السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شبام كوكبان».. سكنها ملوك حمير وسبأ واستوطنتها الأبنية الأرجوانية

«شبام كوكبان».. سكنها ملوك حمير وسبأ واستوطنتها الأبنية الأرجوانية
8 يونيو 2009 01:00
إذا أردت أن تستنشق عبق صنعاء القديمة وترى ألقها الحضاري فما عليك كزائر أو باحث سوى أن تقوم بقطع مسافة 45 كيلو متراً لتصل إلى مدينة «كوكبان» في شبام التابعة لمحافظة المحويت اليمنية، وهي تحتوي على كل الألوان والزخارف الصنعائية، وإذا انطلقت من بوابتها التاريخية ترى البناء المعماري شيدته أنامل هندسية استطاعت محاكات البيئة والطبيعة الخلابة والحصون والقلاع والناس البسطاء الذين يستقبلون زوارهم بكرم حاتمي لا نظير له. سكن الملوك تقع المدينة على حصن يرتفع 2800 متر عن منسوب البحر، وهي مسورة من شمالها، ومحصنة طبيعياً من الجهات الأخرى، وقد سكنها قديماً ملوك أقيال حمير، ثم آل يعفر «الحميريون» حتى القرن الثالث عشر الهجري، ثم تحول المركز إلى مدينة «كوكبان» حتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري، والتي تقع ضمن مدينة شبام؛ وتطل عليها من الجانب الجنوبي لجبل «الضلاع» الذي كان يسمى قديماً بجبل ذخار. وكانت حصناً للحميريين ومخزناً للحبوب سكنها الإمام المنصور عبد الله بن حمزة وجعلها عاصمة له. ازدهرت «كوكبان» في أيامه ثم افتتحت في عهد الأيوبيين وأخذوها من عبد الله بن حمزة وتولوا عليها وبنوا فيها السدود والضخمة، وبنوا القلعة وكذلك السور، وكان ذلك في منتصف القرن الخامس الهجري. باب الحديد يمكن الوصول إلى «كوكبان» عبر طريق مرصوف، يشير إليه عبد الرحمن سالم- أستاذ التاريخ، بقوله: «ثمة طريق بطول ستة كيلومترات يمتد صعوداً نحو سفح الجبل للقادم من مركز مديرية شبام، وقبل ذلك هناك طرق مشاة وهي عبارة عن سلالم حجرية مبنية بشكل يشق سفح الجبل، فالأماكن المفتوحة تحيط بالمدينة من جوانب مختلفة والتي يمكن التسلل إلى داخلها منها سور قديم. ولمدينة كوكبان سور مدخل واحد يسمى «باب الحديد» وعموماً تحتفظ أبنية المدينة بطابعها القديم في العمارة والتشييد فمن استخدام حجارة «العمش» إلى وجود مدخلين وسلمين في كل مبنى أحدهما للرجال والآخر للنساء». ويضيف: «تعود جذور شبام إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد وأول ظهور لها كان في نقش النصر الموسوم الذي دونه «كرب الوتر بن ذمار» في القرن السابع قبل الميلاد حيث أشار إلى أنها كانت واحدة من مدن مملكة «نشن». وبعد أن هزم المكرب ملك مملكة «نشن» ضم كل ممتلكاته إلى مملكته وبعدها بدأت هجرة السبئيين إلى قيعان الهضبة الوسطى لاستيطانها، وفي أطرافها أقيمت مدن عديدة، وشبام واحدة من المدن التي استوطنوها. واستمرت هذه البقعة من الأرض آهلة بالحضارة التي شكلت من شبام مركزاً مهماً من مراكز الدولة الحاكمة في سبأ وهذا كله يمكن استيحاؤه من جملة من النقوش القديمة ومن بعض الآثار السبئية كالمقابر الصخرية. سور شامخ وصلت شبام إلى رقي ثقافي وديني رفيع تمثل بنحت الصخور لتشكل فيها غرف تم استخدامها كمقابر، وهي تنتشر على صخور جبل ذخار. وكمعظم المدن اليمنية القديمة يلف المدينة من إحدى جهاتها سور شامخ فيما تشكل العوائق الطبيعية بقية سور المدينة التي لا يمكن دخولها إلا من بابها الوحيد. ويشاهد الزائر «كوكبان» معالم