الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مدرسة» إسلامية أميركية

8 يونيو 2009 01:19
أصبح الإسلام والعالم الإسلامي مهمّين بشكل حاسم في الشؤون الوطنية والدولية بالنسبة لأميركا. ويخلق الافتقار إلى علماء دين مسلمين أميركيين، حاجزاً أمام فهم الإسلام بصورة صحيحة وعلاقته بالمجتمع الأميركي المعاصر. وكان يكفي قبل عشرين سنة أن يقوم الأطباء والمهندسون بدور الأئمة والدعاة. كانت الحاجة في حينها إلى العلماء والفقهاء محدودة للغاية. لكن الأمور تغيرت. سألني أحدهم مؤخراً عن مجال عملي، أجبته: «أنا المدير التنفيذي لمنظمة إسلامية غير ربحية»، فكان رده: «آه». من الواضح أنه لم يكن يتوقع ذلك الرد من شخص كان يتحدث معه للتو حول الغولف وكرة القدم. سألني عن النشاط الحقيقي لمنظمتي «الإسلامية». أخبرته أننا نساعد المساجد وغيرها من المؤسسات الإسلامية على بناء قدراتها، ونعمل في مجال التعاون بين الأديان مع منظمات أخرى. أصغى لكلامي بأدب، ثم سألني: «ليس الإسلام ديناً بقدر ما هو عقيدة وأسلوب حياة، أليس هذا صحيح؟»، ثم ذكر بعض الأمور التي قرأها عن الفقه وعن ابن تيميّة، وعن عدم التناغم المفترض بين الإسلام والقيم الغربية. لاحِظوا أن هذا الشخص ليس مسلماً ولا عالم دين. يمكن لغير المسلمين من الأميركيين اليوم أن يكونوا على شك وحيرة من الإسلام، فهم يريدون أن يعرفوا عن الوهابية، فيطرحون أسئلة عن إخفاء الهوية الدينية بصورة شرعية، وعن الجهاد وعن أهل الذمّة. وكثيراً ما يطرحون أسئلة عن هذه المفاهيم. الأسوأ من ذلك فهو أن العلماء المسلمين في الخارج، وبعضهم يقيم في أميركا، يتساءلون بطريقة علنية عن شرعية تفسير الإسلام من قبل زعماء مسلمين أميركيين كذلك. هذا هو الفراغ الذي يتوجب على مؤسسات مثل مؤسسة «الزيتونة» في كاليفورنيا أن تملأه. هناك كثيرون ينظرون للإسلام على أنه غير متناغم مع المجتمع الأميركي، بل إن أميركا في حالة حرب مع الإسلام! وهذه الرؤى الخاطئة موجودة عند بعض المسلمين أيضاً. تلك أسئلة دينية تتطلب فهماً معمقاً للإسلام وفهماً معمقاً لأميركا. يتواجد المسلم الأميركي الذي يتلقى علومه في أميركا ضمن تقاليد الدراسة الإسلامية الصارمة من قبل علماء مسلمين أميركيين، في أفضل موقع لدحض هذه الرؤى الخاطئة. لهذا السبب، تقترح مؤسسة «الزيتونة» إنشاء جامعة إسلامية على غرار جامعة جورجتاون يجري التدريس فيها ضمن برنامج يمتد لسنوات أربع، مفتوحة على كافة الأديان وتستقبل الذكور والإناث. ليس مهما أن تُسمى هذه المؤسسة كلية أو جامعة أو مدرسة دينية. الأمر الحاسم هو أن يكون لدى أساتذتها ما يكفي من كفاءات دينية تقليدية ضرورية، وأن تقدم المساقات الدراسية، للخريج الأميركي المسلم، المعرفة والمهارات الضرورية، وأن تبرز تناغم القيم الإسلامية مع القيم الأميركية. يمكن أن يشكّل انفتاح مؤسسة كهذه على غير المسلمين، وكونها ليست مؤسسة تقتصر على تدريب الأئمة، مكسباً لجميع الذين يتخرجون من برامجها، وخاصة بالنسبة للطلبة المسلمين الذين سيصبحون أئمة. فالتحليلات من وجهة نظر غير إسلامية، يمكن أن تُوجِد عمقاً إضافياً لفهم الطالب المسلم للإسلام. ليس هناك ما هو غير واقعي في هذه الفكرة. فهناك اليوم علماء كثيرون، مثل زيد شاكر وحمزة يوسف وعمر فاروق عبدالله... يمثلون خليطاً فريداً بين التربية الأميركية والتكوين الإسلامي التقليدي. سوف يكون التحدي الأكبر هو ضمان تمويلٍ كافٍ يسمح للمؤسسة بالحفاظ على مستوى عالٍ لطلبتها المستقبليين، واجتذاب نوعيات ممتازة من الطلبة إلى هذه الدراسة. وسوف تواجه أية منظمة تقوم بهذا العمل المهم اتهامات بكونها «مدرسة أميركية» على غرار تلك المدارس التي تخرّج مقاتلي «طالبان» في أفغانستان وباكستان. لكن قدرنا أننا مسلمون أميركيون! يستطيع الأفراد الوصول إلى استنتاجاتهم الخاصة حول ما إذا كان الإسلام وأميركا متناغمين، لكن حتى يتسنى للأميركيين المسلمين دحض رؤى عدم التناغم الخاطئة، سيتطلب الأمر من علماء الإسلام الأميركيين، الذين يملكون الجاذبية التعليمية والفكرية، أن يعملوا جنباً إلى جنب مع العلماء الذين تدرّبوا في الخارج. جنيد عفيف المدير التنفيذي لـ «مجلس المنظمات الإسلامية» في منطقة شيكاغو الكبرى ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©