الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطلاق.. «تسونامي» يضرب الحياة الزوجية في عُمان

الطلاق.. «تسونامي» يضرب الحياة الزوجية في عُمان
7 يونيو 2009 01:03
الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية تنعكس سلبا على المجتمعات، لما يترتب عليه من آثار مؤذية لأفراد الأسرة بدءا من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغيرها، فأطراف العلاقة المتضررين من الطلاق يلحقهم الأذى النفسي والمعنوي لفترات طويلة. وقد يكون الطلاق حلا مؤقتا لأنه قد ينهي مشاكل وخلافات دامت فترة من الزمن، لكنه بداية لطريق الإحباط والاكتئاب والتوتر. الصلح خير في العامين الأخيرين أخذت هذه الظاهرة في التزايد داخل المجتمع العماني وتراوحت بدرجات متفاوتة بين مناطق السلطنة، وبلغت أعلاها خلال عام 2007 ففي مسقط وحدها بلغت 575 حالة طلاق. يقول فضيلة القاضي صالح بن علي الحميدي، رئيس لجنة التوفيق والمصالحة- السيب: «نصبت لجنة التوفيق والمصالحة في ولاية السيب نفسها لإصلاح ذات البين في كل الطلبات التي قدمت إليها، وبذلنا جهدا كبيرا ظهرت لمساته على المتخاصمين بالتصالح فيما بينهما، وجهدنا يقوم على المبادئ السمحة، ويرجع إلى ما تبذله الكوادر المتاحة من رئيس وأعضاء وموظفين، ومن كان هذا عمله فهو جدير بأن يكون مدركا أهمية إصلاح الفرد والمجتمع واللجوء الى حل هذه الخلافات التي تشب بين الطرفين عن طريق هذه اللجان يعني الحد من طلبات التقاضي عن طريق المحاكم». وحول دور اللجنة في الحد من الطلاق أوضح فضيلته: «نقوم بطرح أصول المشكلة بكل شفافية بين الزوجين حتى يقف الجميع على المشكلة نفسها بعدها يتم وضع النقاط على الحروف، ونتقدم بحلول لكل جزء من المشكلة حتى يكتمل العلاج، ويتخلل ذلك تبيان كل جزء سلبا وإيجابا، وفي هذا الأمر يكمن الحد من ظاهرة الطلاق المتفشية في المجتمع بل وحتى إذا تقدمت المطلقة تطالب مطلقها الإنفاق على الأولاد تسعى اللجنة إلى لم الشمل بزواجهما من بعضهما مجددا». يضيف: «الطلاق في حقيقته انتصار لرأي أحد الزوجين فكل واحد منهما يريد أن ينتصر رأيه على الآخر دون أن ينظر كل منهما إلى العواقب الوخيمة والتداعيات التي يخلفها الطلاق من تشتت للأبناء الذي يؤدي أحيانا إلى جنوح الأحداث فيصبح الأبناء كالأيتام الذين حرموا من أبويهم.. لذا نرى في وجود اللجنة؛ البديل الأمثل لحل الخلافات بكل أنواعها ولا تألوا جهدا ولا ندخر نصحا لرأب الصدع، وقد قمنا فعليا بالصلح في مجموعة تشكل النسبة الأكبر من الشكاوى، وبعضها قيد النظر. لأن الصلح بين الطرفين هو أبقى للمودة بين الزوجين». أسباب مختلفة تقف وراء انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمع العماني أسباب وعوامل عديدة، تشير إليها أسماء بنت علي مقيبل، باحثة اجتماعية في المحكمة الابتدائية- صلالة، وتقول: «تتعدد أسباب الطلاق وتختلف وفقا لظروف الزوجين والأسس التي قامت عليها علاقتهما وخلفياتها، فالسبب الرئيس في كثير من الحالات يرجع إلى قيام الزواج على أسس غير سليمة، منها عدم رضى وقناعة الطرفين ببعضهما البعض الأمر الذي يؤدي إلى عدم وجود دواعي المودة والرحمة، وعدم وجود توافق فكري أو نفسي بينهما، لذا يغيب الحوار ويؤدي إلى سوء فهم بين الطرفين، فتتراكم الخلافات، خاصة إذا كان الزوج يرتكب المعاصي، أو يكون العناد من قبل الطرفين، ولا ينفع تدخل الأهل والأقارب، فيتم الطلاق». وعن دورها كباحثة اجتماعية في الحد من هذه الظاهرة تقول: «دوري كباحثة يتلخص في إعداد تقرير مفصل لجهة التقاضي يحوي كافة التفاصيل، فمن موقع وظيفي وفكري لا أستطيع أن أحد (كثيرا) من هذه الظاهرة لأن الموضوع أكبر حجما وأكثر تشعبا وتعقيدا، ويحتاج لعمل مؤسسي قائم على منهجية ودراسة وخطة و برامج توعوية بين الباحثات في المحاكم والجمعيات النسائية والاجتماعية ليكون له أثرا كبيرا ومحوريا، إنما في حالات كثيرة أقوم بمقابلة الطرفين والاستماع اليهم ومحاولة توضيح جوانب القوة في العلاقة والآثار المستقبلية المترتبة على الانفصال مع إعطائهم