الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

براون «الجريح»... هل يصمد في وجه العاصفة؟

براون «الجريح»... هل يصمد في وجه العاصفة؟
8 يونيو 2009 01:12
قبل عامين، دخل براون مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينج ستريت لأول مرة كرئيس للوزراء، ووعد من دون أن يبتسم، ببذل «قصارى الجهد». الاستكتلندي الذكي مثّل الاختيارَ المثالي بالنسبة لجمهور بريطاني منهك بعد عقد من حكم سلفه بلير، وفي غضون أسبوع، ارتفعت شعبية براون إلى 7 في المئة. أما اليوم، فيجد براون الجريح نفسَه متمسكاً بمنصبه، وفي مواجهة جمهور ضجر، وحزب متمرد، وربما أيضاً، إذا ازدادت الأمور سوءاً، قد يصبح أحد من رؤساء الوزراء الذين أمضوا أقصر فترة حكم في تاريخ بريطانيا الحديث. وفي هذا السياق يقول أنثوني كينج، أستاذ الحكم بجامعة إيسيكس: «إنها مأساة. إنه يرغب في المنصب كثيراً، والحال أن القليلين فقط يرون أنه يقوم بمهامه على وجه حسن»، مضيفاً: «إنه يفتقر إلى أصدقاء، وخلق لنفسه أعداءً، وليس لديه معجبون، حتى داخل حكومته». وقد عاقب الناخبون البريطانيون حزب «العمال» في الانتخابات التي أجريت يوم الخميس الماضي لاختيار أعضاء المجالس المحلية وممثلي بريطانيا في البرلمان الأوروبي، مانحين حزب «المحافظين» المعارض انتصارات في مدن وبلدات بريطانية لم يفز بها منذ جيل كامل. وفي هذه الأثناء، وصلت فضيحة كبرى تتعلق بنفقات أعضاء في البرلمان إلى المستويات الأعلى لحكومة براون، مع استقالة 11 عضواً رفيع المستوى في حكومته خلال الأسبوع الماضي. ويوم الجمعة، وقف براون في مؤتمر صحفي تعرض خلاله لسيل من الأسئلة الصعبة والمذلة، لكنه تعهد بألا يستسلم للدعوات المتزايدة إلى استقالته. وقد ظهر براون مع الرئيس الأميركي أوباما يوم السبت في فرنسا خلال مراسيم إحياء الذكرى الخامسة والستين لإنزال قوات التحالف على شواطئ نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية. غير أن الجدل تواصل في بريطانيا حول إمكانية إرغام براون على التنحي، وما إن كان قد بقيت لديه القوة والقدرة على الحكم بنجاح وفعالية في حال بقي في منصبه. وفي هذا السياق يقول نيكولا ماكيوين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة إدنبره، «إنه أفق مظلم... والسؤال العريض الآن هو: هل يستطيع البقاء في منصبه إلى الوقت الذي يختاره هو أم ستكون الضغوط الداخلية كافية لاستبداله؟». ويعد براون، 58 عاماً، سياسياً جاداً ومثقفاً يهتم حتى بأدق التفاصيل السياسية. وقد حظي بإشادة واسعة، خصوصاً في الخارج، بفضل زعامته في الأزمة المالية العالمية. غير أنه ينظر إليه أيضاً باعتباره جاداً وحذراً أكثر من اللزوم، ولا يجيد اتخاذ القرارات، وغير قادر على شرح وتوضيح أفكاره للجمهور. وحين تحول التباطؤ الاقتصادي إلى أزمة تهدد بإسقاط النظام المالي العالمي في خريف 2008، ذهب العديد من المحللين السياسيين إلى أن براون بات في حكم الهالكين، ولم تكن معدلات شعبيته تتعدى حاجز الـ19 في المئة. لكن براون سرعان ما تميز كواحد من زعماء العالم القلائل بمؤهلاته الاقتصادية التي بدت في مستوى التحدي الذي تطرحه الأزمة، وفاقت تجربته المالية تجربةَ الرئيس الفرنسي ساركوزي والرئيس الأميركي وقتها بوش. وعمل براون كسفير اقتصادي عالمي، فتزعم الدعوات إلى إصلاح النظام المالي العالمي، وأصبح برنامجه القاضي بضخ مليارات الجنيهات من أموال الحكومة في البنوك المتعثرة، نموذجاً اقتدى به أوباما وزعماء آخرون. وهكذا، أصبح البريطانيون فجأة فخورين ببراون مرة أخرى، فارتفعت معدلات شعبيته. لم تكن شعبية واسعة، لكنه استعاد بعض الاحترام. وفي هذا السياق، يقول فيرنون بوجدانور، أستاذ الحكم بجامعة أكسفورد إن براون اتخذ «قرارات حكيمة وحصيفة» في المجال الاقتصادي، واعتُبر «زعيماً عظيماً» في الاجتماعات الدولية حول الأزمة. وأضاف بوجدانور يقول: «إن سياساته تشبه كثيرا سياسات أوباما، لكن نقطة ضعفه تكمن في التواصل. فهو يقرأ كثيراً ويفكر ملياً، ولا يتواصل بسهولة مع الجمهور». وهكذا، تآكلت صورة براون بفعل البطالة، ومصادرة المنازل (من قبل البنوك)، والشركات المفلسة، ولوجود جمهور قلق ومتوجس يلقي باللائمة على كاهل رئيس وزرائه. وفي هذه الأثناء، حصلت صحيفة «ديلي تيليجراف» على قرص حاسوب يحتوي على طلبات كل أعضاء البرلمان بخصوص تعويضات وبدلات تعود إلى فترة خمس سنوات. وشملت التجاوزات والشطط في استغلال نظام التعويض، استعمالَ أموال دافع الضرائب لدفع ثمن مواد مختلفة، من الحلوى إلى أقساط قرض عقاري زائف. ورغم أن أعضاء البرلمان المحافظين متورطون أيضاً في الفضيحة ، فإن الجمهور صب جام غضبه مباشرة على براون بوصفه الرجل الذي يقود البلاد. وتعليقاً على هذا الموضوع تقول جوليا كلارك، رئيسة البحوث السياسية بمؤسسة «إيبسوس موري» للبحوث إن «الفضيحة تؤثر على حزب العمال أكثر... فهو يتحمل القسط الأكبر من العبء». بعد ظهر يوم الجمعة، وبينما بدأت تظهر نتائج الانتخابات المخيبة للآمال، اضطر براون إلى إجراء تعديل وزاري في حكومته. ويقول عدد من المحللين إن مصيره يمكن أن يحسَم في حال حدث مزيد من الاستقالات البارزة، وبخاصة في صفوف حلفائه السياسيين المقربين. وفي هذه الأثناء، يقول بعض المحللين إن أعضاء حزب براون الذين يتآمرون ضده، قلقون بشأن مقاعدهم، حيث يعتقد العديد من المشرعين أن حزب «العمال» سيخسر الانتخابات العامة المقبلة، وأن زعيماً جديداً يمكن أن يحسّن أداء الحزب إلى درجة تتيح احتفاظهم بمناصبهم. كيفين سوليفان -لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©