الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عُمدة الزلزال» ... وفن إدارة الكوارث

25 فبراير 2011 21:59
إنه يقف هناك أمام كاميرات القنوات التلفزيونية منذ اللحظة التي ضرب فيها الزلزال المميت هذه المدينة السياحية تقريباً. إنه "بوب باركر"، عمدة مدينة كرايست تشُرتش، الذي يقف متجهماً بمعطفه البرتقالي والأسود ونظاراته المنخفضة على أنفه. لقد كان موجوداً صباح الجمعة عندما أعلن المسؤولون عن عدم العثور على أي ناجين ليلاً. وكانت حصيلة ضحايا الزلزال الذي بلغت قوته 6.3 على سلم "ريختر" قد ارتفعت إلى 113 قتيلاً. وكان العمدة أشيب الشعر هناك أيضاً في اليوم الذي قبله عندما بدأت السلطات تعلن عن أسماء القتلى. وقبل ذلك، كان هناك كذلك يوجه نصائحه العملية ويعرب عن تفاؤله الثابت مردداً عبارات من قبيل: "لا داعي للخوف أيها الناس"؛ و"احرصوا على أن تحملوا معكم فرشاة الأسنان إلى ملجأ الطوارئ"؛ و"أخبروا جيرانكم بمكان تواجدكم"؛ و"لن نفقد الأمل في العثور على مزيد من الناجين". و"باركر"، الذي يبلغ 57 عاماً، أصبح يلقب بعمدة الزلزال في "كرايست تشرتش"، وهي تسمية حصل عليها في وقت تعرضت فيه هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 350 ألف نسمة لزلزالين مدمرين في أقل من ستة أشهر، إضافة إلى آلاف الهزات الثانوية التي شدت أعصاب وثبَّطت معنويات العديد من السكان. وكان هذا الرجل ذو الصوت الجهير شخصية تلفزيونية سابقة. وعلى رغم أن الزلزالين شكلا أكثر الساعات تحديّاً بالنسبة له كمسؤول منتخَب، إلا أنهما ساهما أيضاً في الإبقاء عليه في منصبه. ففي سبتمبر الماضي، كان "باركر" يبدو في طريقه إلى خسارة محاولة إعادة الترشح عندما ضرب زلزال بقوة 7.1 على سلم "ريختر" المدينة. ولكن رده على الأزمة القائم على "التواجد في كل مكان في الوقت نفسه" ساعد على إعادة انتخابه في المنصب. ويرى منتقدوه بوضوح أنه عمدة شعبوي يتحدث من دون أن يفكر، وأنه شكل أكثر من مضمون، وسياسي ذو أسلوب متكتم يدَّعي معرفة كل شيء حيث وصفته إحدى الصحف بأنه "تافه على نحو ما". غير أن مؤيدي "باركر" يقولون إن نصائحه وإرشاداته الأبوية قللت من تأثير الأزمات الأخيرة. وفي هذا السياق، يقول "بيل لاف"، وهو عضو في وكالة تنمية "كرايست تشرتش": "لقد أظهر معدنه في وقت الأزمة. فتحرك كثيراً من أجل التغلب على المشاكل المعقدة. وها هو يفعل ذلك مرة أخرى مع هذا الزلزال". ومن جانبها، تقول عنه المتطوعة إيلي مابن: "إنه عمليّ جدّاً... ليس ثمة أي مناورة سياسية. إنه هناك، مثل والدك، يذكِّرك بالأشياء التي عليك أن تقوم بها خلال الأوقات العصيبة". وبالنسبة لـ"باركر"، الذي درس علم الحيوان في الجامعة، فإن الأوقات كانت عصيبة في الخريف الماضي. فحينها، كان قد تراجع كثيراً خلف خصمه وانتُقد لأسلوبه الفاتر ورحلات العمل السرية التي يقوم بها إلى خارج المدينة؛ ولكن يبدو أن سمعة المقدم السابق للبرامج التلفزيونية الترفيهية الخفيفة هي أكثر ما يضايقه. وفي هذا الإطار، قال "باركر" حينها: "أنا آسف لماضٍ له علاقة بالتلفزيون... ولكن أن أستطيع إلقاء خطاب جيد، هل ذلك أمر سلبي؟ أن أستطيع الوقوف والتحدث ونقل فكرة ما، أو التحدث بطريقة مناسبة حول موضوع ما؛ لاشك في أن ذلك شيء إيجابي. ثم تذكروا، إن ذلك ليس سوى جزء واحد من شخصيتي فقط". وبعد فترة قصيرة على انتخابه، قال المحاور التلفزيوني لـ"باركر" إن "الأمر قد يحتاج لتغيير كبير في المشهد" حتى يفوز العمدة بإعادة الانتخاب. وبعد أيام على ذلك، ضرب زلزال الرابع من سبتمبر المدينة. وفجأة، كان "باركر" متواجداً في كل مكان، يحلق بطائرة الهيلوكبتر فوق المدينة لتقييم الخسائر التي لحقت بها، ويحذر السكان من الهزات الارتدادية، ويظهر على التلفزيون مباشرة متى أتيحت له الفرصة ليطمئن السكان. وبذلك، استخدم المقدم التلفزيوني السابق هذه الوسيلة الإعلامية لصالحه أفضل استخدام. وكان "باركر" أعلن رسميا أنه سيوقف حملته قبل أسبوع على موعد الانتخابات وذلك من أجل تلبية احتياجات المدينة، في خطوة انتقدها خصمه باعتبارها مزايدة سياسية. ولكن "باركر" فاز بسهولة في النهاية. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الصحفي التلفزيوني إيريك يانج: "إنها لحظة تشبه لحظة عمدة نيويورك السابق رودي جولياني في المدينة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر"، مضيفاً "الواقع أن الناس استجابوا لما كان يحاول القيام به". ويوم الثلاثاء، بعد الزلزال المعروف هنا بزلزال كانتربري، وجد "باركر" نفسه في وضع سبق أن عاشه؛ حيث كان متواجداً في المواقع الأكثر تضرراً بالزلزال، وحاضراً عندما أخرجوا امرأة من تحت الأنقاض يوم الأربعاء بمبنى التلفزيون، ورفع عينيه إلى السماء وحمد الله. وعلى رأس الساعة تقريباً، ظهر على التلفزيون حيث استجوب من قبل صحفي آخر، فتحدث عن المكان الذي تم فيه فتح آخر ملجأ للناجين، وأين يمكن إيجاد أحدث مصدر للماء الصالح للشرب في المدينة. ولكن طريقة التقديم والإلقاء كانت تحمل أسلوب "باركر" المعروف: "تذكَّروا، أيها الناس، عليكم أن تقوموا بتسخين الماء حتى درجة الغليان قبل أن تشربوه. من السهولة قول ذلك، ولكن القيام به أمر من الصعوبة بمكان!". جون إم. جليونا نيوزيلندا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©