الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاهدون يلعبون «إعلام» !

26 فبراير 2011 20:43
رغم اختلافنا مع بعض الفضائيات الإخبارية التي تتعاطى مع الأحداث بأجندات خاصة أو عامة، وإضفاء مزيد من الإثارة عليها، واللهث خلف سبق إعلامي حتى لو كان فاضحاً أو مؤذياً لمشاعر المشاهد، إلا أن البعض يرى أن هذا النوع من الإعلام قد فرض نفسه على الساحة، وبات يسير جنباً إلى جنب بجوار الإعلام الجاد، الذي يكشف الحقائق جلية أمام الرأي العام بعيداً عن سوء النوايا أو تحقيق مكاسب زائفة تضعه في خانة الإعلام المغرض. فالمشاهد قد ينزلق بعقله خلف شائعة أو خبر غير دقيق، أو معلومة مغلوطة، عبر إحدى شاشات الفضائيات التي اعتمدت “سكب الزيت على النار” كأسلوب ونهج تتبعه إدارة هذه القناة أو تلك لتحقيق أهداف ما تسعى لإنجازها، ولكن مع ضغطة زر على الريموت من جانب المشاهد، يمكنه أن يتحول إلى قناة أخرى لعلّ وعسى يمسك بخيوط الحقيقة ويصل إلى المعلومة الصحيحة ويقتنع بها، وبذلك لا تمثل الفضائيات المغرضة الخطر الحقيقي على رجل الشارع، نتيجة الشكوك التي تحوم حولها، ولطالما أن هُناك مصادر أخرى للخبر يمكن متابعتها للإمساك بدقة المعلومات وصدقها. ووسط الأحداث الساخنة التي تجري في بعض بلدان وطننا العربي، والتي تحوَّلت إلى حركات شعبية ضد الأنظمة الحاكمة من تونس إلى مصر إلى ليبيا واليمن فالعراق وغيرها، وجدت بعض الفضائيات الإخبارية من هذه الأحداث أرضاً خصبة لبث سمومها في عقول بعض الشعوب، وكأنه نوع من الانتقام من نظام ما، بعيداً عن الحيادية المعروف به العمل في الفضائيات، لدرجة أن بعض هذه الفضائيات قد تسببت في سوء علاقة دول ببعضها. والطريف أن بعض الأنظمة التي تواجه احتجاجات وتظاهرات شعوبها بالقمع والشدة وأحياناً العنف، لم تجد وسيلة ناجعة لمنع وصول الأحداث الجارية إلى شاشات الفضائيات، خاصة وسط انتشار الهواتف النقّالة التي تحوَّلت بفعل التكنولوجيا إلى كاميرات لديها القدرة على تصوير الأحداث مباشرة دون عناء، ورصد كل ما يحدث بالصوت والصورة. ومع تضييق الخناق على بعض الفضائيات، ومنع مراسليها من مزاولة أعمالهم، وأحياناً غلق مكاتب قنوات في بعض الدول وطرد فريق عملها خارج حدود الأوطان، لجأت هذه الفضائيات إلى توفير خدمة استقبال “الفيديوهات” التي يقوم بتصويرها المشاهدون في جميع أنحاء العالم العربي، وإرسالها إلى الفضائيات لعرضها على الشاشات في تعاون غير مسبوق بين الفضائيات ومشاهدين يحاولون فضح الممارسات القمعية ضد رجل الشارع، وبذلك نجحت التكنولوجيا الحديثة، التي تفوق الخيال، وتخرج علينا كل يوم بجديد في عالم الاتصالات، في توفير مادة خصبة عبر الهواتف من خلال هذه الفيديوهات التي يتم تسجيلها خلسة في الشوارع والميادين لتنقل الحدث من دون رتوش للرأي العام. وبذلك نجح الإعلام المرئي في انتزاع حريته بفضل التكنولوجيا، ولم يعد يُبالي بما يتعرَّض له من سياسة المنع المتبعة ضده في بعض الدول، وكأن المشاهدين في كثير من المناطق الساخنة قد تحولوا إلى مراسلين “سريين” يدوِّرون كاميرات هواتفهم لرصد الأحداث الساخنة، لنراها على الشاشة بعد ثوان معدودة، لتسهم التكنولوجيا من دون قصد في سقوط بعض الأنظمة التي تقهر شعوبها، وتمنع عنه نسمات الحرية. سلطان الحجَّار soltan.mohamed@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©