الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«نيويورك تايمز» : الفدية القطرية وراء تفتيت سوريا لخدمة «الحرس الثوري» و«حزب الله»

15 مارس 2018 03:10
أبوظبي (مواقع إخبارية) أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن أموال الفدية القطرية استخدمت من أجل دعم الجماعات الإرهابية ومن بينها «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني وجبهة النصرة والتي كان لها الدور فيما يحدث في سوريا من حمامات الدم. فبعد قرابة عام على صفقة الرهائن القطريين التي تم نشر تفاصيلها أبريل الماضي، بعدما تبين دفع قطر وتنظيم الحمدين فدية لجماعات إرهابية في العراق وسوريا مقابل تحرير مختطفين من الأسرة الحاكمة، ما يعني بطبيعة الحال وجود اتصالات سرية بين الدوحة ورموز وقيادات تلك الجماعات، أعادت «نيويورك تايمز» فتح الملف في تقرير موسع حمل العديد من الأسرار والكواليس عن تلك الاتفاقيات المشبوهة. تقرير الصحيفة الأميركية سلط بدوره الضوء على مثلث «قطر- إيران- الجماعات الإرهابية»، موضحاً أن قطر تمكنت من تحرير رهائن قطريين تم اختطافهم في العراق بعدما دفعت 770 مليون دولار، وهو ما يعكس بطبيعة الحال وجود اتصالات مفتوحة بين مسؤولي الدوحة والجماعات الإرهابية في العراق. وقالت الصحيفة في تقريرها أمس، إن المختطفين وقعوا في الأسر بعد قيامهم برحلة صيد صقور في صحراء العراق، وأن جزءاً من تلك الأموال ويقدر بـ360 مليون دولار تم تقديمه لجماعات إرهابية، إلا أنه في نهاية المطاف ربما تكون الأموال أقل أهمية من الأبعاد السياسية للاتفاقية التي عقدتها الدوحة مع هذه الجماعات. وأضافت الصحيفة أنه من أجل استرداد رهائنها، تفاوضت قطر حول عملية تبادل سكاني في سوريا، مستخدمة ميليشيات التمرد التي تمولها للقضاء على جميع مواطني أربع مدن تقع في مواقع إستراتيجية، وهذه العملية عملت على تقدم هدف إيران الأكبر المتمثل في تحويل سوريا، جنباً إلى جنب مع العراق ولبنان واليمن، إلى دول تابعة تضمن دوراً إيرانياً مهيمناً في جميع أنحاء المنطقة. وقالت الصحيفة إن الصفقة كانت ضربة قاسية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتمثل في الدفاع ضد العدوان الإيراني، كما أنها بالنسبة لآلاف السوريين الذين يتضورون جوعاً، تعني طردهم إلى المنفى باتفاق غامض، بينما الحكومة السورية نفسها ليس لديها قول كبير في الأمر. وأضافت أن ما بدا عملية اختطاف وقحة، تحول في نهاية المطاف مقياساً للقوى الجيوسياسية التي تمزّق الشرق الأوسط، وبتكاليفهم البشرية وما ينتشر من الفساد والكراهية الطائفية والإرهاب. وكشف تقرير الصحيفة الأميركية عن أن أنباء خطف مواطنين قطريين بعضهم من العائلة المالكة أبرز نقاط الضعف التي ظهرت مع صعود نجم قطر المفاجئ، فشبه الجزيرة الصغيرة، التي تتخذ شكل الإبهام في الخليج العربي، قفزت من الفقر إلى ثروة هائلة في العقود الثلاثة الماضية بفضل رواسب الغاز الطبيعي تحت صحرائها وسواحلها. وأشار التقرير إلى أنه بداية منذ تسعينيات العام الماضي، حاولت قطر حماية نفسها من خلال مغازلة وإزعاج جميع الأطراف دفعة واحدة، وقد قفزت إلى سوريا وإيران وحزب الله، في المنطقة، ما أثار غضب الولايات المتحدة، وفى نفس الوقت وصلت أيضا إلى دول عربية أخرى، باستخدام أموالها التي لا نهاية لها للتوسط في الصفقات الدبلوماسية في لبنان واليمن. ولقد وُلدت قناة الجزيرة، القناة الفضائية التي تسر الحشود ببثها المعادي للولايات المتحدة، حتى مع استضافة قطر أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. وتضيف أنه في السنوات الأخيرة، كان لموازنة قطر نتائج عكسية، فمن خلال أموالها أجرت رهاناً محفوفاً بالمخاطر بتمويل فصائل متمردة في سوريا بما في ذلك الفرع المحلى لتنظيم القاعدة، على أمل أن يفوزوا في الحرب الأهلية وأن يدينوا بالامتنان لرعاتهم. وبدلاً من ذلك استمرت الحرب