الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النفط الليبي... أي بديل عنه لأوروبا؟

النفط الليبي... أي بديل عنه لأوروبا؟
25 فبراير 2011 22:00
مازالت الاضطرابات التي تجتاح ليبيا تؤثر في أسواق النفط العالمية، حيث ارتفعت الأسعار وبدأت الدول الأوروبية تدرس سبل التعاطي مع الاضطرابات التي عرفتها واردات الغاز والنفط من هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا؛ خاصة في وقت تفيد فيه تقارير دولية بأن نحو ربع إنتاج ليبيا من النفط قد توقف تماماً، إلى جانب كل صادرات الغاز. كما يتوقع معظم المحللين ازدياد الاضطرابات، لاسيما في ضوء تهديد القذافي بتفجير خطوط أنابيب الطاقة. ولئن كان المحللون يتفقون على أن إمدادات النفط والغاز العالمية ليست في خطر، وذلك على اعتبار أن إنتاج ليبيا لا يمثل سوى 2 في المئة من إنتاج النفط العالمي، فإن بلدانا مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا اعتمدت على ليبيا خلال عام 2010 بنسب 22 في المئة و16 في المئة و13 في المئة من إجمالي استهلاك النفط، على التوالي. وهي واردات لن تستبدل بسهولة على المدى القصير بالنظر إلى أن أوروبا تستورد أكثر من 85 في المئة من صادرات النفط الليبية. هذا الأمر دفع مخططي الطاقة إلى إعادة تقييم الحكمة من وراء الاعتماد على شمال أفريقيا، وهي منطقة استثمرت فيها حكومات جنوب أوروبا أموالا طائلة من أجل تقليص اعتمادها على الإمدادات النفطية من روسيا وإيران، حتى وإن انتهت الاضطرابات في ليبيا باستقالة سلمية للقذافي. وفي هذا الإطار، يقول هرمان فرانسن، زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وكبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية، "إن على أوروبا أن تختار بين أن تصبح أكثر اعتماداً على روسيا أو على الشرق الأوسط، أو على كليهما". أما منوشهر تاكن، المحلل المتخصص في شؤون النفط بمركز دراسات الطاقة العالمية في لندن، فيشير إلى طريقة أخرى للتقدم إلى الأمام إذ يقول: "سيتم التشديد على تعزيز أمن الإمدادات على نحو أكبر وأقوى، لكنهم سيجدون مصادر أخرى غير شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مثل النرويج والقطب الشمالي". والواقع أن إيطاليا وإسبانيا راهنتا كثيرا على ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات الطاقة في أفريقيا، وإن كان إنتاجها هو ثالث أكبر إنتاج في القارة بسبب سنوات من الإهمال. فقد ظلت شركتاهما العملاقتان للطاقة، "إيني" و"ريبسول"، في الخلف للحفاظ على موطئ قدم هناك حتى في الوقت الذي فرت فيه الشركات الأميركية والبريطانية عندما تم فرض العقوبات على ليبيا عقب تفجير طائرة "بان أم" فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988. ونتيجة لذلك، كوفئت كل من إيطاليا وإسبانيا عندما وقّع القذافي السلام مع الغرب وتخلى عن برنامج الأسلحة النووية في عام 2003؛ وازداد اعتماد البلدين بشكل تصاعدي على النفط الليبي وارتفعت استثماراتهما هناك بحيث باتت تشكل "إيني" و"ريبسول" معاً حوالي ثلث الإنتاج النفطي ومعظم الغاز الليبي. وحتى الآن، تعد إيطاليا، وهي القوة الاستعمارية السابقة لليبيا، مرشحة للتأثر أكثر من غيرها. ذلك أنه علاوة على اعتمادها الكبير على واردات النفط الليبية، فإن 13 في المئة من غازها أتت أيضاً من جارتها الواقعة جنوب المتوسط