الولايات المتحدة، معترفاً بأخطاء تاريخية ارتُكبت على مدى قرون باسم الثقافة والدين، قال إنها تصغر اليوم أمام المصالح المشتركة. وقد ألهب الخطاب، الذي دام 55 دقيقة، مشاعر العديد من المسلمين في الشرق الأوسط حين أشاد بالإنجازات الثقافية والعلمية والفكرية للإسلام، مما سر الجمهور داخل القاعة بجامعة القاهرة، حيث ألقى خطابه في باحتها. وأوباما، الذي يعد أول رئيس أميركي- أفريقي في تاريخ البلاد، والذي تتوافر عائلته الكينية على جذور إسلامية عميقة، استعمل التاريخ والسيرة الذاتية والمبادئ الأخلاقية والمصالح المشتركة... لتبديد التصورات النمطية الثقافية التي تقسّم بين المسيحيين والمسلمين، بين العرب واليهود، بين الولايات المتحدة والكثيرين في العالم الإسلامي. لفتاته الصغيرة في شكلها والكبيرة من حيث رمزيتها، استحق عليها تصفيقاً حاراً من الجمهور، خاصة حين أشفع إشارته إلى الرسول بعبارة «صلى الله عليه وسلم»، وحين حيى الحضور بتحية الإسلام «السلام عليكم» باسم الشعب الأميركي، وهو ما رد عليه الجمهور بتصفيقات حارة. ويقول «أحمد الشورى»، طالب العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذي حضر الخطاب، إن «مصر أيضاً عانت من الإرهاب. والسؤال هو كيف تتعاطى معه... من خلال الجيش أم من خلال وسيلة أخرى؟ الواقع أن أوباما أثبت اليوم أنه يفهم هذا الفرق وكيف يتعامل معه». استشهد أوباما بجون آدامس (ثاني رئيس أميركي)، وبالقرآن الكريم، وبالإنجيل، وبالتوراة، ليجادل بأنه «طالما استمرت خلافاتنا في تحديد شكل علاقاتنا، فإننا بذلك نقوي الأشخاصَ الذين يزرعون الكراهية بدلاً من السلام، ويشجعون على الصراع بدلاً من التعاون الذي يمكن أن يساعد كل شعوبنا على تحقيق العدالة والازدهار». وقال أوباما: «يجب إنهاء هذا الارتياب والاختلاف. وقد جئتُ إلى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين عبر العالم، بداية تقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، بداية تقوم على حقيقة أن أميركا والإسلام ليسا متنافرين وليس عليهما أن يكونا في تنافس». خطاب أوباما الذي كان يترقبه الكثيرون، حضره نحو 3000 مدعو، من بينهم 500 صحفي، وتابعه جمهور يقدر بعشرات الملايين عبر قنوات التلفزيون الوطنية ومواقع الإنترنت وخدمات الرسائل الفورية التي وفرتها الإدارة بعدد من اللغات. وكان أوباما قد تعهد خلال حملته الانتخابية الرئاسية بالتقرب مباشرة إلى خصوم أميركا في حال انتخابه، وقد شكل خطابُه ليوم الخميس أبرز محاولاته لتغيير اتجاه العلاقات الأميركية مع الدول الإسلامية، وهي العلاقات التي اتخذت منحى تنازلياً في عهد إدارة بوش. كان الرئيس في بعض اللحظات حميمياً، وفي لحظات أخرى معاتباً ومنتقداً للبلدان الإسلامية ولبلاده؛ لأنها سمحت باستغلال الاختلافات في أغراض عنيفة «من قبل أقلية صغيرة من المسلمين لكنها قوية». وبعبارة صريحة وغاضبة، قال أوباما للجمهور إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 لم تكن «آراءً ينبغي مناقشتها»، بل «حقائق ينبغي التعامل معها». مستفيداً من إرث والده المسلم وطفولته في إندونيسيا التي تعد أكبر بلد مسلم، جعل أوباما من سيرته الذاتية نقطة البداية بالنسبة للعلاقة الجديدة بين أميركا والإسلام. وتذكر بغير قليل من الحنين سماع الأذان «في الفجر وفي المغرب» حين كان طفلاً في إندونيسيا. وفي الوقت نفسه، تحدث للمسلمين عن أول أسباب غضبهم بكلمات وعبارات يستعملونها مثل كلمة «احتلال» لوصف الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. كما استعمل لغة مماثلة في خطابه حول الغزو الأميركي للعراق، وتركة أساليب الاستنطاق الأميركية القاسية، ومعتقل جوانتانامو. الجزء الأكبر من خطاب أوباما كان يرمي إلى إقناع المسلمين بأن الولايات المتحدة «ليست، ولن تكون أبداً، في حرب مع الإسلام»، مكرراً عبارة استعملها في تركيا قبل شهرين. كما وصف الدور الغني الذي يلعبه المسلمون في حياة الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها، ولفت إلى أن توماس جيفرسون (ثالث رئيس أميركي) كان يحتفظ بنسخة من القرآن الكريم في مكتبته الشخصية، وقال للجمهور الذي كان يضم أساتذة وزعماء سياسيين ودينيين وطلبة... «إنه يوجد مسجد في كل ولاية من اتحادنا». في خطابه الذي يعد من أطول الكلمات التي ألقاها، والمحطة الأبرز في جولته التي تأخذه إلى الشرق الأوسط وأوروبا على مدى خمسة أيام، استعمل أوباما لغة أكثر قوة وخصوصية مما استعمل من قبل بشأن بعض من أكثر المواضيع إثارة للخلاف في العالم الإسلامي. فحول النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، قال: «إن الوشائج القوية التي تربط أميركا بإسرائيل يعرفها الجميع. وهذه العلاقات غير قابلة للكسر». وأضاف أوباما، الذي أشار إلى قتل 6 ملايين يهودي في المحرقة النازية، أن «تهديد إسرائيل بالدمار أو تكرار التصورات النمطية عن اليهود خطأ كبير»، في إشارة ضمنية إلى الحكومة الإيرانية. وهنا لم يصفق الجمهور. لكن أوباما قال في الوقت نفسه: «ومما لا يمكن إنكاره أيضاً أن الشعب الفلسطيني -مسلمين ومسيحيين- يعاني في سعيه إلى وطن»، مضيفاً «إنهم يعانون أشكال الإذلال يومياً -الكبير منهم والصغير- التي ترافق الاحتلال»، مستعملاً كلمة لم يستعملها بعد لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو الشهر الماضي. ثم أردف: «وعليه، فليكن الأمر واضحاً للجميع: إن الوضع بالنسبة للشعب الفلسطيني لا يطاق». وقد انتقد أوباما السياسة الإسرائيلية المتمثلة في البناء في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 قائلاً: «إن الولايات المتحدة لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية. وقد حان الوقت لتتوقف هذه المستوطنات»، داعياً الفلسطينيين إلى «التخلي عن العنف». وفي هذا السياق، قال أوباما: «لقد عانى السود في أميركا على مدى قرون من لفح السياط كعبيد ومن الإذلال بسبب التمييز والفصل، غير أنه ليس العنف الذي جلب لهم حقوقاً كاملة ومتساوية، بل الإصرار السلمي والقوي على المثل والقيم التي تعد من صميم أميركا». وتقول سنية محمد رزق، وهي أستاذة بجامعة القاهرة: «أعتقد أنه سيستطيع تحقيق هدفه»، في إشارة إلى تطلع أوباما إلى فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي، مضيفة: «إن لديه النية للتعاون معنا، وذاك شيء جيد!». سكوت ويلسون – القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©