الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما في القاهرة: فرصة لاستعادة الثقة

أوباما في القاهرة: فرصة لاستعادة الثقة
7 يونيو 2009 01:12
تعرض الرئيس باراك أوباما لانتقادات لاختياره القاهرة مكاناً لإلقاء خطابه إلى العالم الإسلامي. ولكن أين يقترح هؤلاء النقاد أن يلقي الرئيس خطبته؟ فالقاهرة هي مركز الأزهر الشريف، مصدر التيار الرئيس للفكر الإسلامي، وهي تضم بعض أكبر الجامعات في العالم العربي، حيث يجري تثقيف الأجيال القادمة. هل هناك مكان أفضل من القاهرة للوصول إلى أذهان سكان المنطقة، وخصوصا الشباب منهم، والمسلمين في كل مكان؟ لا تستهدف رسالة أوباما في جميع الحالات قادة معينين أو دولة محددة، بل جاء الخطاب ليعيد الثقة في الولايات المتحدة، التي فُقدت في العالم العربي خلال العقد الماضي. وحتى يتسنى له عمل ذلك، يتوجب على أوباما العودة إلى بعض الأساسيات، مثل تكرار التزام الولايات المتحدة القوي بالعدالة وحكم القانون، وهي عملية بدأها من خلال وقف التعذيب ومعارضة نظام السجن غير المحدد الذي جرى تأسيسه في معتقل خليج جوانتانامو. يتوجب على أوباما الدفاع عن القيم الأميركية كالديمقراطية، ليس لأننا نسعى لفرض قِيَمِنا على الآخرين، وإنما لأننا نؤمن أن الديمقراطية هي أعظم درع ضد الأصولية، وأكبر ضمان للاستقرار والحكم الرشيد. ومن غير المحتمل أن يسعى الذين يشاركون في حكم أنفسهم من خلال الديمقراطية، أن يبحثوا عن بدائل أصولية، لا تقدم سوى ما هو مدوّن، ولا تضمن الحقوق. إذا كانت النخب الحاكمة في الدول ذات الغالبية الإسلامية تخاف التطرف والأصولية، فإن أفضل مصل مضاد هو فتح البنية السياسية حتى يتسنى للمزيد من الناس المشاركة كجزء من النظام، بدلا أن يكونوا من ضحاياه. وبغض النظر عن بلاغة خطاب أوباما، يمكن لكلمات وُضِعَت بطريقة غير دقيقة أن تُفشِل الرسالة المقصودة، خاصة عندما تكون هناك ترجمة، حيث نفشل اليوم أحياناً في التمييز بدقة بين تعابير مثل «إرهابي» و»إسلامي»، على سبيل المثال. نحسن الصنع إذا تذكرنا أن «الأصولي» ليس «إرهابيا» من حيث التعريف. إذا أراد أوباما لرسالته أن تصل إلى هدفها، يتوجب عليه أن يكون على وعي بألا يخلط بين التفاني والانحراف. لغط مقاومة الإرهاب، وما يبدو أنه معاداة صارخة للإسلام من قبل بعض المتبجّحين الأميركيين، جعل الولايات المتحدة تبدو للكثيرين في العالم الإسلامي على أنها معادية للإسلام بدلا من معاداتها للإرهاب. وقد كان لهذه النظرة الخاطئة وقع مدمر على المواقف والتوجهات في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص. لا تشكّل الكلمات، رغم أهميتها، بديلا عن السياسة والموقف اللذين ستتخذهما الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالفلسطينيين وإيران. يرى عدد زائد من الناس في كل من الشرق الأوسط وعبر العالم الإسلامي، السياسة الأميركية تجاه إسرائيل والفلسطينيين على أنها لعبة يفوز بها طرف ويخسر الآخر، يتوجب علينا بموجبها أن ندعم إسرائيل ونعارض الفلسطينيين. واقع الأمر أننا لا نستطيع مساعدة الفلسطينيين في غياب علاقة مع إسرائيل، إلا أنه باستطاعة أوباما استخدام هذا الخطاب ليقول ببلاغة إن معاناة الفلسطينيين هي نقيض السياسة الأميركية في المنطقة، وبأن إزالة هذه المعاناة تتخذ موقعاً متقدماً على أجندته، وليس هذا التزام يمكن تحويله أو تجاهله. أما بخصوص إيران، فيتوجب على أوباما أن يحدد نيته في الاستمرار بروح المشاركة والانخراط التي حددها في كلمته يوم عيد رأس السنة الفارسية. ويساهم التعاون في مجال قضايا الأمن الإقليمي مثل أفغانستان والعراق في السلام والاستقرار في المنطقة، ويساعد على إعادة بناء الثقة الضرورية لإنشاء علاقات دبلوماسية صحّية بين الدولتين. تلعب إيران دوراً مهماً ومؤثراً في المنطقة، ويحسن أوباما صنعاً إذا أعرب عن استعداده للعمل مع الحكومة الإيرانية في جهود ضمان بقاء هذا الدور بنّاء. يشكل خطاب أوباما في القاهرة فرصة لإثبات أن الولايات المتحدة تعمل على دفن سياسة ضرورة الفوز التي سادت خلال السنوات الثماني الماضية إلى ما لا نهاية. وهو يشكّل فرصة لإقناع العالم أننا نبذنا أنبياء الزيف الذين يدّعون أننا على حق دائماً أو أن باستطاعتنا فرض أسلوب حياتنا على مجتمع آخر، وأن يظهر أننا على استعداد لأن نصغي وأن نعمل مع الآخرين. إدوارد ووكر الابن الرئيس السابق لمعهد الشرق الأوسط ومساعد سابق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©