خلال العشرة أشهر الأولى من 2010، حسب وكالة الطاقة الدولية. وفي هذا السياق، يقول فرانسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يوجد مقره في العاصمة الأميركية واشنطن: "ليس ثمة أماكن كثيرة حيث يمكن للمرء الحصول على بديل مثالي للنفط الليبي"، وهو نفط ذو جودة عالية، مضيفاً أن "أوروبا تحاول قدر المستطاع تنويع مصادر الطاقة التي تستوردها، لكن الأماكن التي يمكن أن يستوردوا منها من أجل تحقيق التنويع هي أماكن لا يرغبون في اللجوء إليها". وتحت زعامة رئيس الوزراء برلسكوني، تعمقت العلاقات الليبية الإيطالية في الطاقة وكل المجالات، وشمل ذلك قطاعات مختلفة من المالية إلى كرة القدم. واليوم، يتعرض برلسكوني لانتقادات شديدة في إيطاليا بسبب رهانه الخاسر. أما في حالة إسبانيا، فإن "ريبسول" لم تزد استثماراتها بشكل هام في ليبيا خلال السنوات الأخيرة. غير أن ليبيا، بالمقابل، تعد منذ بعض الوقت ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة لإسبانيا، خلف روسيا وإيران، مما يبرز فشل جهودها الرامية للتنويع. غير أن شركة "أو إم في" النمساوية، تعد أسوء حالا بكثير، حيث يأتي 12 في المئة من إنتاجها النفطي من ليبيا، مقارنة مع أقل من 4 في المئة بالنسبة لريبسول، وذلك حسب تقارير الشركة. أما الشركات الدولية الأخرى مثل توتال، وبريتيش بتروليوم، ورويال داتش شيل، وستاتويل، وغازبروم، فتعد أقل تأثراً بما يحدث في ليبيا. وعلاوة على تزويد إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فإن ليبيا توفر أيضاً 23 في المئة من واردات النفط الإيرلندية، و21 في المئة من واردات النفط النمساوية، و11 في المئة من واردات النفط البرتغالية، وذلك حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر يناير. هذا وتعد الجزائر كذلك مزوداً رئيسياً لأوروبا بالنفط والغاز، بينما يتوفر المغرب على بضعة أنابيب نفط تمر عبر أراضيه إلى إسبانيا. وإذا تراجعت الاضطرابات في ليبيا بسرعة ولم يحدث مزيد من الاضطراب في الجزائر والمغرب، فيمكن القول إن جنوب أوروبا لن يكون في حاجة لإيجاد بدائل على وجه السرعة. لكن مهما يحدث، فإن البلدان الأوروبية ستكون أقل رغبة في وضع استثماراتها في المنطقة. وفي هذا الإطار، يقول ديفيد كُرش، محلل أسواق الطاقة بمؤسسة "بي إف سي للطاقة" في واشنطن: "إن بيت القصيد هو أن هذا هو تعريف ومعنى أمن الإمدادات، أمن الطاقة"، مضيفاً أن "السؤال الرئيسي هو متى ستسمح الظروف بالعودة إلى وضع عادي. إذا تحولت الأمور في ليبيا إلى حرب أهلية، فإنك بالطبع ستؤجل أي مخططات للاستثمار، وذلك لأن البيئة السياسية عامل أساسي. وستعيد الشركات تقييم مخططاتها وستبحث عن أماكن أخرى". غير أن البدائل محدودة، وبخاصة في وقت يزداد فيه الطلب على الطاقة في آسيا ويتقلص فيه الفائض العالمي، حتى في إيران وروسيا، حيث يطرح الثمن السياسي مشكلة أيضا. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول تاكن من مركز دراسات الطاقة العالمية: "لديهم خيارات: سيدعمون مزيداً من التنقيب عن النفط في الصخور الزيتية، وسيستثمرون أكثر في خيارات الطاقة البديلة، وسيتطلعون إلى البرازيل والشرق الأقصى، وسيزيدون الفعالية والكفاءة، وسيقللون استهلاك الوقود، وسيشجعون الوقود الحيوي". أندريس كالا مدريد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©