الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختطاف الديمقراطية

29 ابريل 2008 23:42
على مدى السبع سنوات الأخيرة قامت مجموعة صغيرة خرقاء ومتطرفة داخل الحزب الجمهوري، باختطاف الديمقراطية في أميركا بمساعدة وتحريض من وسائل الإعلام، والمشكلة الأساسية لا تكمن في تحيز ''فوكس نيوز'' أو البرامج المتعصبة التي تبثها محطات الراديو، بل في وسائل الإعلام المعتمدة والأكثر انتشاراً في الساحة التي تبنت الخط اليميني وجعلته يتسيد النقاش السياسي في الولايات المتحدة، والنتيجة أن هذا الخطاب اليميني المتشدد أصبح جزءاً من التركيبة الجينية لوسائل الإعلام الأميركية· ويبدو أن ''سي·إن·إن'' امتنعت عن الاستعانة بخبراء الدعاية والخداع من أمثال ''كارل روف'' فقط لأنه كان منشغلا مع مجلة ''نيوزويك'' أو ''بيل كريستول'' لأنه كان منكباً على عموده في صحيفة ''نيويورك تايمز''، وبالطبع كان هناك صحافيون آخرون لهم صلات بالبيت الأبيض مثل ''ويليام سفاير''، وجورج ستيفانوبولوس'' استطاعوا القفز إلى شاشات التلفزيون، لكن الفئة الأولى من المعلقين تظل الأكثر خبرة في أساليب الدعاية وفنون الخداع والتلفيق، وبإقدام وسائل الإعلام الرئيسية على احتضانهم فهي تبرز فقط مدى حقدها على نفسها ورغبتها في التكفير عن ليبراليتها التي تحولت من تصور فكري إلى تهمة يتعين الاعتذار عليها، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو، هل أذعنت وسائل الإعلام كلياً إلى صفة ''الليبرالي'' التي لا يتوقف الجمهوريون عن توجيهها إليهم؟ وحتى لا نخدع أنفسنا فإن ''روف'' و''كريستول'' و''سنو'' هم أعداء الحقيقة والشرف بامتياز ومن واجبنا إطلاع الرأي العام على هؤلاء الذين يساهمون في صياغة مواقفهم، فقد بلغ التزام ''روف'' بالكذب والخديعة حداً أسطورياً، بل إن مشواره المهني كمسؤول في الحزب الجمهوري يقوم على الكذب، أما ''بيل كريستول'' فهو أمير المحافظين الجدد المتوج، ويكفي التذكير أن ''كريستول'' كان أحد المحرضين الأوائل على الحرب في العراق من خلال منبره كصحافي في مجلة ''ويكلي ستاندارد''، ومازال يروج لما يسميه بالتقدم الحاصل في العراق على عكس الواقع، لكن ومع ذلك كوفئ في عامي 2006 و2007 بتخصيص عمود له في مجلة ''التايم'' واسعة الانتشار، فضلا عن منابر إعلامية أخرى يشارك فيها بكتاباته اليمينية، واليوم تنضم ''سي·إن·إن'' إلى جوقة المتلهفين على خبراء الكذب والخداع بفتحها المجال أمام ''توني سنو'' ومنحه الميكروفون ليواصل نفث الافتراءات والدعاية· هل أصيبت وسائل الإعلام بحالة جماعية من فقدان الذاكرة؟ ألا يتذكرون تلك العلاقة الملتبسة التي جمعت ''توني سنو'' مع الحقائق عندما كان متحدثاً رسمياً باسم الرئيس ''بوش''؟ فالمشكلة في النهاية ليست في ''سنو'' وأمثاله، بل في المنابر التي وظفته وأسباب ذلك، فالمعروف أن الشرط الضروري بالنسبة لأي معلق إعلامي هو المصداقية، بحيث يحتاج المشاهدون إلى الوثوق بما يسمعونه من آراء، وبأنها ليست مجرد حملة علاقات عامة تم طبخها في دهاليز البيت الأبيض لحجب الحقائق، والواقع أن الكذب والتلفيق كانا الاختصاص الذي برع فيه ''توني سنو''، بالإضافة إلى إنكاره الدائم للحقائق، ما أهله لاحتلال مرتبة متقدمة في صفوف المحافظين الأكثر صلفاً في الإدارة الأميركية· فعندما وصل عدد القتلى الأميركيين في العراق إلى 2500 جندي في شهر يونيو 2006 علق ''سنو'' على الخبر باستخفاف قائلا: ''إنه مجرد رقم''، وعندما أُعلن بأنه لكي يُرسل المزيد من الجنود إلى العراق، رد بنوع من التعالي ''وهل هناك من صحراء أفضل للجنود الأميركيين من العراق ليتدربوا فيها''، وقد أظهر ''سنو'' موهبة خاصة في التضليل وقلب الحقائق برزت بشكل واضح في أغسطس 2006 عندما تسببت موجة من الانفجارات في قتل 3400 عراقي من المدنيين، حينها أصر على إنكار وجود حرب أهلية، معتبراً أن ما يجري هو فقط حالات متفرقة من العنف الطائفي''، وفي ديسمبر 2006 حاول ''سنو'' الالتفاف على تقرير ''مجموعة دراسة العراق'' الذي وجه انتقادات للإدارة الأميركية، وذلك بإصراره على أن التقرير ينسجم مع ''أهداف'' بوش في العراق، وعندما لفت أحدهم انتباهه إلى أن التقرير أشار إلى فشل سياسات الإدارة الأميركية في العراق رد قائلا ''كلا، ما قاله التقرير هو أنه علينا وضع سياسة جديدة''، ويبدو أن نبوءة ''فلاديمير لينين'' ستتحقق عندما قال مرة: ''سيسلمنا الليبراليون الكارهون لأنفسهم ميكرفوناتهم لنضربهم بها''· أريانا هوفينجتون كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©