السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين.. ودول البلطيق

10 مايو 2016 23:45
الشهر الماضي، حلّقت مقاتلات روسية غير مسلحة على ارتفاع 30 قدماً فقط من مدمرة أميركية في بحر البلطيق، كما قامت بحركة استعراضية خطيرة أمام طائرة استطلاع أميركية فوق ذاك البحر بدت فيها على مسار تصادمي معها قبل أن تقوم بتغيير اتجاهها في آخر لحظة. هذه الحركات كانت عبارة عن رسالة من موسكو تؤشر فيها على استيائها المستمر من دول البلطيق الثلاث ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا التي كانت من الخفة والتهور، بحيث انضمت إلى الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، ولكن من غير المقبول أيضاً – من وجهة نظر الكريملن – أن زعماء البلطيق يقدمون مثالاً على كيف يمكن لأوروبا وضع حد لاعتمادها الخطير في مجال الطاقة على روسيا، اعتماد ما فتئت موسكو تستعمله بذكاء للتأثير على السياسيين الأوروبيين. وقد أوضح نائب السفير الليتواني «ميندوغاس زيكوس» في مقابلة معه الأسباب الاستراتيجية التي تستوجب رداً حازماً من جانب الحلف حيث قال: «إن استراتيجية بوتين الكاملة تتعلق باختبارنا»، مضيفاً «إنه يحاول معرفة كيف يمكن لروسيا أن تجدّد عظمتها». الدبلوماسي الليتواني لا يؤمن بالنظرية القائلة بأن بوتين يكتفي بالرد فقط خوفاً من تعرض بلاده لحصار بسبب توسيع عضوية «الناتو لتشمل دول البلطيق إلى جانب عدد من بلدان أوروبا الشرقية والوسطى، ويعتقد أن بوتين كان سيسعى لاستعادة عظمة روسيا القديمة سواء وُسِّع «الناتو» أم لم يوسَّع إذ يقول:«لو لم نكن أعضاء في الناتو، لكان أكثر عدائية ولحاول زيادة نفوذه علينا في كل المجالات». وبخصوص ما يعتقد أن على الحلف القيام به الآن لإقناع بوتين بأن مناورات الكريملن العسكرية الخطيرة يمكن أن تتسبب في مواجهة عسكرية، مواجهة لا يرغب فيها حتى الكريملن نفسه، يوضح «زيكوس» ثلاث نقاط رئيسية. أولاً، الرد على بوتين يجب أن يكون واضحاً جداً، وينبغي أن يشمل من جملة ما يشمله المستوى العسكري الاستباقي، حيث يقول الدبلوماسي الليتواني:«نأمل أن يدرك بوتين أنه من غير المنطقي خوض حرب مع الغرب، ولكنه يريد أن يختبر كل نقطة ضعف ممكنة، ثم إنه لا يعرف إلى أي مدى يمكنه الذهاب في ذلك، ولكنه يقوم بالاختبار». دول البلطيق ترغب في رؤية مزيد من الدعم العسكري الأطلسي، ومن ذلك نشر جنود تابعين للناتو على ترابها بشكل دائم، غير أنها سعيدة بالزيادة المهمة في الأسلحة والمعدات الثقيلة التي يخطط الرئيس الأميركي باراك أوباما للقيام بها في أوروبا الشرقية والوسطى، ومن ذلك نشر كتيبة مدرعة من 4 آلاف و200 جندي. كما أعلن وزير الدفاع الأميركي هذا الشهر أن «الناتو» يبحث أيضاً إمكانية نشر قوة إضافية من 4 آلاف جندي تنشر بالتناوب بين دول البلطيق وبولندا. هؤلاء الجنود لن يتم نشرهم بشكل دائم، وبالتالي، فإنهم لن يخرقوا اتفاقية 1997، ولكنهم سيبعثون برسالة مهمة مفادها أن«الناتو» يقف وراء أعضائه الجدد، غير أنه من غير الواضح ما إن كان ذلك سيكون كافيا لكبح مناورات بوتين الخطيرة. ثانياً، «زيكوس» يقول: إن «الناتو» يجب أن يعرف كيف يتعامل مع حرب بوتين الهجينة، التي تسعى لإضعاف الديمقراطيات الأوروبية بطرق غير القوة العسكرية، حيث تسخّر موسكو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة - التي تصل إلى الأقليات الروسية في البلطيق - للترويج للبروباجندا المناوئة للحلف الأطلسي. وعلاوة على ذلك، فإن روسيا تقوم بتمويل مرشحين سياسيين شعبويين في أوروبا مناوئين للولايات المتحدة ومعارضين لـ«الناتو» وعضوية الاتحاد الأوروبي. وقد دعمت الأموال الروسية في مرات عديدة حركات وأحزاب «الخضر» في أوروبا التي تعارض تقنية «التكسير» قصد استغلال النفط الصخري، الذي يمكن أن يساهم في وقف اعتماد أوروبا على الغاز الروسي. ولعل الأدهى من ذلك أن البلدان الغربية لم تدرك إدراكاً كاملاً خطورة وتأثير مثل هذه التكتيكات الروسية، ولا هي أتت باستراتيجية مضادة ناجحة وفعالة. وهو ما يقودنا إلى النقطة الثالثة: فليتوانيا أظهرت كيف يمكن، وينبغي أن تفطم أوروبا نفسها عن إمدادات الطاقة الروسية. فالعام الماضي، فتح هذا البلد، الذي كان يعتمد اعتماداً كلياً على الغاز الروسي، محطة للغاز الطبيعي المسال في كلايبيدا. وهذا العام، من المرتقب أن يتلقى أكثر من نصف غازه من النرويج. *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©