الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السويد··· نهاية أسطورة أرض الأحلام للعراقيين

السويد··· نهاية أسطورة أرض الأحلام للعراقيين
29 ابريل 2008 23:42
حتى وقت قريب ظلت السويد أشبه بـ''أرض الأحلام'' للاجئين العراقيين الفارين من جحيم الحرب الدائرة في بلادهم· فبسبب ليبرالية قوانينها الخاصة باللجوء السياسي، وسخاء نظام رعايتها الاجتماعية، استقبلت السويد 18559 من اللاجئين العراقيين خلال العام الماضي وحده، متفوقة بذلك على أي دولة غربية أخرى· ومن جانبها أشادت منظمات حقوق الإنسان بسياسات الهجرة التي تتبعها السويد، باعتبارها نموذجاً ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذوه، إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من أن يتزعزع استقرار المنطقة الشرق أوسطية كلها جراء أزمة اللاجئين العراقيين المتفاقمة، ما لم تسرع الدول الغربية إلى رفع حصصها من هؤلاء اللاجئين، وتبذل في حل الأزمة ما فعلته السويد، لكن وبسبب الضغط السكاني المتزايد على نظام رعايتها الصحية، بدأت السويد بتشديد سياساتها وإغلاق أبوابها أمام طالبي اللجوء السياسي من العراقيين، مثبطة بذلك أي أمل في أن يشرع الغرب أبوابه ويبذل المزيد من الجهد لاحتواء الأزمة· فمنذ شهر يناير الماضي، لم تمنح السويد حق اللجوء السياسي إلا لنسبة 25 في المائة فحسب من إجمالي الطلبات المقدمة لها، مقارنة بقبولها لنسبة 80 في المائة من تلك الطلبات في العام الماضي؛ ليس ذلك فحسب، بل بدأت السلطات السويدية إجراءات الترحيل القسري لأولئك الذين رفضت طلباتهم إلى العراق؛ وتعليقاً منه على ذلك قال ''جورج جوزيف'' -مدير منظمة ''كاريتاس سويدن'' الكاثوليكية: ''لقد كان أملنا أن نرى دولاً أخرى وهي ترتفع إلى المستوى الذي بلغته السويد في تعاملها مع أزمة اللاجئين العراقيين، إلا أنها وللأسف تراجعت هي الأخرى عما أنجزته''· تشير الإحصاءات إلى أن عدد المهاجرين والنازحين العراقيين قد بلغ حوالي 4,7 مليون على أقل تقدير، نصفهم داخل الحدود العراقية، بينما هرب ما يزيد على مليونين منهم إلى كل من سوريا والأردن، متسببين بضغط عال على الخدمات العامة، وتشير تقارير مجموعات حقوق الإنسان، إلى أن الوضع في هاتين الدولتين جد عصيب وحرج، بالنظر إلى سكن الكثيرين منهم في مخيمات بالية، لا يحصلون فيها على الخدمات الأساسية مثل الغذاء والدواء إلا بشق الأنفس، من بين هذه الجماعات حذّرت منظمة ''العفو الدولية'' من أن الوضع الإنساني آيل للانهيار في هذه المخيمات، ما لم تسرع الدول الصناعية الغنية لإنقاذه، ما يعني المزيد من زعزعة استقرار المنطقة كلها، وهو ما رفضته الدول الغربية، سواء بتقديم مساعدات مباشرة لهذه الدول أو قبول أعداد كبيرة من النازحين العراقيين بصفة لاجئين سياسيين لديها· في العام المالي الماضي، لم تقبل الولايات المتحدة إلا نحو 1600 من اللاجئين العراقيين إليها، وهو معدل يقل كثيراً عن الهدف المعلن في ذلك العام المالي، حيث كان العدد الافتراضي في الأصل قبول حوالي 7 آلاف منهم ابتداء؛ وتفسر وزارة الخارجية الأميركية هذا التراجع بأنه ناتج عن الاختناقات الإدارية، على حد قولها، وبالمقارنة فقد كان موقف السويد أكثر ليبرالية وسخاء من بقية الدول الغربية كافة، على الرغم من أنها لم تكن طرفاً في شن الحرب على العراق، وبالنتيجة وحتى وقت قريب جداً، ظلت أبواب هذه الدولة البالغة كثافتها السكانية 9 ملايين نسمة، مشرعة أمام المهاجرين العراقيين الفارين من جحيم المعارك الطائفية الدائرة في جنوبي بلادهم ووسطها، حيث تؤمّن لهم السويد لجوءاً سياسياً سخياً يشمل السكن المدعوم من قبل الدولة، والتدريب المهني، إضافة إلى مساعدة مالية شهرية لمواجهة تكلفة المعيشة· وقد أغرت هذه العروض تدفق ما يقارب الـ49 ألف عراقي إلى السويد منذ عام ،2003 بينما ارتفعت نسبة طالبي اللجوء منهم إلى 600 في المائة، وفي العام الماضي وحده، استقبلت السويد من هؤلاء اللاجئين، ما يزيد على عدد جميع الذين استقبلتهم بقية الدول الأوروبية مجتمعة في العام نفسه، الأمر الذي ألقى بتبعاته السالبة على نظام الرعاية الاجتماعية السويدي، وخاصة في الضواحي والمدن المعروفة بقلة كثافتها السكانية، منها ضاحية ''سودرتاليج'' الواقعة جنوبي العاصمة ستوكهولم مباشرة، ولا يزيد عدد مواطنيها على 80 ألفاً، فمنذ عام ،2003 بلغ عدد اللاجئين العراقيين الذين توافدوا إلى هذه الضاحية ما يتراوح بين خمسة إلى ستة آلاف لاجئ، أي أنها استقبلت وحدها ما يزيد على عدد اللاجئين الذين استقبلتهم الولايات المتحدة الأميركية· ولمواجهة هذا التدفق الكبير، لجأت بلدية الضاحية إلى توظيف 70 موظفاً جديداً، ينحصر عملهم في مساعدة اللاجئين على الاندماج في المجتمع المحلي؛ وبسبب عجز معظم اللاجئين عن الحصول على عمل، عادة ما ينتهي بهم الأمر إلى الاعتماد على الإعانة المالية التي تقدمها لهم الرعاية الاجتماعية، ما يعني ممارسة المزيد من الضغط على ميزانية الضاحية، وبسبب النقص الحاد في السكن، فربما يضطر حوالي 20 من اللاجئين لاقتسام شقة واحدة، بينما فاضت الفصول الدراسية بطلابها وتلاميذها، وكما يقول ''أندرز لاجو'' -عمدة الضاحية- فإن هناك صراعاً ومعاناة في كل شيء يتعلق بتوفير الحياة اللائقة بهذا الكم الهائل من اللاجئين، هذا ولا تزال السويد تواصل ممارسة الضغوط على الاتحاد الأوروبي في سبيل اقتســام هذا العبء الكبير معهــا، ولكن دون أن تحقق نجاحاً يذكر في مسعاها· ماريا بليك- السويد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©