فرصة للمراجعة والتفكير، كما أقوم بالتوجيه والإرشاد والنصح ومساعدتهما في تجاوز الوقوع في الطلاق». أطراف متعددة يرى البعض أن تدخل الأهل والمقربين لحل الخلافات بين الزوجين قد يضر في بعض الأحيان، إذ تقول لبنى بنت راشد المخيني- باحثة اجتماعية في المحكمة الابتدائية- صور: «يشكل تدخل الأهل والأقارب في حياة الزوجين سببا قويا يؤدي إلى تشعب المشاكل وبالتالي إلى الطلاق، كما أن الغضب والإصرار بين الزوجين على تأييد أهله يعزز المشاكل، ولذا فإن وجود أطراف متعددة في أية مشكلة تنشب بين الزوجين ستزيدها تعقيدا». وحول الآثار السلبية للطلاق، تقول: «يلقي وقوع الطلاق بإشكالات تؤثر على طبيعة حياة الأبناء ومستقبلهم إضافة إلى الآثار النفسية المترتبة عليه.. لذا نحاول الاجتهاد ودراسة الحالات التي ترد إلينا من خلال دراسة أوضاع الزوجين الاجتماعية من جميع الجوانب، والتوضيح لهما عما سيترتب عليهما بعد الطلاق. فالبعض يظن أن الطلاق هو حل مؤكد». من جهتها تقول حكيمة بنت سيف المعمري، باحثة اجتماعية في المحكمة الابتدائية- السيب: «بإمكان الباحثة الحد من وقوع الطلاق في بعض الأحيان إذا كان كل من الزوجين يتجاوب معها، فقد يحدث في بعض الأحيان أن الزوجين لا يمنحان بعضهما فرصة للتفاهم واستماع وجهات نظر كل طرف وهنا يأتي دور الباحثة في التعرف على طباعهما وإتاحة الفرصة لهما للتعبير عما بداخلهما وقد يساعد الاستماع إليهما في تقديم النصح والإرشاد والتوجيه الذي يحتاجانه ومخاطبة كل واحد منهما بناء على طبائعه وخصائصه حتى تصل النصيحة له مع اختيار الأسلوب المناسب وبالتالي منع وقوع الطلاق». وتضيف: «إن للطلاق آثار سلبية كثيرة أهمها شعور الأبناء بالدونية والنقص نتيجة مقارنة أنفسهم بالآخرين الذين يعيشون بين أبويهم، ويتسم سلوكهم بشيء من العدوانية وقد يلجأ بعضهم إلى ممارسة سلوكيات غير أخلاقيه نتيجة الشعور بالنقص». جهود كبيرة تقدم المؤسسات الرسمية حلولا وجهودا للحد من انتشار الطلاق، يقول يحيى بن محمد بن زاهر الهنائي، مدير عام المديرية العامة للتنمية الأسرية- وزارة التنمية الاجتماعية: «يترتب على الطلاق آثار سلبية تتمثل في تفكيك الأسرة وازدياد البغضاء والعداوة بين الزوجين إضافة إلى تأذي الأبناء وتعرضهم للاضطرابات النفسية، واحتمال السلوك المنحرف.. لذا تبذل دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية في «المديرية العامة للتنمية الأسرية» جهودا كبيرة في مجال التوعية تتمثل في تنفيذ محاضرات توعوية تتعلق بالطلاق والآثار المترتبة عليه وانعكاساته السلبية على الأبناء، وذلك في أماكن متفرقة حيث تقام بعضها في المدارس وجمعيات المرأة العمانية المنتشرة في مناطق السلطنة، كما تقوم الدائرة بمتابعة حالات الأسر التي تعاني من التفكك الأسري الناتج عن الطلاق والتي ترد إلى الدائرة أو يتم تحويلها من جهات أخرى وذلك عن طريق الأخصائيين بالدائرة ويتم دراسة هذه الحالات ومتابعتها بشكل مستمر، وقد قامت الدائرة بتقديم الخدمات الإرشادية لمجموعة من الأسر التي كانت تعاني من المشكلات الأسرية وعلى وشك الطلاق وقد انعكست الجهود التي تبذلها بشكل إيجابي من حيث نشر الوعي بالآثار المترتبة عليه وتلافي وقوع عدد من حالات الطلاق». وعن الأسباب الكامنة وراء انتشار ظاهرة الطلاق، أوضح الهنائي: «ترتفع نسبة انتشار الطلاق في بعض المناطق بسبب زيادة عدد السكان وارتفاع الكثافة في بعض المناطق دون غيرها إضافة إلى نظرة بعض المجتمعات إلى الطلاق كونه (أمر طبيعي)- نتيجة قلة الوعي والجهل بالآثار المترتبة عليه». كما أشار إلى الدراسة الاستطلاعية حول الطلاق التي قامت بها «دائرة الدراسات والإحصاء بوزارة التنمية الاجتماعية» والتي تبين أن من أهم أسباب الطلاق بالنسبة للذكور تركزت في: كثرة خروج الزوجة وعدم اهتمامها بمتطلبات الزوج والمنزل. بينما تركزت الأسباب بالنسبة للإناث في زواج الزوج من امرأة أخرى أو ضعف الإمكانيات المادية أو سلوكيات الزوج غير المستقيمة.
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©