السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصحافة: مهنة مخاطر في عالم مضطرب!

25 فبراير 2011 21:59
على رغم الصعوبات التي تنطوي عليها عملية التغطية الإعلامية للعنف الذي يتعرض له الصحفيون في العديد من البلدان وفي البؤر الساخنة حول العالم تأتي الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط سواء في تونس، أو في مصر بالإضافة إلى ما يجري حاليّاً في ليبيا لتذكرنا بالكم الهائل من التحديات التي تعترض الصحفيين أثناء القيام بمهامهم، والأخطار المحدقة بحياتهم، وحتى عندما علق "بي جي كراولي"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن تلك الصعوبات في مصر بقوله: "إن الصحفيين يواجهون حملة مستمرة لعرقلة عملهم ومنعهم من نقل الصورة الحقيقية من ميدان التحرير وسط القاهرة" مضيفاً: "نحن نستنكر كل ذلك"، فإن المقولة، في الواقع، تكاد تنطبق على جميع مناطق العالم التي تشهد اضطرابات ويضطر الصحفيون لتغطيتها. فحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" سقط في عام 2010 ما لا يقل عن 57 صحفيّاً لا لشيء إلا لأنهم استماتوا في ممارسة عملهم ورفضوا الخروج من مناطق النزاعات مفضلين نقل حقيقة ما يجري إلى العالم. ومن بين الدول الأكثر خطورة على الصحفيين تبرز باكستان التي قُتل فيها خلال العام الماضي عشرة صحفيين. ولكن خلافاً للأعوام السابقة لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع في نسبة العنف الذي يطارد الصحفيين عادة، ويبدو حسب الإحصاءات المتوفرة أن الصحفي الذي يغطي الحروب قل عليه الضغط لينتقل في المقابل إلى المراسل خارج ساحات الحرب، وفي هذا السياق تشير منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى تصاعد عمليات الخطف التي يتعرض لها الصحفيون واستخدامهم كأوراق للابتزاز في الصراعات. ولذا فليس غريباً ما تعرض له مراسل "سي. إن. إن" في القاهرة الصحفي "أندرسون كوبر" عندما أظهرته الكاميرا وهو يحاول الاختباء في استوديو القناة خوفاً من انتزاع الباب واقتحام مقر عمله في الوقت الذي كانت فيه القاهرة تشتعل مع بداية الاحتجاجات وانفلات الوضع الأمني ليختلط الأمر على المتابعين بين ضرورة الاحتماء من مناصري النظام الذين خرجوا إلى الشارع لترهيب المحتجين، والخوف من جماعات خارجة عن القانون استغلت الوضع الأمني المنفلت للسرقة والنهب. ويبدو أن التحديات المتزايدة التي تواجه الصحفيين والمراسلين خلال تغطياتهم للأحداث قد رصدها تقرير لمراسلين بلا حدود حتى قبل اندلاع الأزمات الأخيرة في الشرق الأوسط واجتياح المظاهرات لشوارع تونس والقاهرة، حيث جاء فيه " لم يعد الصحفيون يُنظر إليهم على أنهم مراقبون خارج الحدود ومحايدون لا مصلحة لهم في الوقوف مع طرف ضد الآخر، ولم يعد أحد في البلدان التي يغطونها يحترم مهنة الصحفي كناقل للأخبار كما هي دون مبالغة أو تقصير"، وهي الخلاصة نفسها التي توصل إليها تقرير آخر يرصد صعوبات العمل الصحفي أصدرته لجنة حماية الصحفيين التي اعتبرت في تقريرها أن أهم الأخطار التي يواجهها المراسلون هي الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تخرج عن السيطرة وينعدم فيها الأمن وبالتالي القدرة على حماية الصحفيين الذين يصبحون عرضة للمضايقة والضرب. ثم هناك العمليات الانتحارية في بعض البلدان مثل العراق وأفغانستان التي يسقط فيها الصحفيون عندما يكونون قريبين من موقع التفجير، وفي هذا السياق يقول "جويل سيمون"، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين: "يتعين على الصحفي أن يضع حياته على المحك لتغطية مسيرة سياسية، أو مظاهرة تخرج للشوارع، أو حتى حدث عام كبير، وهو ما يضعهم في مواقف صعبة". ووفقاً للجنة فقد أصبحت مضايقات الصحفيين جزءاً من الطلب العالمي المتزايد على الأخبار والتغطيات المباشرة التي لا تكون في بعض الأحيان على حساب الصحفي. وفي تقرير حرية الصحافة لعام 2010 جاء أنه "من الصعوبة بمكان اليوم تحديد المسؤول عن قتل الصحفيين، أو تعرضهم للأذى ولا يعرف أحد ما إذا كان المسؤول هم جماعات إرهابية، أو تلك الموالية للأنظمة، أو فقط العصابات المسلحة البعيدة عن السياسة التي لا تريد كشف جرائمها للعالم". وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصحفيين الأكثر عرضة للأذى ليسوا الصحفيين الذين يجلسون وراء مكاتبهم في القنوات العالمية، والذين يكتفون بالتعليق وقراءة ما يُكتب أمامهم، بل هؤلاء المراسلون في الميدان الذين غالباً ما يكونون صحفيين محليين يعملون مع مؤسسات إعلامية كبرى في الخارج. هؤلاء هم جنود الصحافة الذين يقومون بالأعمال اليومية ويُجرون حوارات مع شخصيات عامة وأخرى من المواطنين العاديين يحاولون من خلالها نقل نبض الشارع وقراءة المؤشرات والتحولات على مستوى القاعدة، تلك المؤشرات التي يتلقفها الصحفي في الإستوديو ويعتمد عليها في صياغة الآراء حول البلد المعني، وبالنظر إلى الخدمة الصحفية التي يقدمها المراسلون في الميدان فهم كثيراً ما يتعرضون للمضايقات ويضطرون إلى مغادرة البلدان التي يعملون فيها إلى الخارج. وعندما تندلع الاضطرابات فإن غرف الأخبار في القنوات الكبرى تلجأ إلى هؤلاء المراسلين لفهم ما يجري ورسم صورة واضحة للمتغيرات على الأرض، وفي وقت تضطر فيه المؤسسات الإعلامية إلى غلق مكاتبها في الخارج تقليلًا للنفقات تبرز أهمية عمل المراسل المحلي الذي من الضروري ضمان حمايته واستمراره في تأدية مهامه دون تعرض حياته للخطر. ماري سانشيز محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©