الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تداعيات «بريكست» تطال قطاع الطاقة النووية في بريطانيا

تداعيات «بريكست» تطال قطاع الطاقة النووية في بريطانيا
31 مارس 2017 19:57
ترجمة: حسونة الطيب عند تصويت بريطانيا للخروج من منظومة الاتحاد الأوروبي «بريكست»، أدرك عدد قليل من الناخبين تداعيات ذلك على قطاع الطاقة النووية في بريطانيا التي تملك أكبر مخزون في العالم من البلوتونيوم الناتج عن تجميع للوقود النووي المعالج، من محطات توليد للطاقة ليس في بريطانيا وحدها، بل تتضمن أيضاً ألمانيا وفرنسا والسويد وبلدانا أوروبية أخرى. وأغفل مراقبو هيئة استخدام الطاقة النووية الأوروبية «يوراتوم»، هذا المخزون الذي يعتبر واحداً من أكثر المواد خطورة على وجه الأرض. وتقع محطة سيلافيلد للطاقة النووية، في الساحل الشمالي الغربي لبريطانيا، حيث تحتوي على بلوتونيوم يكفي لنحو 20 ألف قنبلة نووية. وفي الوقت الذي بدأ المسؤولون النقاش حول قضية الخروج، برزت نظم الطاقة النووية، كواحدة من أكثر المشاكل الملحة والعصية على الحل. وتملك الهيئة الأوروبية، التي تقع على عاتقها مسؤولية تنظيم قطاع الطاقة النووية في القارة، كاميرات المراقبة في المرفق والأختام ومختبرا للتجارب. ويهدد خروج بريطانيا، بتعثر هذا المرفق، حيث تتطلب مغادرتها للاتحاد، انسحابها من «يوراتوم»، الهيئة المنفصلة قانونياً، لكنها خاضعة لإمرة المؤسسات الأوروبية. ومحطة سيلافيلد، ليست الوحيدة التي يطالها التهديد، لكن أيضاً أعمدة هامة لأمن قطاع الطاقة البريطانية والبحوث العلمية وقطاع الأدوية. وتلعب بريطانيا، دوراً مهماً في بحوث الاتحاد الأوروبي، بوصفها البلد المضيف لمشروع «جيت» في أوكسفوردشير، الأكبر من نوعه في العالم لاختبارات الانصهار، بتكلفة قدرها 2 مليار جنيه إسترليني. وتدير «يوراتوم»، كافة عمليات تجارة ونقل المواد النووية لدول الاتحاد الأوروبي، من الوقود إلى النظائر المستخدمة في علاج مرض السرطان. وتواجه بريطانيا في الوقت الحالي، معضلة تجميع نظام رقابي جديد لدعم معايير السلامة، في الوقت ذاته الذي تناقش عشرات الاتفاقيات الدولية المطلوبة للحصول على التقنية النووية. وتبدو تداعيات الفشل المحتملة، من إغلاق محطات الكهرباء العاملة بالطاقة النووية وفقدان إمكانية علاج السرطان بالإشعاع النووي، غير معقولة، بيد أن التوصل لحل ليس سهلاً على الإطلاق. ويترتب على المسؤولين البريطانيين، إعادة التفاوض حول العلاقة مع «يوراتوم»، خاصة في غياب حظوظ إقامة علاقات تعاون مع دول أخرى خارجية. كما عليهم، الموافقة على تشريع يفضي لإصدار نظام سلامة جديد ومن ثم، تعيين وتدريب كوادر لتنفيذ المهام المطلوبة في قطاع يتسم بشح دائم في الخبرات. كما يجب على بريطانيا أيضاً، إبرام 20 اتفاقية على الأقل، لإعادة إرساء قواعد ينطلق منها ارتباطها بدول أخرى خارج الهيئة مثل، أميركا واليابان. وتقول ديم سو لون، رئيس المجلس الاستشاري للبحوث والابتكار، المسؤول عن تقديم الاستشارات لحكومة المملكة المتحدة:«هناك العديد من الاتفاقيات التي ينبغي أن تُبرم، حتى قبل البدء في نقل المواد والملكيات الفكرية والخدمات وكل شيء يرتبط بقطاع الطاقة النووية. ولا يمكن القيام بأي نشاط قبل تنفيذ هذه الاتفاقيات». وكل ذلك، لا بد أن يتم قبل حلول 2019، الموعد المضروب