الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة التقشفية... تثير استياء اليونانيين

26 فبراير 2011 21:08
يبدو أن تداعيات الأزمة المالية اليونانية لم تنته بعد، فالسياسات التي يتم انتهاجها لاحتواء الأزمة، لم تلق قبولاً من الشارع، مما يثير تساؤلات حول الطريقة المثلى للخروج من هذا المأزق الذي امتدت أصداؤه إلى الساحة الأوروبية. وضمن هذا الإطار، خرج المتظاهرون إلى شوارع أثينا يوم الأربعاء الماضي واصطدموا في مواجهات خطيرة مع الشرطة التي واجهت المسيرات الاحتجاجية بالعصي والقنابل المسيلة للدموع في محاولة لتفريق جموع المتظاهرين اليونانيين المحتجين على الإجراءات التقشفية التي تبنتها الحكومة في أثينا والتي أثرت على نوعية الخدمات التي تقدمها للمواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المواجهات قد اندلعت بعد المسيرة الكبيرة التي نظمها المحتجون وسط العاصمة أثينا، وشارك فيها الآلاف من العمال الذين خرجوا للتعبير عن رفضهم للتدابير التقشفية التي فرضها عليهم الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل المساعدات التي تلقتها اليونان لإنقاذ اقتصادها المتهاوي بعدما عجزت عن سداد ديونها المتضخمة، وتعكس المظاهرات الكاسحة التي انطلقت من اليونان الصعوبات التي تواجهها البلدان المتبنية لسياسات شد الحزام والتأثير السلبي لذلك على جموع المواطنين الذين فقدوا الكثير من الامتيازات الاجتماعية وتراجعت مداخيلهم. ويتخوف المراقبون من أن تتوسع رقعة الاحتجاجات لتمتد إلى بلدان أوروبية أخرى تعاني من الأزمة الاقتصادية الخانقة وتنتهج نفس السياسات التقشفية مثل البرتغال وأيرلندا. هذا وقد جاءت المظاهرات اليونانية استجابة للدعوة التي أطلقتها الاتحادات العمالية الرئيسية في البلاد لتنظيم إضراب ليوم واحد أدى إلى شل قطاعات مهمة من الاقتصاد مثل النقل العام وغيرها وعطل مرافق اقتصادية وخدمية مهمة دفعت الكثير من المواطنين إلى المشاركة في المسيرة. وفي العاصمة أثينا اعتقلت الشرطة عشرين متظاهراً تعرض خمسة منهم لجروح بسبب المواجهات مع الأمن، الذي يبدو أنه تعامل بقسوة مع الشباب المتظاهر بعدما رفض الامتثال لدعوات فض المسيرة والعودة إلى بيوتهم، فرد رجال الشرطة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع في محاولة لمنع المحتجين من الاقتراب من البرلمان ووزارة المالية المجاورة التي يحملها اليونانيون الضائقة المالية التي يمرون بها. وفيما توسعت الاحتجاجات شاركت قطاعات عديد من العمال كان من بينها فرقة موسيقية خرجت تعزف على آلاتها احتجاجاً على الوضع بالإضافة إلى رياضيين يركبون دراجات هوائية. وعندما اشتد التدخل الأمني اضطرت القطاعات العمالية المختلفة إلى الفرار تجنباً للاعتقال أو التعنيف، وفي خضم ذلك شوهدت جماعات من السياح تحاول الابتعاد عن مكان المظاهرة فيما تصاعدت أعمدة الدخان في أنحاء من العاصمة بعدما أضرم المتظاهرون النار في عدد من المحلات والسيارات، وقد شارك أيضاً في المظاهرات جماعات فوضوية تضع أقنعة على وجوهها وترتدي كوفيات مخططة بالأبيض والأسود، حيث ألقى أحدهم بزجاجة حارقة على الشرطة لتمسك النيران في أحدهم قبل أن يسارع زملاؤه لإنقاذه وتقديم الإسعافات الأولية ونقله إلى المستشفى. وعن هذه المظاهرة الحاشدة التي تشهدتها وسط العاصمة أثينا قال مشارك ينتمي إلى نقابة الموظفين الحكوميين المعروفة في اليونان باسم "أديدي": "ليست هذه المسيرة سوى البداية التي سيعقبها احتجاجات أخرى لأننا نرفض السياسات التي تدفع الأسر وأصحاب المعاشات إلى الفقر وترفع معدل البطالة كما تعوق عودة الاقتصاد إلى النمو". وبسبب الإضراب الذي أعلنت عنه الاتحادات النقابية الكبرى في البلد تعطلت حركة الطيران بعد إلغاء أكثر من مائة رحلة وتعليق الرحلات عبر البحر، وقد انضمت إلى الإضراب الأطقم الطبية في المستشفيات التي خلت إلا من قلة قليلة من الأطباء، فضلاً عن مشاركة العديد من الصحفيين في مؤسسات إعلامية كبرى في الإضراب لعدم تقبلهم السياسات التقشفية التي تعتمدها البلاد، بل حتى المواقع الأثرية المهمة التي تأُمها أعداد غفيرة من السياح تم إغلاقها في وجه الزوار حتى لا تتعرض للتخريب.وفي إطار المساهمة الدولية لاحتواء الأزمة المالية اليونانية، تلقت أثينا 146 مليار دولار كقروض لإنقاذها من الإفلاس من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي شريطة الالتزام بمجموعة من الإجراءات القاسية مثل خفض الرواتب ومراجعة السياسة الاقتصادية للبلاد لإعادة إنعاش مالية الدولة، لكن البطالة في اليونان ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة لتصل إلى 9.13 في المئة وانكمش الاقتصاد بنحو 5.4 في المئة خلال السنة الماضية، ليكرس حالة الركود التي دخلتها اليونان منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية. والأكثر من ذلك توقعت جمعية تجارة التجزئة في اليونان أنه ما لا يقل عن 120 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم ستغلق أبوابها مع نهاية السنة الجارية بسبب الإفلاس، وهو ما سيحرم خزينة الدولة من عشرة مليارات دولار من الضرائب، ويتخوف اليونانيون من أن يفضي هذا التراجع الاقتصادي إلى المزيد من إجراءات التقشف، وهو ما يحذر منه "سوتيريس مارتاليس"، المدرس وقائد نقابي بارز قائلاً: "إننا محبطون للغابة ونحن أشبه اليوم بمرجل يغلي قد ينفجر في أي وقت، وإذا استمرت النار والضغط فقد تشتعل النيران مثل تونس ومصر". أنتي كراسافا أثينـا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©