الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل اليونان مستعدة للوقوف على قدميها من جديد

هل اليونان مستعدة للوقوف على قدميها من جديد
14 مارس 2018 20:22
في وقت لاحق من الصيف الجاري، سيحدث تطور اقتصادي تنتظره أوروبا كلها، فمن المقرر أن تخرج اليونان رسمياً من آخر برامج الإنقاذ. ومثلما بدأت أزمة منطقة اليورو في اليونان قبل سنوات، فإنها ستنتهي بشكل رسمي هناك. وتستعد اليونان في أغسطس المقبل للتخلص مما يقرب من 10 سنوات من الرقابة المالية الرسمية التي جاءت بتكلفة اجتماعية واقتصادية هائلة، ويركز النقاش حالياً في أثينا وبروكسل وفرانكفورت وواشنطن على ما سيحدث في اليوم التالي من موعد نهاية برنامج الإصلاح الاقتصادي. وفي الواقع، لقد تحسن الوضع الاقتصادي لليونان بشكل كبير، بعد عقد من الإصلاحات، وعاد النمو من جديد، في الوقت الذي تشهد فيه الميزانية الأولية الحكومية فائضاً. والحساب الجاري متوازن تقريباً إضافة إلى تحسن القدرة التنافسية في الأسواق العالمية بدرجة كبيرة كما زاد التصنيف الائتماني لليونان، في حين شهدت الصادرات والاستثمارات الأجنبية طفرة خلال العامين الماضيين، أما معدل البطالة فيشهد حالياً انخفاضاً تدريجياً. والسؤال الرئيس هو ما إذا كانت اليونان مستعدة للوقوف على قدميها، وهل تعلمت القيادة السياسية في اليونان الدروس من التجربة المأساوية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الثماني الماضية؟ لا يبدو الجميع متأكداً من الإجابة، فعدد من رجال الصناعة والأعمال في اليونان أعربوا عن قلقهم من الفترة الانتقالية المقبلة، وطالبوا بضرورة أن تكون لليونان خطط بديلة مثل الاستعداد بخطوط ائتمان احتياطي، أو على الأقل التأكد من أن الحكومة كوّنت مخزوناً نقدياً كافياً يقارب 20 مليار يورو إذا عجزت اليونان عن تمويل نفسها في الأسواق. لكن هذه الإجراءات الاحترازية ستكون لها انعكاسات سلبية، حيث قد يُنظر إليها على أنها عدم ثقة في قدرة الاقتصاد اليوناني على الصمود ومتابعة النمو الحالي في ظل الرقابة المالية ضمن خطط الإصلاح الأوروبية والدولية الحالية والتي ستنتهي خلال أشهر. والتحدي الحقيقي أمام اليونان هو كيفية تعزيز الانتعاش الاقتصادي الناشئ في التوقيت نفسه الذي تزيد فيه من الثقة في السوق. فيجب على الحكومة اليونانية أولاً أن تخلق بيئة جيدة توحي للمستثمرين بالثقة لإقناعهم بضخ أموال في الأسواق، ويستلزم ذلك تحسين أداء الإدارات التنفيذية وإجراء إصلاحات ضريبية ودعم معاشات التقاعد مع اتخاذ قرارات غير تقليدية لمواجهة الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد. وستحدد الخطوات التي يتم اتخاذها من الآن وحتى نهاية أغسطس ما إذا كانت اليونان قادرة على إدارة الخروج من الأزمة التي عصفت باقتصادها خلال السنوات الماضية بشكل آمن مع مواصلة النمو، خاصة أن الفشل هذه المرة ستكون له عواقب وخيمة. وتتمثل الخطوة الأولى في وضع خطة وطنية للنمو والإصلاح ذات مصداقية وجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، تستند إلى توافق آراء اجتماعي وسياسي واسع. ويجب أن يكون الهدف هو إحياء مستمر للاستثمارات الخاصة، الذي انهار خلال الأزمة، كما يجب أن تقدم الخطة جدولاً زمنياً مفصلاً وقائمة بالأولويات. ويتحتم على البنوك اليونانية أن تكون مستعدة لطمأنة المستثمرين بشكل واضح بأن النظام المالي سليم. فلا تستطيع اليونان المضي قدماً طالما هناك شكوك حول القوة المالية لمصارفها. ولمزيد من التقليل من عدم اليقين في السوق، سيتعين على الدائنين الرسميين في اليونان اتخاذ قرار بشأن إعادة هيكلة الدين العام اليوناني، في موعد لا يتجاوز النصف الأول من عام 2018 وفقاً لالتزاماتهم السابقة. وتتمثل الاستراتيجية المثالية لليونان في أن يعمل جميع أصحاب المصلحة معاً على مدار الأشهر القليلة المقبلة لإدارة الخروج النظيف والمستدام من الأزمة والعودة إلى الحالة الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية. وإذا تحقق ذلك ربما يكون أفضل المكاسب والدروس المستفادة التي حققها اليونان في الآونة الأخيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©