لخروج المملكة المتحدة من منظومة الاتحاد الأوروبي. وهناك صمام أمان يتمثل في الجزء المتبقي من الهيئة لفترة انتقالية، إلا أن الاتحاد سيطالب المحاكم الأوروبية بمراقبة عمليات التنسيق التي تخطت واحداً من الخطوط الحمر في استراتيجية حوار بريطانيا. وتولد المملكة المتحدة، 20% من الكهرباء من ثمانية مفاعلات للطاقة النووية، مع التخطيط لزيادة العدد، حيث وافقت رئيسة الوزراء تريزا ماي في سبتمبر الماضي، على محطة «هينكلي بوينت سي»، التي من المنتظر أن تكون الأولى من نوعها عند افتتاحها في 2025 بعد 30 عاماً وبتكلفة تقدر بنحو 18 مليار جنيه إسترليني. وتمر خمسة مفاعلات أخرى، بمراحل مختلفة من التخطيط، في الوقت الذي تنظر البلاد للطاقة النووية، كبديل نظيف للفحم ومصدر أكثر أماناً واستمرارية. ويقع مخزون بريطانيا من البلوتونيوم مثل في، محطة سيلافيلد ونشاطات تخصيب اليورانيوم والمخلفات النووية، تحت إشراف لوائح الاتحاد الأوروبي ويتطلب الاستبدال بنظام آخر جديد. وتحتاج كافة هذه المشاريع، تقنيات أجنبية من شركات مثل، «إي دي أف» الفرنسية وهيتاشي اليابانية، ما يستدعي الشكوك حول إمكانية قيامها. ومن الضروري أيضاً، توفر الترتيبات التجارية الجديدة لأسطول محطات الكهرباء القائمة، التي تستهلك وقود ومكونات مستوردة. «ويوراتوم»، التي أطلقت في 1957 كجزء من اتفاقية روما، ما هي إلا فضول سياسي ضارب في العراقة. ومن المهم لاستبدال نظام «يوراتوم»، وجود اتفاقية ثنائية مع الوكالة الدولية للطاقة، المسؤولة عن الإشراف على أمن وسلامة قطاع الطاقة النووية العالمي. وبما أن «يوراتوم»، هي التي تقوم برفع التقارير للوكالة نيابة عن أعضائها، يترتب على المملكة المتحدة الحصول على بديل لهذه العلاقة. والخيار الوحيد، هو أن يحل مراقبو الوكالة في المملكة المتحدة، محل نظرائهم في «يوراتوم» في المملكة المتحدة. عانت بريطانيا ولعدة عقود فائض مخزون البلوتونيوم، في حين من المتوقع أن يضيف البريكست المزيد من المعاناة. وبموجب الاتفاقية التي تحكم قطاع الطاقة النووية في أوروبا، تملك وكالة يوراتوم للإمداد، كافة حقوق الاستخدام المدني للمواد الانشطارية داخل إطار دول الاتحاد. وربما تكون عملية الخروج، هي أول اختبار حقيقي لهذه الحقوق، المراد بها المساواة بين الدول الأعضاء في الحصول على الوقود النووي. ولا أحد يمكنه ادعاء أن الاتحاد ينوي وضع يده على كمية البلوتونيوم المخزنة في محطة سيلافيلد في بريطانيا المقدرة بنحو 126 طنا. ومع ذلك، فإن خمس هذا المخزون، مستورد من وقود مستنفد ومعالج من دول تشمل، ألمانيا والسويد وفرنسا وهولندا. ورغم ضعف الأمل في إعادة الوقود لأوطانه الأم، إلا أنه وبعد عملية الخروج، ينبغي على المتفاوضين، تحديد ملكية هذه الكمية بجانب ملكية هيئة «يوراتوم» أيضاً. كما ينبغي عليهم أيضاً، تحديد ما إذا كان سينظر إليها كأصل أم مسؤولية، مع الوضع في الاعتبار التكلفة المقدرة التي تصل إلى 80 مليون جنيه إسترليني سنوياً، لأغراض التخزين وحماية البلوتونيوم من قيمته التجارية المحتملة، في حالة إمكانية الحصول على طريقة لإعادة استخدامه بصفة مستدامة. وأنفقت المملكة المتحدة نحو 1.4 مليار جنيه إسترليني، على إنشاء محطة وقود أكسيد مختلط في تسعينيات القرن الماضي لتدوير البلوتونيوم، إلا أن محطة سيلافيلد حاصرتها