الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المديرون الأكفاء.. ونموذج المدارس الرائدة

15 مارس 2018 01:43
ربما يكمن الحل الأمثل لكل المشاكل التي نعاني منها في فرصة أتيحت في مكان ما من وطننا، ولكننا ارتكبنا حماقة كبرى عندما أغفلنا استغلالها ونشر الفائدة المرتجاة منها. وأنا أتحدث هنا عن إدارة المدارس الرائدة. وإذا أردت أن تأخذ فكرة عن طريقة تطوير مدارس المدن، فيمكنك أن تلقي نظرة سريعة على الإنجازات التي حققتها ولايات واشنطن ونيو أورليانز وشيكاغو في هذا المجال. ومنذ عام 2011، تضاعف معدل التخرج من مدارس شيكاغو الرسمية بنحو أربع مرات عن المعدل العام للتخرج على المستوى الوطني وبحيث بلغ الآن 77.5 بالمئة ارتفاعاً من 56.9 بالمئة في ذلك العام. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة طلاب شيكاغو المنتسبين إلى معاهد الدراسات العليا لمدة سنتين أو أربع سنوات بعد التخرج من المدارس الثانوية إلى 63 بالمئة عام 2015 ارتفاعاً من 50 بالمئة عام 2006. وعمد الباحث «شين ريردون» من جامعة ستانقورد لإجراء دراسة مقارنة حول نتائج الاختبارات المدرسية على المستوى الوطني بين تلاميذ الصفوف التي تمتد بين الصف الثالث والثامن الابتدائي، فوجد أن تلاميذ شيكاغو كانوا يحققون تطوراً في التحصيل المدرسي بأسرع مما يحققه تلاميذ كل المدارس الأخرى في الولايات المتحدة. ويضاف إلى ذلك أن مدارس شيكاغو تمكنت من تخفيض مدة الدراسة في مرحلة التعليم الابتدائي من ست إلى خمس سنوات عن طريق اتباع أساليب «التمدرس المُنتج». وتُعتبر هذه الإنجازات دليلاً على أن التركيبة السكانية لا تمثل العامل الحاسم في هذا المجال لأننا نشهد الآن نتائج تمدرس سيئة في الولايات المجاورة لشيكاغو والتي لا تساهم فيها المدارس بتشجيع التلاميذ على تحقيق مثل هذه النتائج الجيدة. فما الذي تفعله شيكاغو لتحقيق هذا النجاح؟ لنتذكر هنا بأن معدل درجات الاختبارات لم تتوقف عن الارتفاع في شيكاغو منذ عام 2003، ثم إن شيكاغو تتميز بثقافتها المحلية الثريّة، وتتلقى فيها مراكز البحوث الدعم من جامعة شيكاغو العريقة، ومن الإدارات الرائدة والمدراء المتفوقين في التخطيط التربوي فضلاً عن المساهمة الفعالة لحاكم الولاية «رام إيمانويل». وقامت الولاية بتوسيع مجالات «التعليم المبكّر» وتبنّت فكرة إقامة روضات الأطفال ذات الدوام النهاري الكامل. وبعد إضراب مثير للجدل نُظم عام 2012، قرر «إيمانويل» زيادة مدة الدوام اليومي في المدارس ولكن بعد أن أكّد هو وبعض الخبراء في قضايا التمدرس على قضية مهمة تتعلق بكفاءة المدراء. ولقد قضينا وقتاً طويلاً خلال العقود القليلة الماضية، ونحن نتجادل حول الأساليب المثلى لإعادة هيكلة المدارس، وأهدرنا الكثير من الجهد والوقت في محاولة مساعدة المعلمين. ولكننا اكتشفنا أن مهمة التطوير والتغيير الهيكلي وتحسين الكفاءات المهنية للمعلمين، لا يمكن الذهاب بها بعيداً إلا بتوفير المدراء الأكفاء. وعمد باحثون من جامعة مينيسوتا وجامعة تورنتو لدراسة كفاءة التعليم في 180 مدرسة تتوزع على تسع ولايات وتوصلوا إلى الاستنتاج التالي: «لم نعثر حتى على حالة واحدة لتطوير مستوى التحصيل المدرسي للتلاميذ في غياب الإدارة القيادية المدرسية الموهوبة». فما هي المهمة الحقيقية التي تقع على عاتق مدراء المدارس؟ والجواب هو أنهم هم الذين يضعون الأسس التي تقوم عليها الثقافة. وقام باحثون آخرون بدراسة تركز على الدرجات التي يحققها نصف مليون تلميذ من 72 دولة في الاختبارات، فوجدوا أن مستوى التطور الذهني للتلاميذ يسمح لهم بتحقيق ضعف القدرة على التحصيل المدرسي المتوقعة من بيئتهم العائلية والسكانية. فكيف ينظر التلاميذ لأهمية تمدرسهم، وكيف يفهمون معنى الحوافز؟ وهل يمتلكون عقليات متطورة إلى الحدّ الذي يجعلهم يفهمون معنى وأهمية التفوّق الدراسي؟ على عاتق مدراء المدارس وحدهم تقع مسؤولية غرس هذه المفاهيم في عقول التلاميذ من خلال سلوكياتهم الإدارية المنتجة. ويمكن القول بكلمة واحدة أن هذه الرسالة تتلخص بشخصية المدير. ووجدت دراسة أخرى أن الوقت اللازم لإعداد مدير مدرسة ذي كفاءة عالية يتراوح بين خمس وسبع سنوات. إلا أن معظم المدراء المتدربين يشعرون بالإحباط ويتخلون عن المهمة قبل استكمال السنة الرابعة أو ما دونها من التدريب. وفي هذا المجال أيضاً، حققت شيكاغو معدل مواظبة على التدريب للمدراء أعلى مما حققته أي ولاية أخرى وبلغ 85 بالمئة. ويتلقى المدراء كل أشكال الدعم والتدريب، ويتمتعون باستقلالية اتخاذ القرارات. وإذا كنت قد أثبتّ جدارتك في إدارة مدرسة لعامين متتاليين، فسوف يتم إعفاؤك من جولات التفتيش اليومية التي يقوم بها المكتب التربوي المركزي. إلا أن الأمر المهم يتعلق بتعزيز دور المدراء وبحيث يتركز الهدف على إعطائهم صلاحيات المدراء التنفيذيين الذين يحددون الميزانيات ويسهرون على فرض النظام ويتكفلون بوضع الأسس الفعالة التي يقوم عليها التخطيط التربوي. وأصبح مدراء المدارس الناجحون يرصون اليوم على الترحيب بأولياء أمور التلاميذ على بوابات المدارس الخارجية. ووجدت دراسة حديثة أجريت في ولاية مينيسوتا أن المدراء الناجحين كانوا يقومون بما بين 20 و60 زيارة تفقدية مفاجئة إلى صفوف التدريس كل أسبوع من أجل الاطمئنان على سير العملية التربوية على الوجه الأمثل. *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©