الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصلاح وليس الأصوات... ضمانة استقلال لبنان

الإصلاح وليس الأصوات... ضمانة استقلال لبنان
7 يونيو 2009 01:13
تطورتْ سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005، لتصبح سياسة نشطة شعارها «لبنان مستقل ذو سيادة»، حيث أضحى هذا الشعار الآن حجر الزاوية في العلاقات الأميركية اللبنانية. وقد جرت ترجمة هذه السياسة على مستويات ملموسة من الدعم لمؤسسات الدولة التي يمكنها أن تشكل أساس ديمقراطية متطورة. وقد بذلت إدارة الرئيس أوباما جميع الجهود لتطمين اللبنانيين إلى أن استقلالهم لن يجري الاتّجار به كجزء من صفقة واسعة كبرى مع النظام السوري حول أهداف السياسة الأميركية الأوسع في الشرق الأوسط. ورغم أن ذلك يعتبر تغييراً مُرحّباً به مقارنة مع الماضي عندما كانت أهداف الولايات المتحدة في لبنان ناتجة عن العلاقات الإقليمية، فمن السذاجة الافتراض بأنه تم تحقيق النصر في المعركة بالنسبة للبنانيين. السؤال الذي يبقى مطروحاً هو: ما الجهود التي يبذلها القادة اللبنانيون لضمان استدامة هذه المؤسسات ومناعتها من التغييرات السياسية والتدخلات، على نحو يضمن الاستقلال والأمن للشعب اللبناني على المدى البعيد؟ يتطلب دعم سيادة لبنان واستقلاله توجهاً متعدد الأبعاد، فبالإضافة إلى منع تدخل سوريا وغيرها من القوى الخارجية، يجب تشجيع اللبنانيين على قبول مسؤوليات محلية معينة. أولا، هناك حاجة لإصلاحات في القانون الانتخابي تسمح بتمثيل نسبي ليحل مكان النظام الحالي الذي يرتكز على الأغلبية، واستمارة انتخابية دولية لتحل محل تلك المكتوبة باليد التي يقوم بتوزيعها وكلاء الأحزاب والتي تعرّض سرية العملية الانتخابية ومصداقيتها للخطر، ومشاركة لبنانيي الشتات في العملية الانتخابية وتخفيض سن التصويت من 21 إلى 18 سنة. وقد تم تبنّي الإصلاحين الأخيرين من حيث المبدأ رغم أنه لم يجرِ تنفيذهما بعد. جميع هذه العناصر حاسمة لنظام انتخابي شمولي يعمل بنجاح يعزز شرعية العملية الديمقراطية. ثانياً، ضرورة وضع قانون للأحزاب السياسية يرعى عملية تشكيل منابر سياسية تتسامى على الخلافات، لرفع مستوى الحوار الداخلي حول الخيارات الاستراتيجية والاحتياجات التنموية. ويشكّل قانون كهذا أساس نظام جديد لحل النظام الذي يرتكز على شخصيات حقبة ما بعد الإقطاع التي تسيطر على السياسة اللبنانية. ثالثاً، أن تعمل الإصلاحات، في مجال حكم القانون واللامركزية الإدارية، على توسيع سلطة الحكومة في كافة أرجاء الدولة، وأن تحمي مشاركة المواطن وأمنه. لقد تردد الزعماء السياسيون في تبنّي إصلاحات كهذه، إذ يمكن أن تقوض أركان سيطرتهم على السلطة السياسية وتفتح النظام أمام نخب جديدة قد تتحدى سلطتهم. ورغم ذلك فإن ثمة بوادر أمل، ومن بينها موقف الرئيس ميشيل سليمان فيما يتعلق بإنشاء برلمان ثنائي المرجعية، وهو قرار مهم لمعاهدة الطائف (التي أدت إلى نهاية الحرب الأهلية عام 1990) جرى تجاهله حتى الآن، وتشكيل وزير الداخلية زياد بارود للجنة الانتخابية المستقلة، وتمكين المجتمع المدني من دور في العملية الانتخابية المقبلة. لقد جرى وضع انتخابات اليوم، السابع يونيو، في لبنان، وإلى درجة كبيرة، في إطار معركة بين تحالف 14 آذار الموالي للغرب وتحالف 8 آذار المعارض والموالي لسوريا وإيران. ويحّد هذا التبسيط من دور القوى والزعامات المستقلة ذات التوجه الإصلاحي داخل المجموعتين وما وراءهما، فلدور هذه المجموعات أهمية خاصة حيث أن نصراً ساحقاً يعتبر أمراً بعيد الاحتمال من قِبَل جميع المراقبين. وفي الوقت الذي يمكن فيه أن يكون لنتائج الانتخابات وقع على أساليب الحكم في لبنان، إلا أنه من غير المتوقع لها أن تغيّر نظام الحكم الحالي. ولأن النظام السياسي السائد يعطي لكل مجموعة حق النقد (الفيتو)، فإن أي تغيير له أهميته يعتبر مستحيلا، بحيث يصبح الشلل السياسي أمراً ممكناً في أي وقت لا يتم فيه تمثيل طائفة كبيرة بشكل صحيح في أي تشكيلة حكومية. وبعكس حالة السلطة الفلسطينية، يلعب البرلمان في لبنان دوراً مهماً، ولا يمكن لأي حزب أن يدفع الدولة في أي اتجاه دون أن يعترضه أحد، كما أثبتت السنوات الأربع الأخيرة. لذا يجب أن لا نتوقع ردة فعل مثل غزة خياراً مقبولا لدى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. بمعنى آخر، فإن انتخابات اليوم ليست هي المعركة الحاسمة لمستقبل لبنان، لكن تكمن أهميتها فيما إذا كانت ستمهد الطريق لإصلاحات إضافية، وتعمل على مأسسة تلك الإصلاحات التي تمت. يتوجب على المجتمع الدولي أن يعمل مع قادة ذوي عقلية إصلاحية لضمان تطوير عملية ديمقراطية تركّز على المؤسسات قبل الشخصيات. وقتها فقط يحصل لبنان على عناصر السيادة والاستقلال. لارا علامة المديرة التنفيذية لمؤسسة «الصفدي» بالولايات المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©