الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

متخصصون: العنف الأسري في الإمارات «الأقل في العالم»

متخصصون: العنف الأسري في الإمارات «الأقل في العالم»
6 يونيو 2009 02:21
أكد متخصصون في كل من دائرة القضاء بأبوظبي والشرطة والتوجيه الأسري والإعلام أن الإمارات تعد من أقل الدول التي تسجل فيها حالات العنف الأسري. وعلى الرغم من إقرار هؤلاء بعدم وجود أية إحصاءات تتعلق في هذا المجال، إلا أنهم ألمحوا إلى أنه «لا يوجد أي حالة طلاق أو طلب طلاق تقدم للمحكمة إلا وتكون قد سجلت فيها حالة عنف أسري». ولفتوا إلى وجود مراكز مخصصة لإيواء النساء والأطفال المعنفين. بهذه الخلاصة، خرجت مائدة مستديرة عقدتها «الاتحاد»، التي استضافت فيها كلا من فاطمة اليبهوني مديرة التوجيه الأسري في دائرة القضاء، والمقدم عبيد المغني مسؤول ملف العنف الأسري في شرطة أبوظبي، والدكتور إبراهيم الراشد المستشار الإعلامي في الشؤون الأسرية، ومازن التميمي مستشار التوجيه الأسري. وناقشت المائدة المستديرة مشكلة العنف الأسري في الإمارات، والفئات الأكثر عرضة له، وأحكام القانون، وكيفية التعامل مع الحالات كل بحسب دوره واختصاصه، ودور كل من مؤسسات المجتمع المدني والإعلام. وخرج المجتمعون بمجموعة من التوصيات للحد من هذه المشكلة. وأوصت المائدة بإجراء مزيد من الدراسات البحثية بما يتعلق بالعنف الأسري، ومحاولة إيجاد إحصاءات عن الموضوع، على أن تكون متاحة للمتخصصين، فضلاً عن اضطلاع كليات الاجتماع بالدراسات المسحية، وإنشاء مراكز متخصصة بدراسة العنف الأسري. كما أوصى المشاركون في المائدة بإنشاء هيئة حكومية متخصصة بالعنف الأسري ونشر الوعي ومساعدة المعنفين، وتكثيف برامج التوعية لتأهيل الآباء والأمهات، وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم، كما يمكن تضمين ذلك المناهج الدراسية، ووضع برنامج علاجي لضحايا العنف الأسري، وافتتاح مراكز علاج نفسي للمعنفين. وحث المشاركون على دعم جمعيات مكافحة العنف وحقوق الإنسان، وتعزيز الجانب العقدي والديني، وزرع معاني الدين والقرآن الكريم في النفوس، فضلاً عن تطوير القوانين، وإصدار قانون الطفل، وإخضاع الحائزين على منح صندوق الزواج لدورات تدريبية تتعلق بالزواج، وربطها بالمنحة للمواطنين. أما الوافدون فيجب ربط هذه الدورات بعقد الزواج. فاطمةاليبهوني وقالت فاطمة اليبهوني: «أكثر من يتعرض للعنف الأسري هم النساء والأطفال. ويتأرجح هذا العنف ما بين الجسدي والنفسي. ويقوم الرجل بضرب زوجته أو ابنته أو أخته. والمشكلة هي أن الأنثى هي الأكثر تعرضاً للعنف، لأن مجتمعنا ذكوري وما يزال يرى المرأة ضعيفة ويلصق كل عار بها. في حين يعتبر أن الرجل هو القوي ويستخدم القوة ليمارس السلطة على المرأة كما يتعرض للأطفال. وعندما يتعرض الرجل لزوجته يعرض اطفاله للعنف حتى عندما لا يضربهم، بل فقط يشاهدون العنف. فبعض الرجال يقولون انهم لا يضربون اولادهم بل زوجاتهم لتأديبهن، لكن هذا الأمر يعرض الأطفال كذلك لأذى