المدينة القديمة ومن أهمها المجمع التعبدي في الجبل الذي تشير نقوش جدرانه إلى أنه كان يضم في قمته مجمعاً تعبدياً دينياً. كما يرى الزائر المقابر الصخرية التي تعد من أبرز الآثار القديمة في المدينة وهي عبارة عن مقابر تم نحتها في بطون الجبال بغرض دفن الموتى فيها في العصور القديمة وهي منحوتة بطرقة فنية حيث تحتوي على باب صخري يؤدي إلى غرفة أو أكثر تضم بعض الأغراض التي يتم وضعها مع جثة المتوفى. خصائص معمارية حال وصول الزائر إلى سفح جبل «الضلاع» يرى أن مباني وبيوت وقصور «كوكبان» تمتد نحو ثلاثة كيلومترات ويغلب على مبانيها اللون الأرجواني المائل إلى الحمرة بسبب استعمال حجارة ترسبية تسمى «العمش» تميز العمران في مدن وقرى هذه المنطقة. وتشير المصادر المدونة إلى أن «كوكبان تضم عدداً من المعالم الإسلامية القديمة كالمساجد والأضرحة والأبنية القديمة التي تعود للعصور الوسطى مثل الجامع الكبير في المدينة والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث الهجري. حيث تم بناؤه في عصر الدولة اليعفرية التي جعلت من المدينة عاصمة لها، والجامع في أسلوب بنائه امتداد للجامع الكبير في صنعاء والذي يعد من أوائل الجوامع التي بنيت في اليمن بعد الإسلام ويتكون الجامع من صرح تحيط به أربعة أروقة ويتوسط جداره القبلي محراب مهيب بني بين عمودين يعلوهما قوس مزخرف بالعديد من النقوش والآيات القرآنية ويعلو الجامع مئذنة على الطراز المعروف في أغلب جوامع صنعاء». القلعة والقبة ولا تزال في المدينة قلعة «القلشة» التي بناها الأتراك وجعلوها مدخلاً للمدينة عبر باب الحديد. ويضاف إلى ذلك مسجد المنصور، وضريح الإمام شمس الدين الذي بنيت عليه قبة تتوسط صحن المسجد. يوجد بها قبة كوكبان وهي الطريق الذي يربط بين مدينة شبام وكوكبان عبر شقوق الجبل. كما يتمتع سكان كوكبان بالقيم اليمنية العربية الأصيلة من كرم الضيافة وحسن الاستقبال والتعامل مع الضيوف والزوار بأخلاق عالية وكريمة فهم يحبون مدينتهم ومن يزورها ولا يكفون عن مدحها والتغني بها خصوصاً وأن معظم سكانها من المولعين شغفاً بالعلم والأدب وعلوم الفقه. السمسرة ومن المعالم القديمة التي تحظى بالزيارة في «كوكبان» دار تتكون من ثلاثة طوابق تسمى «السمسرة» وهي دار الحكومة القديمة، مرفق بها الحمام القديم الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع الميلادي. كما تزخر مدينة «شبام- كوكبان» بالعديد من المعالم السياحية والتراثية التي يقصدها السياح الذين لا تخلو أزقة المدينة منهم.. ومن تلك الأماكن سوق المدينة القديم الذي تنتشر على جانبي طرقاته الضيقة الحوانيت الصغيرة المقسمة إلى عدد من الأسواق المتخصصة ببيع وصناعة العديد من المنتجات التقليدية كالفضيات والعقيق والخناجر التقليدية، والعديد من أدوات الزينة والحلي والأطعمة الشعبية. ويزور السياح من جنسيات مختلفة مدينة «شبام- كوكبان» للتعرف إلى المعالم السياحية والأثرية والتاريخية والتراثية، ومنها الأسواق الشعبية التي تضم الحرف التقليدية، مروراً بالمعالم الدينية والقصور والأسوار المشيدة بذكاء وإجادة يعكسان إبداع الإنسان اليمني وقدرته على تطويع الطبيعية بصخورها وموادها لخلق لوحات تتماهى بحرفية في التشكيل والصنع الفريد.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©