الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

دموع بنكهة سريالية

31 مارس 2017 22:40
قبل هذا لم أكن أعرف- أعتذر عن هذا التعبير- أن أنواع الدموع تتعدد حتى تفوق حد الخيال. الآن أجبرتني الصورة التي نشرها مصور وكالة رويترز لطفلة باكية من الموصل الشهر الماضي مثلما أجبرت الكثيرين، على البحث عن تسميات لها في قاموس الدموع والبكاء لم تكن معروفة. أن ترى دموعاً لا تشبه المتعارف عليه أثناء مرورك بمواقف يتحتم عليك خلالها ممارسة شيء كالبكاء، مصيبة! نعود، دموع بعضها ذرفته العينان فسقط، والباقي لا هو يسقط في الفم فيبتلع، ولا هو حتى يتحجر في مكانه، كأنما مهمتها رسم ملامح وجه سريالية، فوق الحزن، فوق الفرح، ما فوق الضحك أو البكاء وما فوق حتى الجنون.. ثم تكتشف أنه موقف واقعي مفاجئ تعرضت له طفلة فارة من القصف صادف أن شاهدها مصور صحفي – دافنشي – فالتقط بعدسته دموعها الصامتة.. ولأن دافنشي مات من زمن بعيد، فليس ثمة من يفسر لحظة خروج طفل هناك إلى الشارع كأنما هو يخرج من طي النسيان والموت يتخطف الأطفال في البيوت والأزقة - بينما لا تعلن الموصل مدينة منكوبة- والدموع صامتة كأنها من نوع لا يعرف الهم إلا من يكابده. دموع تذرف على صفحات الجرائد، وكلها صور تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي يومياً لأطفال ونساء يسيرون على غير هدى في مشهد جماعي يشبه في ذهنك مشهد يوم القيامة، بينما في إحداها رجل أمن يحمل على ظهره طفلاً وينادي.. ابن من هذا من يعرفه؟ لا أحد يعرف سوى أنه في يوم كهذا اليوم تجهل كل مرضعة ما أرضعت! صور كثيرة، ودموع بنكهة سريالية على شاشة التلفزيون، طوابير الأطفال في مناطق الصراع في العراق وسوريا واليمن، وهم ينتظرون حصصهم الغذائية ومن بينها الماء الذي تشربه! دموع لا تفارق ذهنك، إنما هي أصبحت مشهداً يومياً، أطفال ليسوا على مقاعد الدراسة، لكن يخرجون في أغلب الأحيان جثثاً من تحت ركام البيوت التي يساويها القصف بالأرض. دمعة سريالية أخرى في قلبك، في الغيب يذرفها أطفال، عوالمهم، شخصياتهم، ثقافتهم تشكلها التكنولوجيا. تتوزع اهتماماتهم ما بين الهاتف المحمول والكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي والجهل بالتكنولوجيا، لكن تسقط دمعة مختلفة حينما تبدو لك صورة طفل لديهم في الغرب، طفل بحجم آدمي ممنوع المساس بحياته، يطالعك على صفحة الجريدة اليومية تخيم عليه السكينة، يجلس أمام شاشة الكمبيوتر لتضيء ملامح وجهه وبالقرب منه كتاب ورقي يفضل قراءته بملامسته بأصابعه. لتكن دموعك من هذه اللحظة، أصغر، أصغر، لتكن في قاموس الدموع بقوة دموعهم لو سقطت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©