نفسي». وتضيف: «عندما تصل القضية إلى المحكمة نقوم بالفصل بها، فهناك قانون ومواد رادعة. هناك الكثيرات ممن يعشن مع العنف دون أن يتكلمن ويستمر العنف الممارس عليهن. وعندما يصلن الى المحكمة يقلن: نريد الطلاق لم يعد بإمكاننا التحمل. لكن السؤال: لماذا تحملت النسوة ما تحملنه الى أن وصلن الى هذه المرحلة». مازن التميمي ويشرح مازن التميمي بأن العنف «واقع موجود، وقد يكون بين الزوج والزوجة ومع الأولاد ويصل أحياناً قليلة إلى أن تضرب الزوجة زوجها». ويقول: «جاءنا أحدهم مرة ليقول: والله أُضرب بالحذاء أمام أولادي. لكن هذه الحالات قليلة جداً». ويؤكد أن «العنف يولد العنف. والعنف هو جسدي ونفسي ولفظي، ويصل إلى العنف الجنسي وتصل أحياناً شكاوى من هذا النوع. والأم تشارك كذلك في العنف، ليس فقط بإهمالها أطفالها. فبعض الرجال يشتكون من عنف زوجاتهم على أولادهم، أي أنها تضربهم ضرباً مبرحاً على كل كبيرة وصغيرة. والسبب قد يكون اعتبارها أن الرجل هادئ، فتعتبر نفسها البديل لعمل توازن في المنزل». عبيد المغني ويقول عبيد المغني: «العنف موجود في الإمارات، لكنه من اقل الدول، توجد حالات استثنائية. لا يمكن أن احدد عدد البلاغات التي تقدم للمخفر، ولا يوجد احصائيات محددة». ويضيف: «نستقبل في الدعم الاجتماعي قضايا العنف عبر عدة وسائل، إما عبر تقديم بلاغات الى مركز الشرطة، حيث يتم إثبات حق الزوجة عبر المراكز الطبية وتحول عندها الى مراكزنا التي تضم اختصاصيين اجتماعيين مؤهلين للتعامل مع كل القضايا الأسرية وبالتنسيق مع مختلف الجهات كالتوجيه الأسري ومؤسسة التنمية الأسرية وإدارة القضاء في إمارة أبوظبي. تدرس الحالات المقدمة من اختصاصيين كل بحسب جنس الشخص، فالإخصائية تتولى عملية الدراسة مع المرأة، والإخصائي مع الرجل. تستقبل الحالة ويتم الجلوس معها لمعرفة اسباب المشكلة من بدايتها وذلك للوصول الى حل. وفي حال عدم وجود مأوى للشخص المعنف يتم ايواؤه عبر المراكز المخصصة إلى حين إيجاد حل لمشكلته. وعندنا مراكز ايواء خاصة للنساء والأطفال المعنفين، لان هاتين الفئتين هما الأكثر عرضة للعنف. لدينا مركز في خليفة (أ) يتسع لـ 30 سريراً، ومركز آخر يحتوي على 45 غرفة. وفي حال إيجاد حل للمشكلة من مراكز الدعم الاجتماعي ننتهي، أما في حال عدم الوصول الى حل يتم إحالة القضية للجهة القضائية لاتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للقانون الموجود. إبراهيم الراشد ويقول إبراهيم الراشد: «خلال الأشهر الأربعة الفائتة كنا نبحث عن قصة تتناول قضية اجتماعية لنكتب عنها، كوني اعمل في مجلة تابعة للتنمية الأسرية. لكن خلال الشهرين الأخيرين وخصوصاً الشهر الفائت ارتفع عدد القضايا بشكل كبير. والعنف يمارس عادة ضد الهدف السهل أي المرأة، وخصوصاً المرأة الغير مسنودة اجتماعياً، اما المرأة المسنودة اجتماعياً فلا تتعرض للعنف. واحدى الحالات التي واجهناها هي سيدة عندها اربعة اولاد جعلها زوجها تسكن في فيلا مع البنغاليين وغيرهم، وفي الليل كان يتعاطى