السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان: السكان في مواجهة «طالبان»

باكستان: السكان في مواجهة «طالبان»
9 يونيو 2009 00:06
بينما يواصل الجيش الباكستاني حملته العسكرية ضد قوات «طالبان» في منطقة وادي سوات، عمد مئات القرويين في شمال غرب البلاد المضطرب إلى حمل السلاح ضد المتمردين، وشكلوا مليشيات لمحاربة «طالبان» انتقاماً من التفجير الذي استهدف أحد مساجد المنطقة يوم الجمعة الماضي وأسفر عن مقتل 40 شخصاً على الأقل. وينظر البعض إلى انتفاضة السكان المحليين باعتبارها جزءاً من حرب محلية متواصلة، في حين يصف آخرون الخطوة باعتبارها تغيراً في مشاعر الجمهور تجاه «طالبان»، شجعت عليه النجاحاتُ التي حققها الجيش ضدها خلال الآونة الأخيرة. وفي هذا الإطار يقول محلل الشؤون الأمنية محمود شاه، وهو حاكم سابق للمناطق القبلية في باكستان: «عندما يتحرك الجيش ويدخل المنطقة مثلما فعل، فإنك سترى في مرحلة ما الناس يستجمعون قوتهم وشجاعتهم ويقفون في وجه هؤلاء الأشخاص»، مضيفاً «أعتقد أن البلد خلص إلى ضرورة طرد هؤلاء المقاتلين من الأراضي الباكستانية، وضرورة معاقبتهم». وقد تكون الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش الباكستاني ضد مقاتلي «طالبان» لطردهم من منطقة وادي سوات هي بالضبط التي تدفع السكان المحليين إلى ملاحقتهم في منطقة وادي دير، وهي نقطة عبور بين سوات وأفغانستان. وفي هذا السياق يقول إكرام سيجال، ناشر دورية «دفانس جورنال»: «لقد عبَر بعض أفراد «طالبان» (الفارين) الحدود. والذي حدث هو أن السكان المحليين لا يريدون أن تتحول تلك المنطقة إلى مسرح للحرب. وهكذا، تكاتف السكان المحليون ووحّدوا صفوفهم وأمسكوا بزمام الأمور بأنفسهم»، مضيفاً: «وأعتقد أنه أمر مهم كون إحدى الطرق التي قد يفر منها عناصر طالبان قد أُغلقت، وهو ما سيساعد الجيش على التركيز على (طرق الهرب) الشرقية». وحسب مصادر إخبارية محلية، فإن نحو 1500 من السكان المحليين في العشرات من القرى والبلدات، بعضهم يهتف «إن باكستان صحَت» ويرفع البنادق والرشاشات، يحاربون نحو 250 مقاتلا من عناصر «طالبان». كما طلب السكان المحليون من الجيش أن يتدخل ويهاجم الأماكن التي يتحصن فيها أفراد «طالبان» بطائرات الهيلوكبتر. وفي رد فعله، رحب الجنرال آثار عباس، المتحدث باسم الجيش الباكستاني، بالمبادرة باعتبارها «خطوة إيجابية»، مضيفاً «إن الناس قد انتفضوا، ولديهم كل الحق لينتفضوا ضد هؤلاء المتطرفين ويطردوهم من المنطقة بعد المأساة التي حدثت». أما أحمد رشيد، وهو صحفي مرموق ومؤلف كتاب «الانزلاق إلى الفوضى» (Descent into Chaos)، فيرى أن المليشيات المناوئة لـ«طالبان» في الماضي كانت تبلي بلاء حسناً في البداية قبل أن تفشل في الأخير بسبب نقص الدعم الحكومي، وعن ذلك يقول: «إن السؤال الحقيقي هو: هل سيدافع الجيش عن السكان ويعرف كيف يستفيد من تنامي غضب الجمهور. الواقع أن الجيش حتى الآن فشل للأسف في الدفاع عن الناس. وبالتالي، فالمطلوب هو استراتيجية لتشجيع مقاومة السكان المحليين للمتطرفين ثم دعمها». أما الجنرال عباس، فلم يشأ التعليق حول ما إن كان الجيش يعتزم التدخل بشكل مباشر في المنطقة أم لا، علماً بأن دير العليا ليست جزءاً من المسرح الحالي للحرب مع «طالبان» المتمركزة في منطقة وادي سوات. غير أنه أشار إلى أن قوات الحدود -وهي قوات شبه عسكرية محلية- قد تهب لمساعدة ودعم السكان. وقد بدأت المليشيا التي شكّلها السكان هجومها يوم السبت، كما أفادت صحيفة «ذا نيوز» المحلية الناطقة باللغة الإنجليزية، حين هاجم رجال مسلحون من ثلاث بلدات في منطقة «هايا جي» في دير العليا ست بلدات في «دوك دارا» كانت تأوي مقاتلين أفغاناً. وحسب تقارير إعلامية، فقد قُتل حتى كتابة هذه السطور 11 مقاتلا على الأقل، من بينهم أجانب، وسط معارك شرسة، فيما تم تدمير عدد من المخابئ في وقت ما زالت فيه المعارك متواصلة. غير أن الصحفي المخضرم رحيم الله يوسف زاي، مدير مكتب صحيفة «ذا نيوز» في بيشاور، يعتقد أن الحرب أكثر محلية، حيث يقول: «هذا موضوع محلي فقط -وقد تحول إلى هجوم ثأري»، لافتاً إلى أن السكان المحليين كانوا منزعجين ومتضايقين من مجموعة تضم خمس بلدات تأوي عناصر من «طالبان»، وكانوا يخشون أن تصبح البلدات المجاورة هدفاً لهجمات طائرات «درون» الأميركية نتيجة لذلك. وحسب يوسف زاي، فإن البلدات المعادية لـ«طالبان» كانت قد قاطعت البلدات الموالية للحركة؛ وكان حادث التفجير الانتحاري الذي استهدف المسجد -والذي يرجح أن يكون رداً من «طالبان» على المقاطعة- بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وتشير تقارير إعلامية أخرى إلى أن رؤساء القبائل، الذين كانوا موجودين في المسجد الذي تعرض للهجوم، كانوا يخططون منذ بعض الوقت لتشكيل هذه المليشيا قبل الهجوم. واليوم، باتت البلدات الثلاث المتبقية التي تأوي عناصر من «طالبان» محاصَرة، كما يقول يوسف زاي، الذي يضيف: «عليهم أن يغادروا المنطقة، أو يستسلموا، أو يرغموا عناصر طالبان على الرحيل». عصام أحمد - لاهور ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©