المشاكل التي أدت لإغلاقها في 2011. ولم يتم تفعيل العديد من المقترحات التي أوصت بإنفاق مليارات الجنيهات لطرق بديلة لعمليات التدوير. وفضل البعض، إغلاق محطة التخزين كمخلفات، الشيء الذي يتطلب بناء مستودع ضخم. ويتم تخزين البلوتونيوم في الوقت الحالي، في شكل بودرة جافة في قوارير محكمة الإغلاق في مبنى تشدد عليه الحراسة مصمم لتحمل هجمة طائرة. نحو مستقبل قاتم يقول روبرت كوين، خبير الطاقة النووية في مؤسسة بروسبيكت القانونية في لندن:«توشك المملكة المتحدة على الوقوع في كارثة وفي حالة عدم احتواء هذه القضية محذراً من توقف النشاط التجاري. وإذا فشلت البلاد في الإيفاء بمتطلبات السلامة والإجراءات الأخرى التي تتفق مع المعايير الدولية، لا شك في أن تجارة الطاقة النووية ستصل إلى طريق مسدود». ويضيف كوين:«على الذين يرغبون في بناء مفاعلات نووية، التأكد من امتلاك الوقود اللازم والمكونات المطلوبة والكادر البشري. وعند الخروج من«يوراتوم»، وعدم وضع الترتيبات الانتقالية في مكانها المناسب، ليس من الممكن تنفيذ أي من هذه المهام». من أوروبا إلى الصين وكوريا الجنوبية! تشكل الطاقة النووية، خمس توليد الكهرباء في المملكة المتحدة،في وقت تم التخطيط لبناء عدد من المفاعلات النووية مثل، «هينكلي بوينت»، بيد أن قضية البريكست، ربما تعطل عملية الحصول على الوقود والتقنية. وفي حالة التزام بريطانيا، تاريخ مغادرة منظومة الاتحاد في 2019، ربما يكون لديها 18 شهراً أو سنة، لإعادة تأمين مكانها في سوق الطاقة النووية العالمية. وتجدر الإشارة إلى قلة خبرة بريطانيا في إجراء الحوارات الخاصة باتفاقيات الطاقة النووية، حيث أمضت أربع سنوات من المفاوضات الطويلة والشاقة في تسعينيات القرن الماضي، للوصول إلى اتفاق حول تطوير اتفاقية التعاون بين «يوراتوم» وأميركا. ومن المؤكد أنها لا ترغب في تكرار ذلك السيناريو مرة أخرى في الوقت الحالي، حيث تعتمد محطات الطاقة النووية البريطانية القديمة، على جلب امداداتها من أميركا. وعلى بريطانيا، عقد اتفاقية جديدة مع أميركا، التي لا تتوقف المصادقة عليها، على موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحده، بل الكونجرس أيضاً، ما يزيد من فرص التأخير. ومن ضمن الخيارات المطروحة لكسب الوقت، الاستمرار في الدفع لـ «يوراتوم»، لتقديم خدمات الأمن والسلامة، لكن المفوضية الأوروبية هي المسؤولة عن تسيير هذه الهيئة، وأنها ليست وكالة مستقلة. يتم استيراد كافة النظائر الطبية المستخدمة في تشخيص وعلاج السرطان في بريطانيا، حيث ينبغي توفير تدابير تنظيمية جديدة، للمحافظة على تأمين الإمدادات من داخل دول الاتحاد الأوروبي وخارجه. وعلى سبيل المثال، لفرنسا مصالح كبيرة في المحافظة على تعاونها مع المملكة المتحدة، عبر شركتها «إي دي أف»، المُشغل الوحيد لمحطات الطاقة النووية العاملة حالياً في بريطانيا، فضلاً عن أنها المطور لمفاعل هينكلي بوينت. ومن المؤكد، أن قادة الاتحاد الأوروبي، لا يرغبون في اتهامهم بتقويض قطاع الطاقة النووية في بريطانيا، أو بمنع الرعاية الطبية لمرض السرطان. لكن على الجانب الآخر، يكون لبريطانيا بعد خروجها، المزيد من الحرية للعمل مع دول مثل الصين وكوريا الجنوبية، التي تملك قطاعات قوية للطاقة النووية. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©