المخدرات والخمر ويضربها امام اولادها». التقدم بشكوى ويشير عبيد المغني الى انه يوجد قانون الأحوال الشخصية، ومراكز التوجيه الأسري والدعم الاجتماعي والتنمية الأسرية، وكل هذه المراكز فتحت لصالح المرأة، لكن طبيعة المجتمع الإماراتي لا تتقبل قيام الزوج او الزوجة بالاشتكاء عن بعضهما. دور الأسرة ترى فاطمة اليبهوني أن المشكلة تكمن في الحياة الجديدة التي نعيشها والتي باتت تخلو من العاطفة واصبح يسيطر عليها العمل. وتقول: «ليس هناك من إنسان حتى الجالسين في القاعة إلا ويعاني من مشكلة ما. في السابق كان هناك محبة وألفة بين الأهل والأقارب اما اليوم فنعمل طوال النهار، ونعود متأخرين من عملنا مرهقين، وهذا كله يؤدي الى الضغط داخل الأسرة. اما من ناحية الطفل، فقد كان الطفل في الماضي يخرج ايضاً ليلعب مع اولاد جيرانه وكان الجار يعتبر نفسه مسؤولاً عن تربية ابن جاره. اما اليوم فلا نجرؤ على ترك الطفل يقف عند مدخل المنزل لوحده. الى ذلك نفتقد الى التوعية والتثقيف بدور الأسرة وكيفية استيعاب التطورات المقبلة». وتضيف: «ما يزيد مسألة العنف هو العنف الذي يتم عرضه على شاشات التلفزة والعاب الفيديو. فنحن ما زلنا حتى اليوم نغض نظرنا عندما نشاهد منظراً مرعباً، اما هذا الجيل فلا. كما أن من يشاهدون العنف يحاولون تطبيقه بين اسرهم وفي بيوتهم». العنف يولد العنف ويذكر عبيد المغني بقصة الطفل الذي شنق نفسه عندما شاهد كيف تم إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين «إذاً فالعنف يولد العنف ويتم تقليد كل ما يشاهد، والسبب هو الإعلام». إعلام يفتقد للمصادر يعتبر ابراهيم راشد أن الإعلام يتناول المواضيع الأسرية، خصوصاً العنف الاجتماعي بسطحية «نظراً لغياب مصادر المعلومات. فالناس ترفض التحدث بهذه المواضيع». ويضيف: «هناك نصوص في القانون تمنع نشر صور فيها عنف، في حين أن الفضائيات والعاب الفيديو ليس عليها قانون او رقابة». البيوت الآمنة ويؤكد مازن التميمي أن «المجتمع يبدأ بالأم والأب حيث يكونان حريصين على تربية اولادهما. والتربية فيها قداسة، فالطفل عندما يكبر يستحضر معاملة والده له، فالولد يقلد، لا شعورياً، أباه، والفتاة تقلد امها». ويروي قصة اسردها له رجل سبعيني، وقال: «كان والدي منذ صغري يضرب امي ضرباً مبرحاً كبرنا واستمر على هذه الحالة. درست وتخرجت وتوظفت، وإذ بي ادخل الى المنزل واراه يضرب والدتي. طلبت منه الكف عن هذا الفعل وحملته واخرجته الى خارج المنزل. عدت الى الداخل، وإذ بامي تصفعني على وجهي، وتفتح الباب لابي وتقول له: أدخل يا ابو محمد يبدو ان ابنك تنقصه التربية. عندما تزوجت اصبحت اعامل زوجتي بالمثل، وتكررت نفس الحكاية معي ومع ولدي وزوجتي». ويضيف: «للأطفال ذاكرة عجيبة تحفظ الكثير، إذاً فالبيوت الآمنة تولد مجتمعاً آمناً. والشهادات مهما كبرت لا علاقة لها بالسلوك الإنساني. واحياناً تأتينا نماذج من ناس بروفسورات في الجامعة لكنهم كالأميين».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©