السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلة «عويصة»

مشكلة «عويصة»
8 يونيو 2009 00:59
سألتني: هل تؤمن حقاً بكل ما تكتب وتطبقه؟.. قالت: دعني أوضح لك.. هل تستلهم آراءك أو لنقل «تقتبسها» من حياتك العملية؟. قلت لمحدثتي: تدهشني يا سيدتي قدرتك على «المشاغبة».. وأعتقد جازماً أنك تعرفين أن أي إجابة أسوقها إليك ستكون مجروحة، لأنك تطلبين مني أن أكون «المتهم وشاهد النفي» في آن معاً، في قضية تلقي بظلال من الشك والريبة ــ ولو بشكل غير مباشر ــ على مساحة الصدق في مضمون نتاج القلم.. فإن قلت نعم، أكون قد حصرت ما أكتب في حيز ضيق لا يتجاوز حدود الاقتباس من التجارب الحياتية الشخصية، وإن قلت لا أكون قد تبرأت مما أكتب وأفقدته المصداقية. ويبدو يا سيدتي أن سؤالك «أرق» كتاباً كثيرين، ويبدو أيضاً أن الإجابة حيرتهم كما تحيرني الآن ، فراوغوا فيها، وتحايلوا عليها بافتراضات ومداخلات تربك المتلقي وتفقده التركيز في المعنى. سأسوق لك مثالاً: في مقدمة مجموعته القصصية «اثنا عشر رجلاً»، يقول الأديب الراحل يوسف السباعي فيما يشبه «المنولوج»: كثيراً ما أسائل نفسي، وأنا أتأمل ابنتي «بيسا»، ماذا ستقول عن أبيها عندما تبلغ سن النضج، وتقرأ هذه القصص الملأى بالحب.. وكيف أستطيع، كأب، أن أردعها أو أنهاها عن حب تساق إليه، إذا كانت ثلاثة أرباع قصصي تتلخص في أن «كل شيء، ما خلا الحب، عبث».. هذه ولا شك مشكلة عويصة. تساؤلات السباعي، وتهيبه من مواجهة مع ابنته، عندما تصبح في سن الرغبة والاحتياج العاطفي، مواجهة تستعين فيها الابنة ببطلات حكاياته ورواياته اللاتي اخترعهن ودافع عن حقهن في الحب، تؤكد وجود فاصل بين ما يكتب الكاتب وبين ما يقبل به في حياته، تؤكد أن الكاتب ليس بالضرورة هو البطل الأوحد في أعماله الأدبية، وليس مضطراً إلى تبني كل ما يؤمن به أبطاله. أراد السباعي أن يقول إن كتاباته ليست سيرة ذاتية، ولكن رؤية أدبية إبداعية، قد تقرب أو تبعد عن حياته الشخصية.. وأنا أيضاً. صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©