الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

قضية الجاسوس تفجِّر العلاقات بين بريطانيا وروسيا

قضية الجاسوس تفجِّر العلاقات بين بريطانيا وروسيا
15 مارس 2018 07:46
عواصم (وكالات) انفجرت المواجهة بين المملكة المتحدة وروسيا على خلفية محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) بغاز أعصاب عسكري من صنع روسي في سالزبري جنوب غرب إنجلترا في 4 مارس حيث أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي سلسلة عقوبات أبرزها طرد 23 دبلوماسياً روسياً من أصل 59، ومنحهم أسبوعا للمغادرة في أكبر عملية من نوعها منذ 30 عاما، وتجميد العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى مقاطعة الوزراء وأعضاء من العائلة المالكة مباريات كأس العالم المقررة في روسيا هذا الصيف، والتلويح بإجراءات جديدة أخرى تشمل تجميداً للأصول الروسية. بينما سارعت الحكومة الروسية إلى التنديد بالموقف البريطاني «العدائي والاستفزازي، غير المقبول وغير المبرر»، قائلة «إن لندن اختارت المواجهة تحت ذريعة كاذبة بتورط روسي مزعوم في قضية تسميم سكريبال وابنته»، ومؤكدة «أن موسكو سترد قريبا من دون تأخير على قرار طرد دبلوماسييها». وقالت ماي أمام البرلمان «سكريبال وابنته يوليا أصيبا بغاز نوفيتشوك وهو غاز أعصاب مخصص للأغراض العسكرية يعود للحقبة السوفيتية.. ليس هناك من نتيجة أخرى سوى أن الدولة الروسية مسؤولة عن محاولة الاغتيال، وهذا يشكل استخداما غير مشروع للقوة من قبل هذه الدولة ضد بريطانيا»، وأضافت «كان من المنصف منح روسيا فرصة تقديم تفسير، لكن رد فعلها ينطوي على استخفاف تام بهذه الأحداث الفادحة». مشددة على «انهم (الروس) لم يقدموا أي تفسير موثوق حول ما إذا كانت موسكو مسؤولة عن الهجوم أم أنها فقدت السيطرة على مخزونات من هذه المادة شديدة الخطورة»، وأضافت «لكن بدلاً من أن يقوموا بذلك، تعاملوا مع استخدام غاز الأعصاب العسكري في أوروبا بسخرية وازدراء وتحد». وأعلنت ماي عن سلسلة عقوبات ضد روسيا بدءاً بطرد 23 دبلوماسيا وصفتهم بـ«عملاء استخبارات غير معلنين»، وقالت إن أمامهم مهلة أسبوع للرحيل. لافتة بعد تأكيدها على خطورة القضية وتذكيرها بطرد 4 دبلوماسيين روس بعد مقتل العميل الروسي السابق ليتفننكو مسموماً بالبولونيوم في عام 2006، «إنه وإثر العمل الرهيب الجديد ضد بريطانيا، لا يمكن للعلاقة بين البلدين أن تكون هي نفسها كما في السابق، وبالتالي سيتم تعليق كل الاتصالات الثنائية رفيعة المستوى بين البلدين، وذلك يشمل سحب الدعوة الموجهة إلى وزير الخارجية سيرجي لافروف لزيارة بريطانيا». وأضافت ماي «كما نؤكد انه لن تكون هناك مشاركة لوزراء أو أفراد من العائلة الملكية في كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف في روسيا». مبدية أسفها للنهج الذي اتبعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجال الدبلوماسي، وقالت «كثيرون منا كان يحدوهم الأمل عند النظر إلى روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية.. كنا نريد علاقة أفضل لكن من المأساوي أن يكون بوتين اختار هذا النهج». وتابعت «سنجمد أصولاً للدولة الروسية في حال حصلنا على أدلة تفيد بأنها قد تستخدم في تهديد حياة أو ممتلكات مواطنين أو سكان في بريطانيا، وسيجري على وجه السرعة إعداد تشريعات جديدة مقترحة لمواجهة أي تهديد من دولة معادية، وسيشمل ذلك إضافة قوة محددة لاحتجاز المشتبه بتورطهم في أنشطة دولة معادية على حدود المملكة المتحدة. كما سنكثف إجراءات التفتيش على رحلات الطيران الخاصة والجمارك والشحن». ودفعت الحكومة البريطانية بالقضية إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لإطلاع الأعضاء على الهجوم، وسط تحذير وزارة الخارجية الرعايا الراغبين في التوجه إلى روسيا من مخاطر التعرض لمضايقات، وكتبت في نصائحها للمسافرين «إذا كنتم حاليا في روسيا أو ستتوجهون إليها في الأسابيع المقبلة، ينصح بالتيقظ وتجنب