الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الامتحان الكبير

6 ابريل 2010 22:10
الاهتمام بالانتخابات السودانية (التي ستنطلق أيام 13-12-11 أبريل) له أسبابه ومبرراته بالنسبة للمجتمع الدولي عامة، وللدول الأفريقية متمثلة بالاتحاد الأفريقي... والانتخابات السودانية بالنسبة للمجتمع الدولي تأكيد لعملية السلام وإنهاء لتداعيات الحرب الأهلية السودانية، وهي أطول الحروب الأهلية التي شهدتها القارة الأفريقية في القرن العشرين. فهذه الحرب بدأت بتمرد الفرقة الاستوائية المعسكرة في "توريت" عام 1955 هي إحدى كبريات المآسي الإنسانية، حيث ظل السودانيون بعدها يتقاتلون لعقود من الزمن. ولم يبدأ الاهتمام العالمي بما عُرف بالقضية السودانية، إلا بعد مفاوضات أديس أبابا بين النظام القائم آنذاك في الخرطوم وحركة "أنانيا الأولى"، التي رعاها المجلس العالمي للكنائس والامبراطور هيلاسيلاسي، والتي تمخضت عنها اتفاقية أديس أبابا، والتي كانت أول اعتراف من حكومة سودانية بحق مواطنيها الجنوبيين في إدارة شؤون الحكم في إقليمهم، الذي يمثل ثلث السودان، والذي يزخر بالثروات الطبيعية والمياه الغزيرة والأرض الصالحة للزراعة والرعي. تطورات الحرب الأهلية ما بين سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي، وما خلفته من نزوح ولجوء ومجاعات إلى جانب ما فقد فيها من أرواح وما أهدر فيها من ثروات، تعطلت أثناءها مشروعات التنمية والتطور، وحولت السودان الذي كان موعوداً بأن يكون "سلة غذاء العالم" إلى بلد المجاعات والتصحر والجفاف. تلك الحرب التي أثرت نتائجها المأساوية على كل أقاليم السودان لم يولها المجتمع الدولي الاهتمام المعروض عليه من الوقت المناسب. المهم أنه ومنذ أن تدخلت الولايات المتحدة وتوسطت بين سلطة "الإنقاذ" والحركة الشعبية لتحرير السودان بناء على طلب "الإنقاذ"، تحركت عجلة المفاوضات وتولت مجموعة "الإيقاد"والولايات المتحدة، ودارت المفاوضات في الضاحية الكينية بنيفاشا التي دخل اسمها التاريخ فيما عرف باتفاقية نيفاشا التي أنهت الحرب، وبدأت عمليات التحول الديمقراطي وفقاً لخطة ومشروع وضعه "خبراء" في الولايات المتحدة أساساً وفي عواصم أخرى. وهذه الانتخابات التي ستجرى بعد أيام، هي أولى ثمار عملية التحول الديمقراطي الذي التزم به وقبله نظام "الإنقاذ"، ورغم كل ما صحب العملية الانتخابية، بدءاً من إحصاء سكان السودان ثم تسجيل الناخبين، من شكوك واتهامات مبررة، ورغم إصرار السلطة القائمة على إجراء الانتخابات في موعدها، الذي حددته اتفاقية نيفاشا، رغم أن الحرب الدائرة في دارفور والقلاقل والمشاكل والاقتتال المتقطع في الجنوب، فإن المجتمع الدولي الذي أنفق على عملية سلام السودان عدة مليارات من الدولارات، لم يستطع أن يتوصل إلى لُب وجوهر الأزمة السودانية المزمنة، والتي نشأت مع قيام دولة السودان المستقل، وقد ظل وما يزال همه أن يرى نهاية لما عرف بحرب الجنوب-الشمال. السودانيون الذين يتطلعون لبزوغ شمس الديمقراطية والحرية التي حرمتهم منها سلطة "الإنقاذ"، يحاولون حتى اللحظة استعادة سيرة ومسيرة تاريخهم مع الانتخابات الديمقراطية منذ أول انتخابات شهدتها البلاد في عام 1955، والتي تمت تحت إشراف دولي نزيه. لقد شهد العالم كله للسودانيين يومذاك سلوكهم الديمقراطي الحضاري وهم يمارسون حقهم في انتخاب أول حكومة وطنية لبلادهم، فلم تشهد البلاد أي حوادث عنف أو اقتتال بين القوى السياسية المتنافسة، ولم تسجل مضابط لجنة الانتخابات الدولية برئاسة القاضي الهندي سوكوماسن، أي حوادث تزوير أو تلاعب بالنتائج، كما جاء في تقريرها الختامي. وأنظار العالم تتجه صوب السودان هذه الأيام، فإن المرء يأمل ويرجو أن يقدم السودانيون حكاماً ومحكومين، تجرية متميزة للعالم وأن يتم التنافس -برغم ما كان- الشريف وأن لا يتيحوا لدعاة العنف والفوضى فرصة تفسد عليهم فرحتهم، لو جرت الانتخابات "بنزاهة وحرية وشفافية". السودان عانى من بعض أبنائه أكثر مما عانى من أعدائه، وقد آن الأوان أن يعود للشعب السوداني على الٍأقل، الاستقرار والأمن والسلام، فالانتخابات هي ليست نهاية المطاف، فأمام البلاد قضايا كبرى في مقدمتها قضية المصير بالنسبة لجنوب السودان. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©