السورية وأصبح المتمردون أكثر تطرفا وباتت أيادي قطر ملوثة بسبب ارتباطها بالجماعات الإرهابية. وفي نهاية المطاف، تمكنت قطر من صنع أعداء على جانبي الانقسام الطائفي المتفاقم. وفي غضون أيام من اختطاف الصيادين القطريين، تأكدت الحكومة في الدوحة أنه من شبه المؤكد أنهم محتجزون لدى ميليشيا على علاقة بإيران وهو ما يضع مصيرهم في يد الرجل الأخطر في العالم، الجنرال قاسم سليماني، رئيس الحرس الثوري الإيراني. لكن سليماني لم يكن يهتم بأموال الفدية فأولويته لسنوات هي سوريا. وقالت الصحيفة في تقريرها: «كانت سوريا شريان حياة لإيران منذ الثمانينيات، عندما بدأت الجمهورية الإسلامية الجديدة أولاً بشحن الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى حزب الله الذي يعمل كذراع إيران الخارجية في لبنان. عندما اندلعت الحرب الأهلية السورية عام 2011، وأصبح هذا الأمر في خطر.. وبالنسبة لسليماني، الذي أطلق القوات العسكرية الإيرانية في سوريا، أصبح للحرب الأهلية هناك هدف رئيسي هو الحفاظ على حليف بلاده الوحيد الموثوق به». وتابعت: «من ثم أصبح الرهائن القطريون بيادق قيمة في هذه اللعبة الجيوسياسية. كانت قطر تمتلك نفوذاً قوياً مع فصائل المتمردين التي تمولها وهو ما يمثل عاملاً مفيدًا للجنرال الإيراني. ففي ذلك الوقت كان سليماني وحلفاؤه من حزب الله يبحثون عن طرق جديدة لتعزيز السيطرة على مناطق رئيسية معينة بالقرب من العاصمة السورية: ليس فقط من خلال قتل المقاتلين المتمردين، بل طرد السكان المدنيين السنة الذين كانوا يحمون المتمردين. وفى نهاية المطاف، كانوا يأملون في إعادة إعمار تلك البلدات ذات الأقلية الشيعية المتمردة. ومن ثم كانت هناك خطة مثيرة للجدل وطموحة تختلط بنغمات مظلمة للتطهير العرقي، لكن إذا نجحت فإنها يمكن أن ترسخ النفوذ الإيراني في سوريا على المدى الطويل. وتقول الصحيفة إنه قبل أن يتم خطف الرهائن القطريين، جاهدت إيران من أجل تحقيق هذا الانتقال الديموغرافي. ففي اجتماع سري عقد في اسطنبول بتيسير من الأمم المتحدة في سبتمبر 2015، اقترح مبعوث من قوة القدس التابعة لسليماني اتفاقاً أصبح يعرف باسم «صفقة أربع بلدات». وبموجب الاتفاق سينتهى حزب الله من حصار اثنين من معاقل المتمردين في سوريا بالقرب من الحدود اللبنانية، مضايا والزبداني، التي كان يشكل سكانها تهديدا مستمرا لنظام الأسد في دمشق. وفي المقابل، سينهي المتمردون الممولون من قبل قطر حصارهم لبلدتين في الشمال الغربي، وهما الفوعة وكفريا. وأضافت «صفقة الأربع بلدات ستحقق هدفين لإيران: التخلص من تهديد المتمردين في منطقة استراتيجية، في الوقت الذي يتم فيه إنقاذ حلفائهم المعرضين للخطر في الشمال. كانت تفاصيل الصفقة غامضة في البداية، لكن في وقت ما اقترح الإيرانيون أن يتمكن السكان من مبادلة المدن، حيث يتداول السوريون السنة والشيعة حرفياً الأماكن، وربما يسكنون منازل بعضهم البعض. لقد قدموا هذا كبادرة إنسانية باعتبار أن إنهاء الحصار سيفيد الناس في جميع المدن الأربع. لكن المتحدثين باسم المتمردين في اسطنبول رفضوا الفكرة بشكل غاضب، واصفين إياها بجهد متغطرس لإعادة تشكيل خليط سوريا الطبيعي من ديانات ومجموعات عرقية متنوعة ذات حسابات طائفية صارمة». وتقول نيويورك تايمز إنه بعد عملية خطف الصيادين القطريين، اكتسبت إيران بعض النفوذ القوى على هؤلاء المتمردين السنة أنفسهم - أو بالأحرى، على مانحهم الرئيسي في الدوحة. وعادت خطة إخلاء المدن الأربع إلى الطاولة. وذكرت الصحيفة تفاصيل عن تعثر المفاوضات لأشهر حيث ظلت الرهائن القطرية طيلة 16 شهراً، لكن في نهاية المطاف تمت عملية التغيير الديمغرافي في سوريا تحت مشهد من العنف والقصف، كما تم الإفراج عن الرهائن في أبريل الماضي بعد دفع الدوحة نحو 770 مليون دولار للميليشيات المسلحة وذلك من خلال دفعتين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©