التعليق علناً على التطورات السياسية الأخيرة». فيما نقلت تقارير صحفية عن وزير الخارجية بوريس جونسون تلميحه إلى احتمال مقاطعة المنتخب الإنجليزي لنهائيات كأس العالم. وأبلغت بريطانيا مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن استخدام غاز للأعصاب من الدرجة التي تستخدم في المجال العسكري في محاولة لقتل جاسوس يعد انتهاكا صريحا للقانون الدولي ويجب أن يكون بمثابة تحذير للمجتمع الدولي. وقال السفير البريطاني جوليان بريثويت للمجلس في جنيف «المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة شجبا انتهاكات روسيا للقانون الدولي بأسلوب روتيني يثير القلق. إن تصرفاتها الرعناء تحقير لكل ما يمثله هذا الكيان». في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الروسية تلقي بلادها قائمة بـ23 دبلوماسيا سيطردون من بريطانيا، وقالت «إن قرار الطرد والإجراءات الأخرى يشكل استفزازا صارخا وفظا غير مسبوق، ومؤشرا عدائيا على أن لندن اختارت المواجهة بدلا من التعاون مع روسيا في قضية سكريبال»، وأضافت «تصرفات بريطانيا تدمر أسس الحوار الحكومي الدولي العادي بين بلدينا، والرد لن يتأخر». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «إن موسكو لا تقبل الاتهامات التي لا أساس لها والتي لم يتم التحقق منها ولغة الإنذارات، وموسكو تأمل أن يتم تحكيم العقل». وقالت السفارة الروسية في لندن في بيان «نعتبر هذا العمل العدائي غير مقبول وغير مبرر على الإطلاق.. كل المسؤولية عن تدهور العلاقات الروسية البريطانية تقع على عاتق القيادة السياسية الحالية في بريطانيا». وحذر السفير الروسي في لندن الكسندر ياكوفينكو، بريطانيا من إجراءات طرد مماثلة. وكان وزير الخارجية سيرجي لافروف قال في وقت سابق إنه لم يتحقق أي تقدم لحل المواجهة. ونفى صحة اتهامات بريطانيا بأن روسيا وراء عملية التسميم، واصفا إياها بأنها استعراض سياسي يهدف لتضليل المجتمع الدولي وهو أمر قال إن روسيا لن تسمح به. وذكر أن بريطانيا لم ترسل طلبا رسميا للحصول على معلومات بشأن غاز الأعصاب الذي استخدم في الهجوم. وأضاف أن روسيا ليس لديها دافع لمهاجمة سكريبال وأشار إلى أطراف لها صلة بنشر مشاعر معادية لروسيا. إلى ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أن استخدام غاز أعصاب في بريطانيا ضد جاسوس روسي سابق أمر غير مقبول تحت أي ظرف من الظروف، كما أن استخدامه من قبل دولة يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي». وأضاف أن استخدام غاز الأعصاب من قبل دولة سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. فيما ندد حلف الأطلسي بتسميم الجاسوس معتبرا ذلك انتهاكا فاضحا للأعراف والاتفاقات الدولية، وقال بيان مشترك نشره الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج «إن الحلفاء اتفقوا على مطالبة روسيا الرد على أسئلة بريطانيا وخصوصا عبر تقديم معلومات كاملة حول برنامج نوفيتشوك لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية». واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في هلسنكي أن روسيا تقف على الأرجح وراء تسميم الجاسوس الروسي السابق. وكتب على حسابه على تويتر «اعبر عن تضامني الكامل مع ماي بعد الهجوم الوحشي الذي نفذ بإيحاء على الأرجح من موسكو.. الاتحاد الأوروبي سوف ينتظر لكي توضح لندن موقفها قبل تقرير ما إذا كان سوف يتخذ إجراءات ضد روسيا». وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الاتحاد الأوروبي سيقدم موقفا مشتركا، وأضافت «نتعامل بجدية تامة مع النتائج التي توصلت إليها الحكومة البريطانية.. سنقدم موقفا أوروبيا مشتركا بهذا الشأن»، مشيرة إلى أن الزعماء الأوروبيين سيجتمعون الأسبوع المقبل. لكنها تابعت «مع ذلك، أقول إنه لا يجوز لنا قطع كل الاتصالات الآن.. علينا أن نواصل التحدث مع الروس برغم كل الخلافات في الرأي».  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©